جبريل طلبت من قادة عسكرية مصريين
الوطن _تأتى الذكرى الثالثة للثورة الليبية، ومعها تبدو البلاد عازمة على البقاء فى حالة ثورة مستمرة تنزلق معها إلى مزيد من دوامات الفوضى والعنف والتقسيمات القبلية وسيطرة الميليشيات المسلحة وصعود نزعات الفيدرالية، وسط غياب وعجز حكومى واضحين، بما يؤكد أن عملية الانتقال من «الثورة» إلى «الدولة» فى ليبيا ما زال أمامها طريق شاق.
وفى الذكرى الثالثة للثورة الليبية، «الوطن» حاورت السفير محمد فائز جبريل، السفير الليبى فى القاهرة، الذى أكد لـ«الوطن» أن الشعب الليبى مُصر على الحراك السلمى لتنفيذ تطلعاته، واصفاً محاول الانقلاب الفاشلة لللواء خليفة حفتر بأنها قفز على المشهد، وأجاب عن تساؤلات عديدة تتعلق بعلاقة إخوان ليبيا بـ«الجماعة» فى مصر، وموقف بلاده من ثورة 30 يونيو، ورؤيته للعلاقات المصرية - الليبية حال وصول المشير عبدالفتاح السيسى للرئاسة، وإلى نص الحوار:
* أراك تضع صورة جمال عبدالناصر فى خلفية مكتبك.. ماذا كان تعليقك عندما هدم ثوار ليبيا تمثاله فى بنغازى؟ وهل سبب ذلك هو أن «القذافى» كان يحب «عبدالناصر»؟
- «القذافى» بنى تمثال «عبدالناصر» فى مكان كان يُشنق فيه الأحرار، والتمثال كان يذكر الثوار الليبيين بحقبة يكرهونها، وأرادوا أن يسقطوا من ذاكرتهم قسوة جلاديهم، والديكتاتور «القذافى» استغل كلمات «عبدالناصر»، التى قالها فى أحد الخطابات عنه، حين قال: «قد تركت فيكم أخى أميناً للقومية العربية». والأجيال كلها تربت على إذاعة تبث هذه الكلمات 24 ساعة، فارتبطت صورة «ناصر» بالديكتاتور. والناصريون بكل أسف لم يحاولوا تغيير هذه الصورة بل كانت وفودهم تذهب لـ«خيمة» القذافى. وكان ينبغى عليهم ألا يتركوا صورة زعيمهم ترتبط بصور القمع والقهر التى كانت تمثلها غرابة أطوار «القذافى». لكن هناك كثيراً من الناصريين تبرأوا من «القذافى» وعلى رأسهم الدكتور حسام عيسى، والخيمة كان لها زوار كثيرون من الإسلاميين وأصحاب العمائم واللحى.
* لماذا تغيرت طباع الليبيين الثورية وانتظروا أكثر من 40 عاماً حتى يثوروا على «القذافى»؟
- كل الترتيبات التى حدثت فى المنطقة منذ عام 1948 بعد نشأة إسرائيل تمت لكى يبقى هذا الجنين الذى زُرع فى المنطقة، ومنها الانقلابات العسكرية التى حدثت فى ليبيا وعدة دول، والحروب التى أعطت هذا الوليد المناعة، وقهرت إرادة الآخرين، وأصبحت الشعوب العربية مخدرة منذ الستينات وحتى الآن، وانتهكت كرامتها وإنسانيتها بشعارات ضخمة. حتى «القذافى» تحدث عن سلاح وثروة وسلطة بيد الشعب، وهو منذ عام 1969 يعمل بشكل ممنهج على نزع السلطة والثروة والسلاح من الشعب الليبى، حتى يتثنى له حكمه. وكل هذه الانقلابات التى شهدتها المنطقة العربية ليس لها أى أساس فى التراث العربى، فلا يمكن فى أى قبيلة أن يتولى شيخها الزعامة عبر انقلاب.
* كيف تصف بيان اللواء خليفة حفتر.. هل محاولة فاشلة للانقلاب؟
- نحن جربنا فى ليبيا جيداً الانقلاب فى عهد «القذافى»، وما حدث ليس انقلاباً، أو حتى محاولة انقلاب، هو مجرد رهان خاسر ومحاولة للقفز على مشهد سياسى موجود على الأرض ومطالب شعبية عبرت عنها الجماهير بطريقة سلمية، وهى رفض تمديد ولاية المؤتمر الوطنى، وما حدث مجرد بيان تليفزيونى يحمل أوامر انقلابية
* من هو اللواء «حفتر»؟
- «حفتر» كان جزءاً من انقلاب «القذافى»، وفكرة الحراك السياسى جديده بالنسبة له، وطلته الانقلابية فى البيان بوقوفه أمام خريطة ليبيا ببزته العسكرية تدل على خلفيته الانقلابية، وللمرة الثانية يخسر رهانه؛ فقد كان بإمكانه التقدم بمطالبه كمبادرة أو مقترح يؤيد أصلاً المطالب الشعبية بوقف تمديد المؤتمر الوطنى ويدعو للبحث عن آلية لتسليم السلطة لكيان آخر منتخب يتولى إصدار الدستور، لكنه حاول القفز على المشهد السياسى.
