نفى وزير الخارجية الليبي محمد الدايري بشكل قاطع وجود قوات مصرية أو طيارين مصريين يحاربون إلى جانب قوات الجيش الليبي داخل الأراضي الليبية، كما نفى ما تردد عن قيام طائرات مصرية بقصف مناطق في بنغازي، مؤكدًا أن الجيش الليبي هو الذي يضرب بقدراته الجوية معاقل بعض البؤر الإرهابية في بنغازي وما حولها.
وقال في حديث لوكالة «أنباء الشرق الأوسط» نشرته اليوم الاثنين: «هناك في الواقع تعتيم سياسي على ماهية الدور المصري بل على كل الدور المصري»، مشيرًا إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي قال بوضوح إنه يجب على المجتمع الدولي مساعدة ليبيا في محاربة الإرهاب وهو يقوم بذلك ولكن هناك تعتيمًا على ذلك.
وأوضح أنّ الدعم المصري يتجلى في دعم قدرات الجيش الليبي ولا يتمثل في مشاركة قوات مصرية في عمليات على الأراضي الليبية حتى عن طريق طيارين مصريين، مؤكدًا أن الموضوع يتمثل فقط في دعم قدرات الجيش الليبي وهذا أيضًا هو واجب المجتمع الدولي، والأمر ينحصر في أن مصر تقوم بدورها وننتظر أن يقوم الآخرون كذلك بواجبهم.
وقال الدايري: «إننا ندعو العالم مثلما دعا الرئيس السيسي إلى دعم قدرات الجيش الليبي لمحاربة الإرهاب»، وشدد وزير الخارجية الليبي على أن مصر دولة محورية، وكلما ازدادت مصر قوة زاد ذلك العرب قوة، "ونحن في ليبيا كدولة جارة ولنا حدود مشتركة فإن كل ما يدعم استقرار مصر السياسي ووضعها الأمني يدعم كذلك في الحقيقة الأمن والاستقرار في ليبيا".
وأشاد الدايري بحجم التعاون بين مصر وليبيا خاصة في مجالات الصحة والكهرباء والتعليم، وكذا الدعم الذي تتلقاه ليبيا من مصر في مجال التدريب بالنسبة لعناصر الجيش الليبي على الأراضي المصرية، مشيرًا إلى أن هناك اهتمامًا ببسط الأمن على الحدود المصرية - الليبية وهو ما يصب في مصلحة أمن البلدين.
الدايري: الدعم المصري يتجلى في دعم قدرات الجيش الليبي ولا يتمثل في مشاركة قوات مصرية في عمليات على الأراضي الليبية حتى عن طريق طيارين مصريين
وأضاف: «إن هناك مشاورات على أعلى المستويات مع القيادة السياسية في مصر وأيضًا الزيارات رفيعة المستوى، وهناك إكبار ليبي لهذا الاهتمام المصري ودعم القاهرة الشرعية الليبية ودعم الوطن والشعب الليبي»، وقال الدايري: «إننا نلمس الاهتمام الشديد والمتعاظم والمستمر من جانب الرئيس السيسي بالشأن الليبي وهو ما ظهر بجلاء خلال جولة الرئيس السيسي الأوروبية التي شملت فرنسا وإيطاليا، حيث أثار المسألة الليبية، وأكد أهمية الشرعية في ليبيا، معربًا عن قناعته بأن أهم مسألة أثارها الرئيس السيسي هو دعم قدرات الجيش الليبي في محاربة الإرهاب».
وأشار إلى أن هذا الموضوع لا يحظى بالاهتمام الدولي الكافي بحكم أن هناك اهتمامًا بمناطق أخرى في المنطقة العربية خاصة بالعراق وسورية.
وثمّن وزير الخارجية الليبي قيام الرئيس عبدالفتاح السيسي بطرح موضوع ليبيا على مستوى دول الخليج منذ زيارته الأولى المملكة العربية السعودية حيث تحدث بوضوح عن الشأن الليبي وأمن واستقرار ليبيا ودعم شرعية مجلس النواب منذ ذلك الحين.
الإرهاب في ليبيا
وفي سياق آخر شدّد وزير الخارجية الليبي على أن تنظيم «داعش» بات موجودًا في ليبيا، «ونخشى تعاظم وجوده في المستقبل وهو ما يجعل لزامًا على المجتمع الدولي وليس فقط مصر دعم قدرات الجيش الليبي بالأسلحة والذخيرة والطائرات لمحاربة هذه العناصر الإرهابية».
