فرقاء ليبيا في حالة من الإرباك الحقيقي، خاصة بعد انقسام البرلمان والمؤتمر الوطني المنتهية ولايته، وبات لدى كل طرف فريقين للحوار، في مشهد يوحي بصعوبة إنهاء الأزمة الليبية بالسرعة المرجوة.
شبكة إرم الإخبارية: يدخل مسار الحوار الليبي، مرحلة جديدة من التخبط وعدم الوضوح في ملامحه، وبعد وصول الحوار إلى مراحل الاتفاق والمصادقة، تشابك الموقف حول المشهد المتوقع والأخير. وأصبح فرقاء ليبيا في حالة من الإرباك الحقيقي، خاصة بعد انقسام البرلمان والمؤتمر الوطني المنتهية ولايته، وبات لدى كل طرف فريقين للحوار، في مشهد يوحي بصعوبة إنهاء الأزمة الليبية بالسرعة المرجوة. وبعد مضي أكثر من أسبوع، على إعلان مبادئ الاتفاق (الليبي- الليبي) في تونس بين البرلمان والمؤتمر، والذي ينص على العودة إلى الدستور الملكي، تمهيداً لإجراء انتخابات برلمانية جديدة، ظهر المشاركون في حوار الصخيرات برعاية الأمم المتحدة في تونس أيضا، وأعلنوا اتفاقهم على موعد 16 ديسمبر الجاري، للمصادقة على الاتفاق وتشكيل حكومة الوفاق الوطني.
الانقسام لا يخدم الحوار
ويرى محمد عبد الله؛ النائب في البرلمان الليبي، أن “تعدد أوجه مبادرات الحوار، لايخدم وضع البلاد المتأزم، بل يجعل الوصول إلى الحل في وقت قريب أشبه بالخيال، ما يستعدي التفاف الجميع حول وثيقة الاتفاق السياسي برعاية الأمم المتحدة، كونها حظت بوقت كافي من النقاش طوال أكثر من عام”. وأضاف، في حديث مع شبكة إرم الإخبارية، “محاولة الفريق الذي شذ عن النواب، ومحاولته إحداث شرخ في الاتفاق الليبي برعاية أممية، ما هو إلا رقصة مذبوح يدفع بها رئاسة البرلمان والمؤتمر، اللتان فشلتا في جذب الأغلبية نحو مصالحهما الشخصية، وبالتالي أصبح لزاماً أن يتحرك المشاركون في حوار الصخيرات لقطع الطريق أمام أي محاولات لتقسيم وتشتيت جهود الحوار المضنية، التي تنقلت بين أقطار دول عربية وأجنبية، حتى وصلت إلى التوافق الجيد، وإن كان لا يرضي تطلعاتنا بشكل مكتمل”. وانهى النائب البرلماني، حديثه متسائلاً، “هل يمكن لإعلان مبادئ ليبي كما وصفوه، أن يحقق التوافق بشكل مفاجئ ؟ وكيف تمكن العودة لدستور الملك الذي تغيرت المفاهيم السياسية الحديثة بشأنه؟”.
أساس الاتفاق
وأكد المشاركون في الحوار السياسي الليبي برعاية أممية في تونس، على ضرورة إحراز تقدم فوري لإنجاز مسار الحوار بشكل رسمي وإقراره، وأهمية البناء على التقدم الذي تم إحرازه في الحوار، الذي قامت البعثة بتيسيره طوال العام المنصرم، بغية التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع الحالي في ليبيا. واتفق المشاركون، على إقرار نص الاتفاق السياسي الليبي دون إدخال أي تعديلات أو تغييرات إضافية، مشددين الحاجة إلى معالجة الشواغل المتبقية لدى بعض الأطراف، فيما يخص عناصر محددة في الاتفاق من خلال آليات منفصلة، مؤكدين على أن ال 16 كانون الأول/ديسمبر الجاري، سيكون موعداً للمصادقة على الاتفاق بشكل شامل.
وجدد المشاركون تأييدهم لمجلس رئاسي موسع ليقود حكومة الوفاق الوطني، مناشدين جميع الأطراف الليبية السياسية والأمنية والمجتمعية، دعم حكومة الوفاق بغية إيجاد بيئة مواتية لتمكينها من تسلّم وممارسة مهامها في العاصمة طرابلس، بمنأى عن أي ضغوطات، مع تسليط الضوء على ضرورة التوصل لاتفاق حول الترتيبات الأمنية اللازمة. بدوره، أكد مارتن كوبلر رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، أن “الوقت قد حان للعمل من أجل وضع حد للأزمة الإنسانية و السياسية في ليبيا” . وأبدى كوبلر، انزعاجه بشأن تحركات يحاول من خلالها عدد من الأطراف، تخطي الحوار الأممي، وقال في هذا الصدد “الدور التيسيري الذي تقوم به الأمم المتحدة يجب أن يستمر، وأنه يجب ألا يتحرك أحد من وراء ظهر أي مشارك في الحوار السياسي أو من وراء ظهر البعثة”.
