ليبيا المستقبل - طرابلس - (UPI): تفاقمت المشاكل الأمنية في ليبيا بعد أن أظهرت الحكومة الحالية وسابقاتها عدم قدرتها على السيطرة عليها، نتيجة الانتشار الكبير للاسلحة، وعدم تقيد الثوار السابقين بتعليماتها بالاندماج في جهازي الجيش أو الشرطة. فمنذ إطاحة نظام معمر القذافي في أواخر عام 2011 تضاعف تشكيل الكتائب المسلحة تحت مسميات وأفكار وأيدولجيات مختلفة تأتمر بأوامر قادتها، رغم أن العدد الأكبر منها منح "صك الشرعية" من قبل المجلس الإنتقالي السابق أو البرلمان الحالي "المؤتمر الوطني العام".
ويقدر مراقبون عدد قطع الأسلحة المنتشرة في مختلف أنحاء ليبيا بأكثر من 22 مليون قطعة بين أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة، في حين لا يمتلك الجيش أو الشرطة جزءا منها، وهو ما أدى إلى إنحسارهما وعدم قدرتهما على تأدية مهامهما بالشكل المطلوب.
وأرجع مسؤول دائرة الإحصاء الليبية، مسعود خليفة، في حديث ليونايتد برس انترناشونال، كثافة إنتشار الأسلحة إلى "فتح نظام القذافي قبل سقوطه مخازنها ما دفع الجميع إلى اقتنائها". وأضاف: التحاق عشرات الآلاف من الليبيين بالثوار بعد سقوط النظام زاد من حجم المشكلة، مشيرا إلى أن عدد الثوار الذين شاركوا فعليا في الجبهات خلال فترة الحرب لم يتجاوز أكثر من 30 ألف ثائر". وقال خليفة: إن "العدد يتجاوز حالياً 300 ألف يدعون بأنهم من الثوار بما في ذلك أكثر من 20 الف سجين متهمون بجرائم مختلفة أطلق النظام سراحهم قبل سقوطه".
ورغم إنتشار هذه الكميات الضخمة من الأسلحة إلا أن الحياة تسير أحيانا بشكل طبيعي في معظم المدن باستثناء مدن طرابلس، وبنغازي، ودرنة، وسبها، التي تشهد بين الحين والآخر موجة من أعمال العنف والتفجيرات والإغتيالات التي وصلت في بنغازي وحدها إلى ما يزيد على 100 حالة إغتيال.
ومع تفاؤل الليبيين بأن بلادهم ستشهد نهضة، وتقدماً، وديمقراطية، مستقبلاً، على غرار أحدث الديمقراطيات التي تعيشها بعض دول العالم، إلا أن هناك من يرى أن ليبيا في طريقها للهاوية نتيجة إصرار من يوصفون "باشباه الثوار"، واستقوائهم في بعض المدن بما يملكون من اسلحلة وتعنتهم في محاولة فرض آرائهم بقوة السلاح لتنفيذ مطالبهم.
وقال رجل الأعمال الليبي، محمد عمر، "عندما نصحوا صباحا ونرى مئات الشركات والمتاجر خاصة التي تسوق الذهب وتبيع العملة مفتوحة وحتى ساعات متأخرة من الليل، نعتبر أن الأمن متوفر ولا مشاكل لدينا". وأضاف في حديثه مع الوكالة، انه "رغم ظاهرة الإختطاف والتهديد.. إلا أن الأوضاع تسير بشكل عادي".
ولم يتوقف عدم الإستقرار على الأمن فحسب، بل طال قطاعات السياسة والخدمات، فالكثير من التشكيلات المسلحة استندت الى ما تملكه من قوة لـ"إرهاب" السلطات في البرلمان والحكومة، وقامت باقتحام مقراتهما ووصل الأمر إلى اختطاف رئيس الحكومة على زيدان نفسه.
وتساءل مسؤول عسكري في إحدى المدن التي تستقوي بما تملك من سلاح، فضل عدم ذكر إسمه ليونايتد برس انترناشونال، "كيف نسلم الأسلحة ولمن.. إذا كانت الحكومة غير قادرة حتى على حماية نفسها". وأضاف أن مدينته "أصبحت هدفاً غير معلن لعدد من الحاقدين عليها لدورها الكبير في انجاح ثورة 17 فبراير واسقاط نظام القذافي.. وبالتالى فإنها لن تتخلى عن سلاحها بل هي تعمل على تجنيد وتدريب أشخاص جدد لضمان أمنها". ما يمكن قوله، إن الأوضاع التي تعيشها ليبيا لا أحد يستطيع أن يتنبأ بنتائجها. فـالليبيون متفقون على عودة الجيش والشرطة، لكن عدم قدرة الحكومة على السيطرة على المسلحين أصبح الهاجس الأكبر لكل الليبيين الذين يؤكدون بأنهم سيحمون ثورتهم ولو بثورة جديدة تقضي على كل هذه الأوضاع الشاذة وتضع حد لها.
المصدر: UPI