ليبيا المستقبل
حسن الأمين لـ "برنيق": هناك أمراء كتائب بداخل المؤتمر الوطني...
أنا حزين لما يجري من انتهاكات جسيمة وخطيرة........................
حاوره: خالد المهير
حصل عضو المؤتمر الوطني العام المستقيل حسن الأمين على جائزة حقوقية
دولية "مرموقة" من منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان لمواقفه
الشجاعة طيلة حياته في الدفاع عن المظلومين. وبهذه المناسبة الكبيرة طرحنا
أسئلتنا على السيد الأمين، ورحب برحابة صدره المعهودة بالأسئلة المعنية
باللحظة بعد هذه الجائزة.
نود أن تعطينا لمحة عن الجائزة أهميتها،وهل ترشحت لها أم هيومن رايتس هي من قامت بترشيحك واختيارك؟
كما
ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيانها: "سمّيت الجائزة على اسم د. أليسون
دى فورجيه، وكانت استشارية أولى في هيومن رايتس ووتش على مدار عشرين عاماً
تقريباً، وقد توفيت في حادث طائرة في نيويورك في 12 فبراير/شباط 2009.
كانت دى فورجيه الخبيرة الأولى عالمياً في رواندا،وأعمال الإبادة الجماعية
في 1994 وما تلاها. جائزة هيومن رايتس ووتش السنوية تكرّم التزامها المدهش
بالدفاع عن حقوق الإنسان. تحتفي الجائزة بشجاعة الأفراد الذين يضعون
أرواحهم على المحك من أجل تهيئة عالم ليست فيه انتهاكات أو تمييز أو
اضطهاد"... لم أرشح للجائزة من قبل اي جهة أو مجموعة أو شخص وإنما كان هذا
اختيار منظمة هيومن رايتس نفسها.
كيف تصف حصولك على الجائزة وإعلانك أنك أهديتها إلى عبدالسلام المسماري؟
بدون
شك التكريم يثلج الصدر وجميل ان يعترف الأخرين بجهودك ولكن بالنسبة لي
الأهم من التكريم هو ان تتحقق الأمال والأهداف التي ننشدها، وهي عالم يحترم
حقوق الإنسان ويدافع عنها ويحميها. هناك كثيرين أجدر مني وقدموا الكثير
ودفعوا ثمنا باهضا جراء مقارعتهم للظلم والطغيان... رفاق كثيرين كانوا معي
في المهجر قدموا الكثير من التضحيات ومنهم من قضي نحبه مثل المناضل محمد بن
حميدة والحاج مصطفي البركي والرفيق حسين الفيتوري واخرين... اما داخل
الوطن فحدث ولا حرج... هناك الراحل فتحي الجهمي والراحل عبدالسلام المسماري
وآخرين كثر... وبالتالي فانا اعتبر هذه الجائزه لهم جميعا... لكل من اعطي
بلا كلل أو ملل من أجل انهاء القمع والإستبداد وحماية حقوق الإنسان... هي
اعتراف وتقدير لهم ولنضالهم وتضحياتهم.
بمناسبة
الجائزة هل أنت متشائم لواقع حقوق الإنسان في ليبيا الآن، وكيف تقارنه
بواقع نفس الملف قبل الثورة، وماهي أوجه التشابه بين المرحلتين؟
دعني
أقول بأن واقع حقوق الإنسان في ليبيا يشهد أسوأ مراحله الآن في ليبيا...
انتهاكات جسيمة وكثيرة ومتواصلة... أصبحت ممنهجة... والأسوأ من هذا كله
بأنها تمارس في غياب كامل للدولة ولسلطة القانون... الي جانب هذا كله هناك
إشكالية "عدم الوعي" وغياب كامل لثقافة حقوق الإنسان... أمامنا تحديات
كبيرة في هذا المجال وعلينا أن نبذل جهدا أكبر من أجل وضع حد لهذا الواقع
المزري... المسألة ليست كوني متشائم ام لا... أنا حزين بسبب ما يجري الأن
وقلق علي المستقبل ولكن بجهود الخيرين من أبناء وبنات الوطن سوف نضع حدا
لكل هذا بإذن الله.
لماذا لم تواصل العمل في المؤتمر الوطني وتدافع من الداخل؟ لماذا فضلت الاستقالة والتحدث من الخارج؟
أولا
دعني أقول لك بأن مسألة العمل من الداخل او الخارج لم تعد تعني الكثير في
عالم اليوم... ليس المهم المكان... المهم أن تفعل شئ أن يكون لك موقف ان
تكون لك رسالة ان يكون لك تواصل مع قضاياك الملحة... استقلت من المؤتمر
لانه بات عاجزا علي تنفيذ الإستحقاقات الملحة والتي انتخب من أجلها...
استقلت لان الأحزاب والتكتلات الهشة سرقت المؤتمر لأجل اجنداتها ومصالحها
الخاصة... لأن المستقلين – وهم قلة – لم يعد بيدهم شئ... استقلت لأني لا
استطيع ان أعمل تحت التهديد والوعيد... استقلت لأنني وصلت إلى قناعة بأن ما
يمكنني عمله من خارج المؤتمر سيكون أكثر وأجدي من وجودي بداخله... استقلت
حتى أفسح المجال لشخص آخر قد يكون أقدر مني علي التعامل مع هذا الواقع
المرير... هذا المؤتمر لم يعد يعمل من أجل الوطن وتناقضات البلد لها
اصدائها ومحركيها ومؤججيها بداخله... هناك أمراء كتائب بهذا المؤتمر...