و«حفتر» لا يحترم الشرعية وحينما انقلب عليها عام 1969 مع «القذافى»، لم تكن آخر مرة، عدم احترام الشرعية مسألة متأصلة فيه، فعندما قامت ثورة 17 فبراير وأصدر المؤتمر الوطنى قانون العزل السياسى واستقال بموجبه رئيس المؤتمر الوطنى نفسه «المقريف» وطبق عليه القانون لأنه عمل لفترة كسفير فى عهد الديكتاتور، ولكن «حفتر» لم يلتزم بالقانون وقال: «لا أحد يجرؤ على عزلى».
* كيف تأثر الإخوان فى ليبيا بصعود وسقوط إخوان مصر؟
- بطبيعة الحال تأثروا لأنهم تعلموا وتشربوا الفكر الإخوانى على يد إخوان مصر حينما درسوا فى الجامعات المصرية، وكل ليبى أرسلته دولة الاستقلال للدراسة فى مصر عاد إما إخوانياً أو ناصرياً أو بعثياً. وهذه الظواهر والأيديولوجيات التى نشأت وراء الحدود لم تكن وطنية ليبية أصيلة.
سقوط الإخوان فى مصر أثر على كل تيارات الإسلام السياسى فى المنطقة والعالم، وأعتقد أن أحداث 11 سبتمبر نبهتنا إلى أن العالم الإسلامى يمكن اختطافه من قِبل أى مجموعة تدعى تمثيله وباسم الإسلام يدمر الدنيا كلها، وبالمثل صعود الإخوان فى مصر كان له انعكاسات على الإسلام السياسى بالعالم، وأدى إلى إضعاف الحركة الوطنية فى ليبيا، حينما يظهر التيار الوطنى الليبى ويعبر عن نفسه ستقل كل هذه المساحات للتيارات المستوردة من الخارج.
علاقة إخوان ليبيا بإخوان مصر لا ترضى الوطنيين الليبيين، لأنه لا أحد يرضى أن يُدار من وراء الحدود سواء من المقطم أو من واشنطن، هذا يتعارض مع الوطنية الليبية، ورغم ذلك نحن نقدر ظروف انتماء زملائنا للإخوان خلال وجودهم فى مصر. وصراع الأفكار فى المنطقة حالياً صراع مؤجل منذ عام 1952 بعد سيطرة الأنظمة الديكتاتورية والحزب الواحد.
والليبى إذا قدم انتماءه للجماعة فوق كل انتماء فإنه يغتال الوطنية الليبية. وانحيازى للوطنية الليبية ليس نابعاً من فراغ لأنها أنجزت الاستقلال والوحدة الوطنية بين الأقاليم الليبية، ووحدنا الثلاثة أقاليم بدون «زعيق» وبدون ديكتاتوريات.
* ما حدود علاقة الإخوان فى ليبيا مع زملائهم مصر.. ويمثل إخوان ليبيا «بيت مال» التنظيم الدولى، ولذلك كان يحرص «الشاطر» على زيارتهم؟
- هم لا ينكرون ولا يستطيعون إنكار علاقتهم بإخوان مصر، ويقولون نحن منتمون لمدرسة فكرية مثل الناصريين والبعثيين وغيرهم. ولكن من وجهة نظر التيار الوطنى الليبى، هم ليس لهم علاقة بالتجربة الوطنية الليبية، كالناصريين، وفى النهاية الوطنية الليبية جامعة للعروبة والإسلام.
* يرد عليكم الإخوان فى ليبيا حين تتهمونهم بأنهم غير وطنيين لأنهم يتبعون حسن البنا الذى جاء من وراء الحدود، بأن محمد بن على السنونسى غير ليبى أصلاً وهو جزائرى؟
- صحيح، وردنا عليهم بسيط جداً، وهو أن «السنوسى» جاء وأقام فى ليبيا وأصبح ليبياً، ولو أن حسن البنا جاء ونزع «طربوشه» وبقى معنا وارتدى ملابس «أنتونى كوين» فى الفيلم، سوف نعتبره ليبياً أيضاً، لكن لا يمكن أن يكون قائداً لها من وراء الحدود.