وقال الدايري: إن دعوة الرئيس السيسي كانت واضحة في هذا الإطار على الرغم من المشاغل التي تمر بها مصر، مضيفًا أنّ «الرئيس السيسي وضع الأمور في نصابها عندما نبه العالم بأن هناك خطرًا آخر محدقًا بالمنطقة بتونس والجزائر ومصر إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه في ليبيا».
وأوضح أنه على الرغم من الاختراقات العسكرية الناجحة التي حققها الجيش الليبي في الفترة الماضية خاصة في بنغازي ولكن هذه النجاحات محدودة وتتطلب دعمًا لإمكانات الجيش الليبي في محاربة الإرهاب.
وعمّا تأمله ليبيا من الاجتماع المقرر الخميس المقبل بالخرطوم لدول الجوار الليبي على المستوى الوزاري، قال وزير الخارجية الليبي: إننا نأمل تنسيق الجهود من أجل التوصل إلى رؤية يتم التفاهم حولها ولا سيَّما أن الاجتماع الأخير لدول الجوار والذي عقد بالقاهرة في الخامس والعشرين من أغسطس الماضي ومنذ ذلك الحين لم يتم عقد أي اجتماع على مستوى وزاري، مشيرًا إلى أن مصر طرحت خلال هذا الاجتماع مبادرة سياسية ونحن نأمل أن يتم التوافق على إطار سياسي يدعم الشرعية الليبية ويدعم أيضًا التوصل إلى حل سياسي في ليبيا خاصة أننا لاحظنا أن هناك نوايا لبذل مساعٍ حميدة أو مبادرات، «ونحن نتطلع إلى الاستماع للأطراف الإقليمية كافة في دول الجوار سواء كانت أفريقية أو عربية».
وشدد الدايري على أن ليبيا تتطلع إلى أنّ يشهد اجتماع دول جوار ليبيا على المستوى الوزاري بالخرطوم توافقًا بين الدول المشاركة حول أسس معينة من دون الخوض في تجاذب لا يخدم المصلحة الوطنية الليبية وقضية ليبيا،
وأكد وزير الخارجية الليبي أن «التجاذب الذي حدث في الأشهر الماضية لا يخدم أحدًا لا هذه الدول المتجاذبة من ناحية ولا قضية ليبيا من ناحية أخرى».
المشهد السياسي
وعرض الدايري في حديثه حقائق وملامح المشهد السياسي والأمني في ليبيا، حيث أكد أن هناك على المستوى الداخلي قضيتين أساسيتين أولاهما: التوصل لحل يفضي إلى بسط سيادة الدولة وإعادة الاستقرار السياسي والأمني إلى ربوع ليبيا، وهو ما يحظى باهتمام الدول العربية وعلى رأسها مصر وأيضًا المجتمع الدولي من خلال المبعوث الدولي إلى ليبيا برناردينو ليون.
وأشار في هذا الصدد إلى أن هناك مسار «غدامس 1» الذي توقف، والآن يسعى المبعوث الدولي ليون إلى إطلاق «غدامس 2»، وهو ينوي حسبما نعرف توسيع إطار المشاركة في هذا المسار التفاوضي بأطراف أخرى غير الأطراف الأولى التي حضرت «غدامس 1» (حضرها 12 نائبًا مقاطعين اجتماعات طبرق و12٢ نائبًا مشاركين في طبرق)، ويذكر أن هناك ثلاثين نائبًا رفضوا المشاركة في اجتماعات مجلس النواب بطبرق وذلك من بين 188 نائبًا فالغالبية الساحقة تحضر اجتماعاته.
وأوضح الدايري أن اجتهاد المبعوث الدولي ليون يرمي إلى إيجاد مسار تفاوضي بين المقاطعين وبين المشاركين في إطار الشرعية، والآن فإن برناردينو ليون يسعى -بناء على ما يبدو أنه اجتهادات دولية وإقليمية- لتوسيع إطار المشاركة في مسار «غدامس» إلى أطراف سياسية أخرى قد تكون فاعلة وقد تفضي إلى حل سياسي.
وأضاف أنه من الناحية الأخرى فإنني أشير إلى بيان مجلس النواب الصادر يوم الثلاثاء 11 نوفمبر المنصرم الذي أشار إلى أنه يدعم الحل السياسي من ناحية ودعمه مسار الأمم المتحدة ممثلاً في برناردينو ليون من ناحية أخرى.