وأردف المبعوث الأممي؛ “المتوافق عليه بين الجميع هو عدم فتح نص الاتفاق الآن، وأن نمضي قدماً على أساسه، لأننا إذا بدأنا في التعديل سنكون قد فتحنا صندوق باندورا”، على حد تعبيره. أما محمد شعيب رئيس وفد البرلمان، فقد طالب الليبيين كافة إلى احتضان هذا المقترح والالتحاق به”، مشيراً إلى أنه ” لا عودة إلى الماضي ولا تراجع عن هذا الحوار”، في إشارة لمبادرة الحوار (الليبي – الليبي) التي أطلقت في تونس. من جانبه، قال صالح المخزوم، رئيس وفد حوار المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، بأن”الحوار الذّي ترعاه الأمم المتحدة هو الأفضل، وسينعكس هذا الاتفاق بالفرح على كافة الليبيين، وأن المرحلة المقبلة لا تتحمل التأخير لإنقاذ ليبيا من الأخطار المحدقة بها”.
المؤتمر يواصل الامتناع
من جهته، رفض المؤتمر الوطني الليبي المنتهية ولايته، الاجتماع الذي عقدته الأطراف المشاركة في حوار الصخيرات، مع اشتراط على بعثة الأمم المتحدة، الرد على الاتهامات بحق المبعوث الدولي السابق برناردينو ليون، كشرط للحضور في جلسات الحوار الأممية . وأوضح عوض عبد الصادق؛ رئيس فريق الحوار عن المؤتمر الوطني في بيان، بأن المؤتمر لم يكلف أي ممثل له في الإجتماع، الذي عقد في تونس برعاية البعثة، وأن المؤتمر اشترط للحضور أن يتلقى ردا على رسالته الموجهة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حول تسريبات المبعوث السابق برناردينو ليون. وشدد عبد الصادق، على إلى أن “الحاضرين في اجتماع تونس، لا يمثلون إلا أنفسهم وغير مخولين بالتوقيع على أي اتفاق”، في إشارة لموعد الأربعاء القادم، الذي حدد لتوقيع الاتفاق السياسي. ونوه رئيس فريق الحوار المؤتمر الوطني المنتهية ولايته ، بأن “الحوار السياسي الوحيد هو الذي عقد في تونس وتم فيه توقيع إعلان المبادئ في السادس من ديسمبر الحالي” ، مجددا حرص المؤتمر على التعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة للوصول لحل للأزمة الراهنة.
الدباشي يهاجم
أما إبراهيم الدباشي مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فقد هاجم كلا من (البرلمان والمؤتمر)، ووصفهما بأنهما “أصحاب المصالح الخاصة”،مطالباً بتوقيع الاتفاق السياسي الأممي، وأن يكوم المجتمع الدولي ضامناً له. وقال الدباشي في بيان تلقت ((إرم)) نسخة منه، بأن مشروع الاتفاق السياسي حظي بدعم شعبي واسع النطاق في جميع أنحاء ليبيا، كما انه يحظي بموافقة أغلبية واضحة من أعضاء مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام، ونأمل ان يتقيد رئيسا الجهازين بقواعد الديمقراطية ويطرحا مشروع الاتفاق للتصويت، خاصة وانه جرى ما يكفي من المشاورات للوصول الى توافق تام، ولم يتحقق رغم مرور خمسة شهور من التوقيع على الاتفاق بالاحرف الاولى، بسبب استمرار المواقف المتصلبة للأقلية المتطرفة في الجانبين وتهديدات من وراءهما.
وأضاف “لم يعد من المقبول الرضوخ لمزايدات اصحاب المصالح الخاصة، الذين كلما اقتربنا من الحل خرجوا لوسائل الاعلام يحركون الحقد والكراهية، ويقدمون مقترحات جديدة تزرع الأوهام، وتربك المشهد السياسي، لعرقلة اعتماد وتنفيذ مخرجات الحوار، معتمدين على خداع بعض المواطنين وتعبئتهم ضد مساعي الامم المتحدة”. وأكد مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، على تطلع الليبيون لأن يكون مجلس الأمن داعما وضامنا لتنفيذ الاتفاق حال توقيعه، وان يكون مستعدا للسماح باتخاذ كل الإجراءات ضد من يحاول اعاقة تنفيذه، أو تهديد حكومة الوفاق، او عرقلة مباشرتها العمل بمقر مؤسساتها في العاصمة طرابلس، على حد تعبيره.