* كيف يصنف الليبيون ما حدث فى 30 يونيو وهم قد جربوا الثورة عن حق والانقلاب عن حق؟
- قلت فى الخارجية المصرية إنه إذا كان هناك لبس عند البعض حول توصيف ما يجرى فى مصر، فنحن جربنا الانقلاب العسكرى لأننا ضحاياه، وجربنا الثورة لأننا صُناعها، وما حدث يوم 30 يونيو هو ثورة بامتياز. وأنا كسفير أرى أن كل الميادين مصرية سواء «التحرير أو رابعة والنهضة» ولا ينبغى أن أتدخل مع هذا أو ذاك، بصرف النظر عن توصيفى السياسى لما حدث، وهذه شهادتى، ولو قلت لا دخل لى فى توصيفها سأصبح شاهد «ماشافش حاجة».
ثورة 30 يونيو مثل ثورة يناير لأن الأصل فى تسليم السلطة هو نزول الشعب ثم تدخل الجيش لتأكيد إرادته، وإذا كانت الشرعية هى الناس فنزول الناس فى 30 يونيو كان استرداداً للشرعية خاصة أن من نزلوا كان بينهم الملايين التى أضيفت للأصوات التى حصل عليها «مرسى» فى الجولة الثانية بعد اتفاق فيرمونت، بعد فشل «مرسى» فى تحقيق وعوده.
* كيف ترى انحياز بعض الدول للإخوان بعد 30 يونيو؟
- انحياز أى دولة عربية أو غربية لأى طرف سياسى فى مصر غير مقبول وخطأ كبير، ويجب على الجميع الوقوف على مسافة واحدة.
* كيف ترى الموقف المتردد للمجلس العسكرى من الثورة الليبية وهل ذلك أثر على العلاقات بين البلدين لاحقاً؟
- الموقف المصرى كان به جانب إيجابى وهو يتجسد أكثر فى الموقف الشعبى، أنا كنت فى مصر ووجدت الأعلام الليبية فى ميدان التحرير خلال الثورة، أنا كنت أرفع العلم مع أولادى فى سيارتنا وكان الناس يتساءلون علم أى نادٍ هذا؟ فى البداية، ثم انتشر العلم فى ميدان التحرير. ثم وجدنا المظاهرات المصرية والليبية أمام السفارة الليبية، وبعد ذلك تدفقت المساعدات الإنسانية المصرية على ليبيا وفتحت المستشفيات المصرية والتبرعات بالدم لليبيين. وما يُقال عن علاقة قبائل أولاد على بـ«القذافى» غير صحيح فقد تعرضوا لإغراءات للدخول فى الحرب بجانب «القذافى» ولم يستجيبوا وعرض عليهم النظام إعطاءهم ربع إنتاج البترول، ولكن موقفهم فى معظمه كان موقفاً تاريخياً مع الثورة.
- ماذا عن الموقف الرسمى؟
- المجلس العسكرى رفض إغلاق الحدود رغم طلب «القذافى» ذلك عبر مبعوث رسمى أرسله للمشير حسين طنطاوى، فى محاولة لإحكام القبضة على الثوار.
- ماذا عن ملف «أزلام» القذافى؟
هو ملف مهم، لكل دول «الربيع العربى»، حيث أفرزت الثورات قيمة مهمة وهى أن لا أحد فوق القانون، ولا بد من محاكمة جميع رموز النظام المصرى، فلماذا رموز النظام الليبى لا يقدمون للمحاكمة، لا يمكن لمصر أن تسمح بعدم محاكمة أزلام النظام الليبى لأنه حق أصيل للشعب الليبى، حتى لو هربوا فى آخر الأرض لا بد من جلبهم ومحاكمتهم؛ لأن ذلك إعلاء لقيمة القانون، وهذه القيمة التى أفرزتها ثورة يناير هى التى ساعدت فى إسقاط «مرسى» ومحاكمته هو وجماعته.
* ماذا تقوم به الآن كسفير لليبيا فى القاهرة لحل ملف الأزلام، خاصة بعد الإفراج عن أحمد قذاف الدم؟
- نتصرف عبر القانون، وليس هناك صفقات سياسية، وفى أول لقاء لى مع رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوى تحدث بشكل واضح وقال لى إن هذا الملف نتعامل معه وفقاً للقانون، عبر تقديم مذكرات للبوليس الدولى الذى يقرر ضبط وإحضار المتهمين للتحقيق فى جرائمهم بصرف النظر عن جنسيتهم، حتى لو كان مصرياً، والقول بأن «قذاف الدم» مصرى ليس له قيمة لأن الجنسية لا تجعله فوق القانون ولا تحميه من عقوبة الجرائم التى قام بها، فهل إذا كان مصرياً فهذا يتيح له أن يسرق المال الليبى مثلاً؟ حتى لو كان أمريكياً.