هناك جهويين ومتطرفين وعباد مناصب... وهناك قوي تتصارع فيما بينها من أجل
السيطرة والإستحواذ وتناسوا بان شرف المساهمة في وضع اساس الدولة هو اكبر
وارقي وأعظم من اي مغنم حزبي او جهوي او شخصي... انهم لم يدركوا طبيعة
وخصوصية واستحقاقات المرحلة...
هل تتوقع أن تأتي على الليبيون لحظة ويندمون فيها على الثورة بعد كل هذه الانتهاكات والأحداث الدموية؟
لن
نندم علي هذه الثورة لأنها كانت بامتياز ثورة شعبية صادقة عفوية أبهرت
العالم أجمع... لن نندم علي هذه الثورة لأننا قضينا فيها علي اعتي
دكتاتوريات العصر... لن نندم علي هذه الثورة لأننا عمدناها بدماء طاهرة
زكية... لن نندم علي هذه الثورة لأنها مستمرة حتي تتحقق اهدافها
النبيلة.... المسألة ليست مسألة ندم وانما، وهذا طبيعي، هناك احباط وتذمر
وحزن علي الثمن الباهض الذي دفعناه وعلي ما الت اليه الأوضاع... ومع هذا
كله لا زال الأمل موجود... لاننا لو فقدنا الأمل فسنفقد كل شئ.
وأين الخلل الآن في الثورة أم في الشعب؟
من
الصعب وليس من الموضوعية ان نرجع الخلل الي عنصرا واحدا بعينة... المسألة
مركبة ومعقدة... ارتكبنا أخطأ كثيرة... اهملنا امور عدة... انتابتنا أوهام
كثيرة... لم نعد العدة لما بعد التحرير بالشكل والحجم والمنهجية التي
تتطلبها المرحلة... لم نحسم اولوياتنا... قلة الخبرة لعبت دور... قوي
ظلامية "متعددة" لم نحسب حسابها... قيادة هشة وغير مؤهلة... إلى جانب هذا
كله لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نتجاهل ركام وإرث وتركة أربعة عقود من
الفساد والتجهيل المتعمد... شئنا أم أبينا نحن لا زلنا في عداد المجتمعات
المتخلفة... حتي مجي انقلاب سبتمبر كانت هناك خطوات حثيثة للتعامل مع قضايا
التخلف غير ان الدكتاتورية "بطبيعتها" لم تتعامل مع هذه القضية بل زادتها
سؤا... واليوم رحل الدكتاتور فافصح المجتمع عن كل متناقضاته وأمراضه وقيمه
الهدامة... انا لا الوم الشعب... فالشعب منذعقود يستغيث طالبا علاج أمراضه
وأزماته ولا مستجيب...
ماهو تقييمك للأوضاع بعد الثورة خاصة من خلال إطلاعك على واقع حقوق الإنسان والحريات في المؤتمر الوطني؟
اعتقد
باني أجبت علي هذا التساؤل ولكن وباختصار مرة اخري: الوضع سيئ للغاية في
كل مناحي الحياة... أمامنا تحديات وعراقيل كبيرة وكثيرة تستلزم وقفه جادة
من الجميع... تستلزم قناعة بانه لو استمر الحال هكذا فسيضيع الوطن من بين
ايدينا... علينا ان نفكر في اطفالنا فما نزرعه اليوم سيحصدونه غدا... انه
والله لوطنا جميلا وشعبا رائعا والحلول في متناول ايدينا... فقط لو خلصت
النوايا وقدمنا ليبيا علي انفسنا وعلي مناطقنا وعلي احزابنا... لو فقط
فعلنا ذلك...
ماهو تقييمك لأداء الحكومة والمؤتمر الوطني وهل الواقع أكبر من إمكانياتهم؟
أداء
سيئ للغاية والواقع ليس أكبر من إمكانياتهم ولكنهم لا يعيشونه علي حقيقته
ولا يتعاملون معه بما يتوجب... علي المؤتمر أن يسرع في الدفع بعملية انتخاب
الهيئة التأسيسية لإعداد الدستور وفق قانون عقلاني وبعدها يقدم علي تعديل
دستوري أو يصدر "إعلانا دستوريا مكملا" بموجبه يسلم صلاحياته لهذه الهيئة
التي يتعين عليها: 1) تشكيل حكومة أزمة بعيدة عن المحاصصة الحزبية او
الجهوية او القبلية... 2) تعكف الهيئة علي مهمتها الرئيسة وهي "الدستور"...
3) لا تشرع بل تترك امر "اقتراح وتقدبم" اي قوانين او تشريعات للحكومة مع
احتفاظها بصلاحية اجازتها او تعديلها او رفضها... 4) متابعة عمل واداء
الحكومة والتنسيق معها في امور ادارة البلد والتعامل مع الملفات الملحة،
خصوصا الملف الأمني. أنا اقترح في الختام هذا" لان
المؤتمر في نظري فقد مصداقيته وهناك أزمة ثقة بينه وبين الشارع وهناك
ارتباك واضح في علاقته مع الحكومة... نريد زخم جديد لهذه المسيرة برؤية
عقلانية وخطة متكاملة ذات معالم واضحة ".