وقال الدايري: إن «هذا البيان كان مهمًا للغاية بالنسبة لنا في الدبلوماسية الليبية».
وأوضح وزير الخارجية الليبي أنه فيما يتعلق بالشق الأمني فإن هناك تحديات تتعلق وللأسف بالإرهاب ويتم عادة الإشارة إليه إعلاميًا وعالميًا من خلال مدينتي بنغازي ودرنة بحكم وجود أنصار الشرعية وجماعات «داعشية» أخرى أعلنت أنها منضوية تحت لواء «داعش» اعتبارًا من الخامس من أكتوبر الماضي، مؤكدًا أن أعلام «داعش» ظهرت (وللأسف) في طرابلس، الأربعاء 19 نوفمبر المنصرم.
وأوضح الدايري أن هذا يدعونا إلى القول بأن التركيز على بنغازي ودرنة فقط أو على جنوب غرب ليبيا مثلما تركز بعض الجهات الغربية هو اجتهاد ضروري ولكنه غير كامل بالنظر لوجود بؤر إرهابية أخرى في غرب ليبيا كذلك، فأنصار الشريعة وللأسف ليست موجودة فقط في طرابلس وفي بنغازي ودرنة ولكنهم موجودون أيضًا في بعض مناطق واقعة في غرب ليبيا.
وزير الخارجية الليبي: اجتهاد المبعوث الدولي ليون يرمي إلى إيجاد مسار تفاوضي بين المقاطعين وبين المشاركين في إطار الشرعية
وأشار إلى أن «أبلغ دليل على وجود الإرهاب في غرب ليبيا كذلك هو ما حدث بالنسبة لخطف دبلوماسيين مصريين وخطف السفير الأردني لمدة طويلة في طرابلس، وأخيرًا في الثالث عشر من نوفمبر الحادث البشع الذي استهدف سفارتي مصر والإمارات وهذه كلها أدلة أخرى على وجود الإرهاب في هذه المنطقة من البلاد».
وأوضح وزير الخارجية الليبي أن تركيز الجيش الليبي ينصب حاليًّا على مدينة بنغازي ولكن هذا لا يعني أن مدينة درنة ستترك جانبًا، ولكن هناك جهدًا سيتم بذله في هذا الصدد، لافتًا إلى وجود اهتمام عربي ودولي بمناطق أخرى في ليبيا يشوبها الإرهاب.
وردًا على سؤال عما إذا كانت هناك جماعات إرهابية داخل ليبيا تتلقى دعمًا إقليميًا ودوليًا بالتمويل والسلاح، أكد وزير الخارجية الليبي محمد الدايري أنّه كانت هناك في السابق دول إقليمية وذات تأثير في منطقة الشرق الأوسط تقف وراء هذه الجماعات الإرهابية، كاشفًا النقاب عن أنّ هناك تطمينات حديثة تلقتها الحكومة الليبية منذ أسابيع تفيد بأن هذا الدعم من جانب هذه القوى الإقليمية قد انتهى وأن هذه الدول أصبحت منضوية في إطار دعم جهود المبعوث الدولي إلى ليبيا وجهود إقليمية أخرى لحل المسألة على أساس سياسي.
وأضاف الدايري أن الحكومة الليبية تتابع هذا الموضوع وتتمنى إخلاص النوايا وصدقها وأن ترفع هذه القوى الإقليمية يدها عن تقديم الدعم العسكري والمالي لبعض الجماعات والأطراف المتشددة في ليبيا.
وأشار إلى أنه وفي الحقيقة فإن السلاح والأموال كانت تأتي لهذه الجماعات منذ فترة طويلة فضلاً عن تركيز هذه الجماعات على تجميع السلاح منذ العام 2011. قائلاً: «إن أحد مظاهر العبث السياسي والأمني الذي تم في ليبيا هو قرار سياسي بعدم استعادة بناء الجيش والشرطة الليبية».
وأوضح أنه كان هناك قرار سياسي-ولم يكن قرارًا من جانب غالبية الشعب الليبي التي تؤيد الشرعية الآن ممثلة في مجلس النوب- ولكنه كان قرارًا من بعض الجهات السياسية التي بدلاً عن إعادة بناء الجيش الليبي وقدراته اتجهت إلى بناء ما يسمى «بالدروع» وهي تشكيلات مسلحة لا تخضع في الواقع إلى إطار نظامي، وهذا هو ما تم للأسف وبالتالي فقد تمكنت هذه الجماعات الإرهابية من خلال تشكيلاتها المسلحة الجهوية والمؤدلجة من تجميع سلاح وكذلك التشكيلات الإرهابية تمكنت كذلك من تجميع سلاح على مدى هذه السنوات، فضلاً عن عمليات الخطف التي تقوم بها حاليًّا لعدد من الأجانب بل لبعض الليبيين للحصول على فدية مقابل إطلاقهم، وكلها مظاهر موجودة للأسف في ليبيا وتؤدي إلى حصول هذه الجماعات على أموال.
وعن الخطوة السياسية والعسكرية المقبلة التي تستهدف الحكومة الليبية القيام بها، قال الدايري: إن الخطوة السياسية هي التوصل إلى اتفاق يمكننا من عودة الحكومة الموقتة إلى طرابلس وبسط شرعية الدولة على كل أراضي ليبيا، قائلاً: «وربما يؤدي هذا إلى حكومة موسعة أخرى، ولكن الإطار التفاوضي يقوده مجلس النواب في هذه المرحلة».
وأشار وزير خارجية ليبيا إلى الزيارة التي قام بها رئيس مجلس النواب الليبي إلى القاهرة قبل أربعة أيام حيث التقى المبعوث الدولي إلى ليبيا بالإضافة إلى اجتماعه المهم مع الرئيس عبدالفتاح السيسي.
شرق ليبياوقال الوزير إنه على الصعيد العسكري والأمني فإننا مازلنا في حرب ضد الإرهاب في شرق ليبيا إضافة إلى أنه توجد بؤر إرهابية أخرى ينبغي استهدافها ولكن قدرات الجيش الليبي محدودة.
وأضاف: «إننا ندعو العالم مثلما دعا الرئيس السيسي إلى دعم قدرات الجيش الليبي لمحاربة الإرهاب، وهو الأمر الذي أصبح موضوعًا دوليًا بعد قرار مجلس الأمن الصادر في ٢٢ أغسطس الماضي بشأن «داعش» ومنظمات أخرى، وأشاد الدايري بقرار لجنة العقوبات بتوصيف «أنصار الشريعة» كمنظمة إرهابية.
وعما إذا كان هدف هذه المنظمات الإرهابية إقامة دولة خلافة أم تقسيم ليبيا، قال وزير الخارجية الليبي: إن المجموعتين الرئيسيتين وهما «أنصار الشريعة» أو المجموعات «الداعشية» التي ظهرت أخيرًا في ليبيا هدفها إقليمي لإقامة ما يسمى بالخلافة الإسلامية، فالموضوع بالفعل في إطار إقليمي يرتبط بتصور هذه القوى بوجود خلافة إسلامية، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن أبوبكر البغدادي أعلن منتصف الشهر الماضي عن هذا المنهج وأن دولته سوف تمتد إلى ليبيا وتونس والجزائر.
وعما إذا كان «داعش» بدأ يشكل حاليًّا -انطلاقًا من ليبيا- جبهة مواجهة مباشرة مع الاتحاد الأوروبي، أكد وزير الخارجية الليبي أن الديناميكية موجودة منذ فترة تقارب الثلاث السنوات، فهناك جماعات لا بأس بها من حيث العدد كانت تنطلق من ليبيا وتتجه إلى شمال سورية للقتال وهذا كان عملاً متواصلاً على مدار الثلاث السنوات الماضية.
وأشار إلى أنه يقال حاليًّا إن زعيم تنظيم «داعش» في ليبيا الآن هو شخص عراقي، معتبرا أن الاتجاه المعاكس نحو ليبيا موجود في أذهان المخططين للإرهاب في سورية والعراق.
وأكد الدايري أنه إذا كان هناك خطر إرهابي على ليبيا وتونس والجزائر ومصر فهناك أخطار إرهاب على دول القارة الأوروبية، موضحًا أن الأوروبيين بدأوا يدركون ذلك بدرجات متفاوتة ولا سيَّما من جانب فرنسا وإيطاليا.
وأعرب عن اعتقاده بأن هناك الآن اهتمامًا متزايدًا بظاهرة الإرهاب في ليبيا خاصة أن بعض المنظمات في درنة أعلنت انضواءها تحت لواء «داعش» في أكتوبر الماضي.