وكالات: حذر المرجع الشيعي الاعلى آية الله علي السيستاني من خطر "تقسيم" العراق ما لم تمض حكومة حيدر العبادي في تنفيذ "إصلاح حقيقي" لمكافحة الفساد، في اشد تحذير من خطر الفساد على مستقبل العراق. وشدد السيستاني بشكل متكرر مؤخرا على ضرورة الدفع باتجاه الاصلاح. وشكلت مواقفه جرعة دعم لتظاهرات بدأت منذ اسابيع، ودفعت العبادي لاعلان حزمة اصلاحات. وفي اجابات مكتوبة من مكتبه ردا على اسئلة وجهتها اليه فرانس برس، قال السيستاني "اليوم، اذا لم يتحقق الاصلاح الحقيقي من خلال مكافحة الفساد بلا هوادة وتحقيق العدالة الاجتماعية على مختلف الاصعدة، فان من المتوقع ان تسوء الاوضاع ازيد من ذي قبل، وربما تنجر الى ما لا يتمناه اي عراقي محب لوطنه من التقسيم ونحوه لا سمح الله".وشدد السيستاني على ان "المرجعية العليا طالما دعت الى مكافحة الفساد واصلاح المؤسسات الحكومية وتحسين الخدمات العامة، وحذرت اكثر من مرة من عواقب التسويف وما الى ذلك".
واعتبر انه "لما نفذ صبر كثير من العراقيين واحتجوا على سوء اوضاع البلاد وطالبوا باصلاحها" في الاسابيع الماضية، وجدت المرجعية "ان الوقت مؤات للدفع قويا بهذا الاتجاه عبر التأكيد على المسؤولين - وفي مقدمتهم السيد رئيس مجلس الوزراء. بأن يتخذوا خطوات جادة ومدروسة في سبيل مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية". وحمل السيستاني السياسيين الذين تبوأوا مقاليد الحكم في البلاد منذ اسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين عام 2003، مسؤولية الاوضاع الراهنة. وقال ان "الذين حكموا البلاد خلال السنوات الماضية يتحملون معظم المسؤولية عما آلت اليه الامور، فان كثيرا منهم لم يراعوا المصالح العامة للشعب العراقي، بل اهتموا بمصالحهم الشخصية والفئوية والطائفية والعرقية، فتقاسموا المواقع والمناصب الحكومية وفقا لذلك لا على اساس الكفاءة والنزاهة والعدالة، ومارسوا الفساد المالي وسمحوا باستشرائه في المؤسسات الحكومية على نطاق واسع". واوضح ان ذلك، مضافا الى غياب الخطط الصحيحة، ادى "الى ما نشهده اليوم من سوء الاوضاع الاقتصادية وتردي الخدمات العامة".
واعتبر السيستاني ان الفساد كان من العوامل التي ساهمت في سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على مساحات واسعة من البلاد في هجوم كاسح شنه في يونيو 2014 وهي الفترة التي كان يرأس فيها نوري المالكي الحكومة العراقية.وكان السيستاني دعا العبادي في 7 اغسطس الى ان يكون "اكثر جرأة وشجاعة" في الاصلاح ومكافحة الفساد. وحض المرجع رئيس الوزراء على الا يكتفي "ببعض الخطوات الثانوية"، وان يتخذ "قرارات مهمة واجراءات صارمة في مجال مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية". التاسع من الشهر نفسه، اقرت الحكومة حزمة اصلاحات لمكافحة الفساد وتحسين مستوى الخدمات العامة. وصوت البرلمان على هذه الحزمة بعد يومين، مضيفا اليها حزمة برلمانية "مكملة" للاصلاحات الحكومية، وتضبط بعض ما ورد فيها ضمن اطار "الدستور والقانون". واكد العبادي الاسبوع الماضي ان مسيرة الاصلاح ومكافحة الفساد "لن تكون سهلة"، وان المتضررين منها سيعملون بجد "لتخريب كل خطوة".
ورغم الضغوط الشعبية ودعم السيستاني للاصلاح، إلا أن الطبيعة المتجذرة للفساد في العراق واستفادة معظم الاحزاب والكتل السياسية منه، قد تجعل من الصعب احداث تغييرات جوهرية. وحذر العبادي الاسبوع الماضي من ان مسيرة الاصلاح ومكافحة الفساد "لن تكون سهلة". والخميس، اعلن العبادي عن خفض كبير في عدد افراد الحماية المخصصين للمسؤولين، اضافة الى سلسلة خطوات اصلاحية اضافية.وجاء في بيان لمكتبه الاعلامي، انه اتخذ قرار "اجراء تخفيضات كبيرة في اعداد الحمايات الشخصية للمسؤولين والرئاسات وغيرهم تصل الى 90%". كما قرر العبادي "الغاء افواج الحمايات الخاصة التابعة الى الشخصيات واعادتهم الى وزارتي الدفاع والداخلية حسب التبعية لتدريبهم وتأهيلهم ليقوموا بمهامهم الوطنية في الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين". واوضح المتحدث باسم رئيس الوزراء سعد الحديثي ان القرار "سيجعل اكثر من 20 الف عنصر امني تتجاوز رواتبهم 250 مليار دينار سنويا (208,3 ملايين دولار)، يعادون الى خدمة المؤسسة العسكرية والامنية".
كما شملت قرارات العبادي الخميس "اعادة تخصيصات مكاتب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء الملغاة الى الخزينة العامة للدولة".وكانت احدى اقتراحات الحكومة الاصلاحية الغاء المناصب لنواب رئيس الجمهورية، والتي يشغلها سياسيون بارزون هم نوري المالكي واسامة النجيفي واياد علاوي. كما اعلن العبادي الخميس تشكيل لجنة لاصلاح نظام الرواتب والمخصصات والغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين، وخفض الحد الاعلى للرواتب التقاعدية للمسؤولين. وتأتي هذه الخطوات بعد اعلان العبادي الاحد تقليص عدد المناصب الوزارية الى 22 بدلا من 33، عبر الغاء ثلاثة مناصب لنواب رئيس الوزراء واربع وزارات، ودمج ثماني وزارات وجعلها اربعا فقط.