ليبيا المستقبل
رويترز: عاد شبح بنغازي للظهور من جديد. فقد طفا على السطح مرة أخرى الجدال حول الهجوم الذي وقع في مدينة بنغازي الليبية عام 2012 واتهم الجمهوريون البيت الابيض باطلاق ستار دخان في أعقاب الهجوم لحماية فرص إعادة انتخاب الرئيس باراك أوباما.
ويأمل الجمهوريون استغلال هذه المسألة لتحقيق مكاسب في عام الانتخابات لكنهم ربما يواجهون رد فعل عكسيا من الناخبين إذا تجاوزت ضغوطهم حد المعقول. وبالمثل لا يسع الديمقراطيون تجاهل التساؤلات حول الهجوم الذي سقط فيه أربعة أمريكيين قتلى. وحتى ظهرت رسالة بالبريد الالكتروني من عام 2012 عما حدث في بنغازي أرسلها بن رودز أحد كبار مساعدي أوباما في الشؤون الخارجية كان اهتمام وسائل الاعلام قد انحسر إلى حد كبير بالأحداث التي أحاطت بالهجوم على المجمع الأمريكي في بنغازي.
وأشعلت هذه الرسالة الجدل من جديد لانها ألمحت إلى محاولة من البيت الابيض لحماية أوباما من أي ضرر سياسي قد يلحق به. وهذا الاسبوع عين جون بينر رئيس مجلس النواب النائب الجمهوري تري جودي لرئاسة لجنة مختارة تتولى التحقيق في المسألة من جديد. ومن المقرر أن تبدأ جلسات الاستماع هذا الشهر. من ناحية أخرى استدعي وزير الخارجية جون كيري للشهادة عن أحداث بنغازي أمام لجنة أخرى بمجلس النواب يوم 21 مايو ايار الجاري.
وتأتي التطورات الأخيرة في وقت صعب بالنسبة للديمقراطيين الذين يكافحون للاستمرار في السيطرة على مجلس الشيوخ الامريكي في انتخابات الكونجرس التي تجري في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني. ولا يستطيع الديمقراطيون تحمل تبعات اتهامهم بأنهم أعاقوا تحقيقا يجريه الكونجرس إلا إذا استطاعوا اثبات أنه قائم على دوافع سياسية. ويقول الديمقراطيون إن هجوم بنغازي موضوع منته بحقائق مؤكدة قوامها أن متشددين مسلحين هاجموا منشأة أمريكية في بنغازي يوم 11 سبتمبر ايلول 2012 وقتلوا السفير الأمريكي كريس ستيفز وثلاثة أمريكيين آخرين.
ويشير الديمقراطيون إلى أنهم شهدوا سبعة تحقيقات حتى الان بالكونجرس عن أحداث هجوم بنغازي وتلقوا استدعاء للشهادة ثماني مرات وحضروا 13 جلسة استماع و50 جلسة اطلاع ومقابلات استغرقت مئات الساعات ونشروا 25 ألف وثيقة. وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض للصحفيين هذا الاسبوع "هذه نظرية مؤامرة تبحث عن مؤامرة."
وأصر البيت الابيض على أن إدارة أوباما لن تتعاون إلا في الاشراف "المشروع". وهذا قد يعني أن الإدارة قد تعترض على مطالب الجمهوريين بأن يدلي مسؤولون كبار بشهادتهم مثل وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون. وربما يشير اصرار نانسي بيلوسي زعيمة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ على أن يتساوى عدد الديمقراطيين والجمهوريين في اللجنة المختارة إلى أن رفض بينر هذا الطلب قد يدفع الديمقراطيين في مجلس النواب لمقاطعة الاجراءات.
وفي العادة يكون لحزب الأغلبية في مجلس النواب وهو الحزب الجمهوري حاليا عدد أكبر من الاعضاء في اللجنة. ويمثل التحقيق في أحداث بنغازي اختبارا للمستشار القانوني الجديد للبيت الابيض نيل ايجلستون الذي وقع الاختيار عليه لاسباب منها خبرته في التعامل مع تحقيقات الكونجرس في قضايا خلال الفترة الثانية من ولاية رئيس. فقد كان له دور مماثل خلال حكم بيل كلينتون.
وبالتركيز على بنغازي يجازف الجمهوريون بالظهور بمظهر الانتهازي ويعززون اتهامات الديمقراطيين لهم بأنهم يفتقرون إلى جدول أعمال للحكم. ويصر الجمهوريون على أن اهتمامهم ببنغازي ليس له دوافع سياسية بل البحث عن الحقيقة فيما يرون أنه هجوم إرهابي على غرار هجمات 11 سبتمبر ايلول. ويعتقد الجمهوريون أن معاوني الرئيس في البيت الابيض حاولوا حماية صورة أوباما خلال حملة إعادة انتخابه.
وقال خبير الاستراتيجية الجمهوري ستيوارت ستيفنز الذي كان أكبر مستشاري المرشح الرئاسي ميت رومني في عام 2012 "ربما تكون الأحداث التي وقعت معقدة. لكن ليس هذا ما نتحدث عنه. نحن نتحدث عن محاولة لتوجيه رواية الاحداث والتحكم فيها وهم ينفون أنهم فعلوا ذلك." لكن مسؤولين سياسيين من الجمهوريين يقولون إن بنغازي موضوع يلقى اهتماما كبيرا من قاعدة مؤيدي الحزب من المحافظين الذين يرجح اشتراكهم في التصويت في انتخابات نوفمبر تشرين الثاني.
وكما يرى الجمهوريون الفرصة سانحة للنيل من صورة هيلاري كلينتون التي يحتمل أن تصبح مرشح الديمقراطيين في سباق الانتخابات الرئاسية عام 2016 والتي كانت وزيرة للخارجية عندما وقع الهجوم في بنغازي. ومن الأسئلة الحائرة لماذا لم تنشر رسالة رودز مع طوفان الوثائق التي طرحتها الادارة الامريكية قبل عام ردا على استفسارات الكونجرس.
وتضمنت الرسالة نقاطا محددة لسوزان رايس السفيرة الامريكية آنذاك لدى الامم المتحدة للتركيز عليها خلال سلسلة من البرامج التلفزيونية عن هجوم بنغازي. وقال رودز إن من بين النقاط الأخرى ضرورة أن تتحدث رايس عن الاحتجاجات التي تهز العالم الاسلامي في ذلك الوقت "للتأكيد على أن هذه الاحتجاجات لها جذورها في فيديو نشر على الانترنت وليس في فشل أوسع نطاقا للسياسة."
ويشير رودز إلى فيديو أثار مشاعر المسلمين. ويقول الجمهوريون إن رسالة البريد الالكتروني تثبت أن البيت الابيض كان مهتما بحماية صورة أوباما. ويقول مسؤولون في البيت الابيض إن الرسالة ليست سوى قائمة بسيطة بالنقاط التي يجب أن تبرزها رايس عند الاعداد للبرامج التلفزيونية مثل أي عملية تخطيط مسبق لاي مسؤول كبير سيظهر في البرامج التي تحظى بنسبة مشاهدة عالية.
وقال المسؤولون إن رسالة رودز لم تنشر من قبل لان الطلبات السابقة من الكونجرس كانت تتعلق بمعلومات عن صياغة نقاط الحديث الخاصة بوكالة المخابرات المركزية عن الهجوم وما إذا كان البيت الابيض مشاركا في صياغتها.