* ما موقفك من الإفراج عن «قذاف الدم»؟
- تم الإفراج عنه فى قضية مقاومة السلطات وحيازة سلاح، وهذه القضايا عرقلت تسليمه ومرتبطة بلحظة إلقاء القبض عليه، وليس لها علاقة بالتهم الموجهة إليه من الجانب الليبى. واليوم لا بد أن نعود للأصل وهى المذكرة التى تطالب بإلقاء القبض عليه من قِبل البوليس الدولى، ونحن فى ليبيا ننتظر تسليمه هو و52 مطلوباً فى العالم.
* هل تتعرض السفارة المصرية والعمالة لأعمال عنف على خلفية ملف الأزلام؟
- «أعمال عنف» هذه كلمة كبيرة من تهويل الإعلام.. وحتى الحالة الأمنية المتردية التى يصفها الإعلام غير صحيحة تماما، نحن نرى آلاف المصريين يسافرون إلى ليبيا حتى لو بأوراق مزورة، فهل لو كانت الحالة الأمنية بهذا السوء سوف يصر الناس على السفر إلى ليبيا للبحث عن لقمة العيش؟ ولو كان هناك استهداف للمصريين كيف كان سيصل عددهم إلى مليون و600 ألف مصرى يعملون فى ليبيا، هل سيهربون للجحيم بأنفسهم مثلاً؟
* ما الجهود التى تقوم بها حالياً لوضع العلاقات المصرية - الليبية فى مسارها الصحيح؟
- أنا عشت فى مصر أكثر من 20 عاماً، وأعتبر نفسى نصف مصرى، ورأيت كيف كانت تدار العلاقات خلال هذه السنوات، وكنت أقول لو كانت هناك قيادة عاقلة فى ليبيا لكانت العلاقات فى أحسن حالاتها. وحتى الآن ليس هناك وعى لدى المسئولين فى البلدين بأهمية العلاقات بين مصر وليبيا. ونحن لدينا مليون أم مصرية فى ليبيا، وتداخل كبير جداً بين العائلات فى البلدين، نحن شعب واحد ولا أحد يدرك ذلك. لدينا خلال العام الواحد حوالى 200 ألف ليبى يزورون مصر، و8 آلاف طالب يدرسون فيها، ويجب على المؤسسات الثقافية إدراك أن هؤلاء الطلاب سيكون من بينهم الوزراء والمسئولون الليبيون فى المستقبل ورغم ذلك بعضهم تصله رسالة سيئة حينما يفشل فى الحصول على التأشيرة أو الإقامة رغم أنه طالب مسجل فى مصر.
* ألا ترى أن هناك مشروعات قومية مشتركة يمكن أن تساهم فى تنمية البلدين؟
- حلمى هو مشروع تنمية منطقة «العلمين - طبرق» التى حدثت فيها الحرب العالمية، وظلت من دون تنمية وهى تحمل ألغام تلك الحرب التى تمثل 22 مليوناً، التى هى عار فى جبين الإنسانية، ويجب تنميتها كما جرت تنمية منطقة «نورماندى - ليننجراد» التى شهدت أيضاً أحداث الحرب العالمية، ونحن إذا قررنا أن نفعل شيئاً لهذه المنطقة ووضعنا العالم أمام مسئوليته وخاصة الدول التى تحاربت وتأتى كل عام لزيارة قبور موتاهم، دون الالتفات للعار الذى خلفوه وراءهم. وهذا المشروع بدأنا نتحدث عنه الآن مع المسئولين المصريين. والمشروع الآخر هو الخروج بآلية للتعاون فى شكل مجلس اقتصادى لرجال الأعمال المصريين والليبيين. وليس لدينا ماكينة لإطلاق الأفكار، وهدفى هو تأسيس مركز تفكير تحت اسم «دار الاستقلال» يقوم بإطلاق المبادرات القابلة للتطبيق لتعزيز العلاقات بين البلدين، لأن المشكلة أن لدينا 122 اتفاقية ومذكرة تفاهم لا تساوى الحبر الذى كتبت به، لأنها لم تأتِ ببحث، ونحن نسعى لتفعيل اتفاق الحريات الأربع بين البلدين وتطويرها. والمشروع الآخر هو تنمية الشريط الحدودى بين البلدين والساحل المشترك أيضاً بالبحر المتوسط بدلاً من أن «تعشش» به الأفكار والجماعات المتطرفة لأن التنمية تطرد ذلك.
