اهتمت الصحافة العربية الصادرة، اليوم الأربعاء، بما أوردته الأمم المتحدة عن الأوضاع الإنسانية في ليبيا في ظل استمرار القتال في مناطق عدة من أراضيها، وتحديد المبعوث الأممي لديها لموعد جديد تنطلق فيه مساعي الحوار الوطني الذي يأمل الشعب المنهك من المعارك أن يوصله إلى مسار ديمقراطي حقيقي ينهي الاحتراب الداخلي.
رئاسة الأركان تحذر من نظام القذافي
نقلت جريدة «الأهرام» المصرية، عن رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي في المنطقة الغربية، تحذيرها قوات ما يُسمى «جيش القبائل» من التوجهات التي تحاول فرضها والاتصالات التي يتلقاها قادتها من عناصر نظام القذافي، ومحاولة الترويج لرموزه السابقين، بعد تحقيق تقدم في العمليات العسكرية غرب ليبيا.
الأمم المتحدة وجرائم الحرب في ليبيا
وأوردت «الخليج» الإماراتية، تلويح الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، بما يمكن اعتباره «جرائم حرب» في ليبيا يعاقب عليها القانون الدولي، حيث أعلنت أن القتال الذي اندلع خلال الأشهر الأخيرة بين الجماعات المسلحة والقوات الحكومية في غرب وشرق وجنوب ليبيا أدى إلى مقتل مئات المدنيين ونزوح جماعي، وتسجيل انتهاكات عدة.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان زين بن رعد الحسين، في بيان: «كونكم قادة مجموعة مسلحة فأنتم تتحملون المسؤولية الجنائية بموجب القانون الدولي إذا ارتكبتم أو أمرتم بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو لم تتخذوا الإجراءات المنطقية والضرورية لمنع ارتكابها أو معاقبة مرتكبيها».
الدخان الأسود في السماء فوق المناطق التي تشهد اشتباكات عنيفة في بنغازي (23 ديسمبر 2014: رويترز)
وقالت الأمم المتحدة في تقرير لبعثتها في ليبيا أعدته مع مفوضية حقوق الإنسان وتلقت وكالة «فرانس برس» نسخة منه، إنها رصدت حالات القصف العشوائي للمناطق المدنية واختطاف المدنيين والتعذيب وحالات الإعدام والتدمير المتعمد للملكيات وغيرها من التجاوزات والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي في مناطق مختلفة من البلاد.
ووفق «الخليج»، أفاد شهود من مدينة درنة شرقي البلاد إنهم لايزالون يسمعون منذ ليل الاثنين، إطلاق نار متقطع في ضواحي المدينة.
وبحسب المتحدث باسم رئاسة أركان الجيش الليبي أحمد المسماري، فإن «الجيش يتمركز على مشارف المدينة من أكثر من محور»، محكمًا سيطرته على منافذها الثلاثة ضاربًا حصارًا على أنصار «داعش» وبقايا أنصار الشريعة في المدينة.
وكشف المسماري عن وجود خلافات كبيرة بين أنصار الشريعة و«داعش» في المدينة، أسفر عن اقتتال بين المجموعتين بالأسلحة الثقيلة أوقع 5 قتلى و3 جرحى.
وفي بنغازي، قال المسماري إن «المتشددين في رمقهم الأخير، حيث استعاضوا عن الأسلحة المتوسطة بالأسلحة الثقيلة، ما يعكس نقصًا حادًا في الذخيرة».
انطلاقة جديدة للحوار الليبيوركزت «اليوم السابع» المصرية، على ما أعلنته رئاسة مجلس الأمن الدولي، من أن الخامس من يناير 2015 المقبل، هو الموعد الذي حدده رئيس بعثة الأمم المتحدة فى ليبيا برناردينو ليون، لإجراء الحوار بين أطراف النزاع الليبي، وذلك عقب الاتفاق على ما أسماه «خارطة طريق».
