ليبيا اللمستقبل _الجزيرة نت: يكتنف الغموض مصير زعيم تنظيم أنصار الشريعة
في تونس المكنى بأبو عياض التونسي بعد تضارب الأنباء عن اعتقاله في ليبيا
من قبل وحدات أميركية خاصة، في ظلّ تكتم شديد من السلطات الأمنية التونسية
على الموضوع. فما أن ذاع خبر اعتقاله في مدينة مصراتة
الليبية الاثنين الماضي في عملية مشتركة نفذتها قوات أميركية وليبية، حتى
سارعت بنفيه كل من وزارة الدفاع الأميركية وسفارة واشنطن لدى تونس والمجلس
المحلي الليبي بمصراتة. تنظيم أنصار الشريعة الذي أسسه
أبو عياض في تونس بعد سقوط النظام السابق، قام بدوره بنفي المعلومة التي
انتشرت كالنار في الهشيم في وسائل الإعلام التي تناقلت الخبر استناداً
لبرقية كشفت فيها وكالة الأنباء التونسية عن عملية اعتقال أبو عياض التونسي
(47 عاما).
كاتبة البرقية بوكالة الأنباء التونسية أكدت للجزيرة نت أن مصدراً
أمنياً مطلعاً وجديراً بالثقة أكد لها صحة خبر اعتقال أبو عياض بليبيا من
قبل قوات أميركية، وذلك بناء على معلومات واردة من جهاز الأمن التونسي
الخارجي. وقد حاولت الجزيرة نت الاتصال بالناطق الرسمي
بوزارة الداخلية لأخذ المعلومة منه دون جدوى. كما باءت قبل ذلك جهود وسائل
الإعلام المحلية بالفشل في الحصول على تأكيد أو نفي للخبر من قبل وزارة
الداخلية التي التزمت الصمت حيال الموضوع. وفي غياب
المعلومة الرسمية بادرت بعض وسائل الإعلام المحلية بالغوص في الموضوع حيث
نشرت صحيفة "الصريح" اليوم الخميس مقالا أكدت فيه اعتقال أبو عياض في ليبيا
بمنزل قيادي بتنظيم القاعدة استنادا لمصادر ليبية. ونقلت
الصحيفة عن وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو قوله إن السلطات التونسية
لا يمكنها أن تنفي أو تؤكد المعلومة، وإن وزارته بصدد التنسيق مع الجهات
المعنية بليبيا والولايات المتحدة قبل الإفصاح عن موقفها.
تكتم شديد
من جهة أخرى رجح الخبير الأمني والعسكري سليم الشريف اعتقال أبو
عياض التونسي في ليبيا من قبل قوات أميركية خاصة، لافتاً إلى أن الولايات
المتحدة الأميركية "تتكتم على خبر الاعتقال حتى تتفادى أي ضغوط خارجية". وأرجع
سبب تكتم الولايات المتحدة على الخبر إذا تمّ فعلاً إلى خطورة العملية
التي تمسّ -وفق قوله- سيادة التراب الليبي وتمس الجانب التونسي باعتبار أنّ
أبو عياض، واسمه الحقيقي سيف الله بن حسين، تونسي الجنسية. ويعتقد
الشريف أنّ القوات الأميركية نفذت عملية اعتقال أبو عياض على طريقة اعتقال
القيادي بتنظيم القاعدة أبو أنس الليبي منذ شهرين، مرجحا أن تكون عملية
الاعتقال محاطة بسرية تامة دون علم من السلطات الليبية أو التونسية بدعوى
أنها "لا تثق فيهما". ويقول الخبير الأمني إن الولايات
المتحدة قد تكون اقتادت أبو عياض لإحدى القواعد العسكرية القريبة حتى يتسنى
لها التحقيق معه بشأن دوره في اغتيال السفير الأميركي بطرابلس وحرق
السفارة الأميركية في تونس في أيلول/سبتمبر 2012. وكان قد
أُطلق سراح أبو عياض التونسي بعد الثورة في إطار العفو التشريعي العام،
وكان محكوماً عليه في قضايا مرتبطة بما يسمى "الإرهاب" وتتصل بما باتت تعرف
بالسلفية الجهادية. والمعروف عنه أنه يتبنى فكر القاعدة والتقى عام 2000
عدداً من قادة التنظيم في أفغانستان.
وقد اقترن اسم أبو عياض في تونس بأبرز المطلوبين للعدالة بعدما
أصدرت بحقه وزارة الداخلية برقية تفتيش للاشتباه في تخطيطه لاقتحام السفارة
الأميركية في تونس من قبل سلفيين استفزهم فيلم أميركي مسيء للرسول محمد
عليه السلام. وكادت قوات الأمن التونسية أن تلقي القبض
على أبو عياض بعد أيام من حرق السفارة الأميركية بتونس عندما ألقى خطبة
بمسجد الفتح بالعاصمة، لكن وزير الداخلية آنذاك علي العريض أمر بفك الحصار
حول المسجد تفاديا لوقوع اشتباكات دموية مع أنصار أبو عياض. ومنذ
ذلك الحين توارى أبو عياض عن الأنظار، خاصة بعد حادثة اغتيال المعارض
اليساري شكري بلعيد يوم 6 فبراير/شباط 2013، وهي جريمة نسبتها السلطات
التونسية لتنظيم أنصار الشريعة الذي مُنِع من عقد مؤتمره الثالث بمدينة
القيروان في شهر مايو/أيار 2013. وعقب اغتيال النائب
المعارض محمد البراهمي ومقتل عسكريين وأمنيين نهاية يوليو/تموز 2013،
صنَّفت الحكومة التونسية "أنصار الشريعة" تنظيماً إرهابياً ونسبت إليه
حادثتي الاغتيال ومقتل عناصر من الجيش والأمن وشنت حملة اعتقالات ضد عدد من
عناصره.