* كيف ترى أحداث العنف التى تشهدا مصر وما مدى ارتباطها بفوضى الحدود مع ليبيا؟
- الشعب المصرى بطبيعته لا يحب الدم والعنف فهو شعب عاش فى مجتمع نهرى وما يحدث من عنف مخالفة لطبيعتكم، وجراحكم بسيطة وستداويها الأيام. ونحن نتمنى استقرار مصر لأنها عنصر أساسى فى استقرار المنطقة العربية.
لدينا فى ليبيا 250 مليون قطعة سلاح أنفق عليها «القذافى» أكثر من 50 ملياراً طوال فترة حكمه، وصحيح أن هناك تهريباً للسلاح و«القذافى» كان يصدرها لأماكن التوتر، لكن الآن لم يثبت أن السيارات المفخخة والقنابل التى تضرب مصر حاليا تم تصنيعها أو تهريبها من ليبيا. وفوضى الحدود نحن نعانى منها أيضاً فنحن منحنا 22 ألف فيزا لمصريين خلال العام الماضى لكن الذين دخلوا بالفعل أكثر من 250 ألف مصرى.
* كيف تقيم مسار انتقال الثورة الليبية إلى دولة بعد مرور 3 أعوام على ثورة 17 فبراير؟
- ليبيا سوف تنتقل من الثورة إلى الدولة، وهناك جوانب إيجابية كبيرة مقارنة بانتشار السلاح، وهناك حراك سلمى يطالب بإنهاء ولاية البرلمان، ويرفض وجود الميليشيات، والحالة العامة مستقرة ولم يحدث اقتتال شرس، وليس هناك حاضنة شعبية للعنف.
ورغم عدم وجود دولة قوية فى ليبيا فإن الإدارات الحكومية والمطارات والبنوك والمصالح الخدمية والسفارات تعمل بشكل طبيعى بفضل العادات والتقاليد والنسيج المجتمعى القوى. ونعتبر أن حالتنا طيبة وإيجابية جداً، ولو كانت دولة أخرى يوجد بها هذا الحجم من السلاح بيد الناس، لكانت فى حرب أهلية طاحنة ومستمرة. وصورة ليبيا فى الإعلام المصرى مخالفة للحقيقة وأعمال العنف أقل بشدة مما هو سائد فى الأذهان. وهناك حديث متكرر وممل فى الإعلام حول الإخوان فى ليبيا كأن «الدنيا كلها إخوان»، حتى «أزلام» القذافى يروجون أننى إخوان خلال تظاهرهم أمام السفارة ويعتقدون أن ذلك سيجد صدى لدى الإعلام المصرى وليضمنوا لهم تواصلاً مع القيادات المصرية، ويحاولون عرقلتى عبر هذه الشائعات، ومؤخراً نظموا مظاهرة «لتحرير السفارة الليبية من الإخوان».
* إذا لم تكن إخوانياً، فما هو فكرك السياسى؟
- أنا وطنى ليبى سنونسى، أنتمى للوطنية الليبية التى جاء تركيبها الغالب «سنونسى»، وأنا من أنصار عودة الملكية فى ليبيا. وقضيت 22 عاماً فى مصر معارضاً لنظام «القذافى». وليس لدى مشكلة مع الانتماء لأى أيديولوجيا، العار الحقيقى هو الانتماء للجان الثورية التابعة لـ«القذافى» التى كانت تشنق المعارضين.
* أصبح ترشح «السيسى» للرئاسة أمراً شبه محسوم، فكيف سيؤثر وجوده على رأس السلطة فى مصر على العلاقات المصرية - الليبية؟
- المشير السيسى التقيت به مرتين، وهو شخصية دافئة وحميمية، والكلام الذى قاله عن ليبيا ومعزته لها، يدل على أن العلاقات بين البلدين ستتطور، وكنا فى لقاء مع القادة العسكريين، وسألهم هل أنتم مستعدون لتطوير العلاقات مع ليبيا؟ فرد الجمع الحاضر من القادة العسكريين قائلين: «جاهزين من امبارح».
ومصر تحتاج إلى شخصية قوية يختارها الناس بإجماع وبشكل ديمقراطى، وهو أكد لى أنه يدعم بشكل شخصى تعزيز العلاقات مع ليبيا، ومن يختاره الشعب المصرى سيعزز العلاقات مع جميع دول المنطقة، لأننا جربنا الرؤساء الذين يُفرضون فرضاً وكيف كانت العلاقات سيئة فى عهدهم.