إحدى جلسات مجلس الأمن (أرشيفية: رويترز)
ونقلت قناة سكاي نيوز بالعربية، عن السفير التشادى شريف محمد زيني، عقب مشاورات مغلقة للمجلس حول ليبيا قوله إن خارطة الطريق لتسوية الأزمة تتمحور حول ثلاث نقاط لم يوضحها.
وألمح السفير التشادى إلى أن أحد هذه المحاور يتمثل فى تشكيل حكومة وحدة وطنية، وقال إنه سيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية من ممثلين عن الطرفين.
وقد عبر أعضاء مجلس الأمن الدولي، وفق الجريدة، عن قلقهم الكبير إزاء تدهور الأمن في ليبيا، مطالبين أطراف النزاع بالتوقف فورًا عن إطلاق النار والانخراط فى مسار الحوار.
وكان الاجتماع الأول للحوار قد عُقد في سبتمبر الماضي لكن دون نتائج، وتم تأجيل اجتماع آخر كان مقررًا في ديسمبر.
ليبيا والمسار الديمقراطي المُعَرقلوفي مقال له بجريدة «العرب» اللندنية، أكد الروائي والأديب الليبي أحمد إبراهيم الفقيه، إن الليبيين ينظرون بغبطة وأمل إلى ما حدث في المشهد السياسي التونسي على مدى الأشهر الأخيرة، ويكبرون هذا التحول السلمي من الثورة إلى الدولة، بسلاسة وسلام وأسلوب حضاري يمثل رقي الشعب التونسي وعمق ثقافته وولائه الوطني، بكل ما تحفل به هذه المرحلة من وعود الاستقرار والازدهار، والنماء والبناء، والانطلاق في نهج الحرية والكرامة، وإنجاز المجتمع الحضاري المنشود.
ويرى الفقيه أن من أهم أسباب تخلف ليبيا عن مسيرة رفيقيها في الثورة (تونس ومصر) «طول أمد النظام الانقلابي، وما حدث أثناءه من تجريف وتحريف وتصحر، ومعاداة للقيم المدنية والحضرية، وزرع لبذور الشر والجريمة، وحرب على الثقافة والفنون والآداب، وتحطيم للبنى التحتية في التعليم والمجتمع والدولة، بينما اختلف النظامان في مصر وتونس عن هذا النظام، في أن فسادهما كان سياسيًا صرفًا، بينما ظلت مؤسسات التعليم، والهيئات التي ترعى الفكر والفن والثقافة تؤدي مهمتها، دون أن ينالها ضرر. كما أن مؤسسات الدولة، ظلت قائمة لا ينالها التلف، كما حدث في النظام الليبي، الذي استهدف تدمير أسس الدولة وتركها خرابًا».
الروائي والأديب الليبي أحمد إبراهيم الفقيه (أرشيفية: الإنترنت)
ويؤكد الفقيه، في مقاله، أن الأمر الثالث الذي لابد من الإشارة إليه هو «مؤسسة الجيش، فقد كانت في كل من مصر وتونس، ذات كيان قوي، قائم بكل أركانه بمنحى عن التحريف والتجريف والخراب الذي حصل لمؤسسة الجيش الليبي».
ويضيف الفقيه، أن اختلاط الحراك الثوري في ليبيا بالمسار الإجرامي لـ «الميلشيات» و«البلاء الداعشي» المصنّع في غرف المخابرات العالمية، صنع مأساة الشعب الليبي، وأعاق بناء الدولة والمسار الديمقراطي، ومنع هذا المسار من الوصول إلى نتائجه المنشودة.
ويختتم بأن «رأيًا يقول بأن ليبيا يمكن أن تحل مشاكلها عن طريق الحوار، وإذا لم يكن الحوار ممكنًا، لأنه فيما يبدو قد وصل إلى طريق مسدود، فإن الحسم يمكن أن يكون عسكريًا، عن طريق تكليف الجيش الليبي والسلطات المنتخبة، التي تمثل الشرعية في البرلمان والحكومة المنبثقة عنه، بوضع حد لهذه الفوضى وهزيمة الميليشيات الخارجة على القانون، وإعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي».