العربي الجديد: تتزايد المؤشرات على أن المعركة مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قد تنتقل إلى ليبيا، بعد الأنباء التي تحدثت أخيراً عن سيطرة التنظيم على مدينة سرت الواقعة شرقي العاصمة طرابلس، وعن فرار قادة ومقاتلين من "داعش" من سورية والعراق باتجاه الأراضي الليبية، فيما يتوقع أن تحسم نتائج المؤتمر الدولي حول ليبيا، الذي يعقد اليوم الأحد في روما، الاتجاهات الدولية في التعاطي مع الأزمة، ولا سيما بعد التقدّم في مسار الحل السياسي خلال الأيام الماضية. وتبدو العديد من الدول متحمسة للتدخّل العسكري في ليبيا، وخصوصاً فرنسا وإيطاليا، اللتين تتخوّفان من اقتراب خطر التنظيم إلى حدودهما في حال استمرار توسّعه في الأراضي الليبية، في حين تبدي الولايات المتحدة وكذلك روسيا موقفاً مغايراً.
وبعدما أعلن رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، قبل يومين، أن الدول التي يستهدفها "داعش" ربما تضطر قريباً للإسراع "بسحق التنظيم في ليبيا". كشفت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية، أمس السبت، عن استعدادات بريطانية، للتدخّل العسكري في ليبيا، لمواجهة زيادة خطر التنظيم. واللافت أن مؤشرات التدخّل العسكري تتزامن مع ارتفاع أسهم توصل الأفرقاء الليبيين المتنازعين إلى اتفاق قد يؤدي إلى إنهاء الصراع القائم في البلاد، بعد توافق برلمان طبرق والمؤتمر الوطني العام، أمس الأول الجمعة، على توقيع اتفاق نهائي لتشكيل حكومة وفاق وطني، في موعد مبدئي حُدد يوم الأربعاء المقبل في الـ16 من ديسمبر/كانون الأوّل الحالي، مع ظهور اعتراضات من بعض نواب برلمان طبرق على الموعد. وجاء الاتفاق قبل أيام من موعد المؤتمر الذي تستضيفه روما حول ليبيا، اليوم الأحد. وكان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، باولو جينتيلوني، قد حدد أهداف المؤتمر بالدفع باتجاه إقرار حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، وذلك في سبيل مواجهة خطر "توسّع تنظيم داعش". ومن المرجح أن يفتح تشكيل حكومة وفاق وطني الباب أمام التدخّل العسكري الخارجي في حال تم حسم هذا الخيار، إذ كشفت صحيفة "ديلي تلغراف" أن التدخّل البريطاني ينتظر حكومة وحدة وطنية. ونقلت الصحيفة في تقرير لها أمس، عن مصدر حكومي بريطاني، قوله إن "هناك حاجة لوجود حكومة ليبية معترف بها يمكن أن تطلب منا المساعدة، وحينها سنفعل ما في وسعنا لمساعدتها على التعامل مع داعش". وقال المصدر إن بريطانيا "تتحرك في اتجاه" خطة لإرسال دعم عسكري إلى جانب حلفاء أوروبيين لهزيمة "داعش" في ليبيا.
وذكرت الصحيفة، أن الحكومة البريطانية "في غاية القلق من زيادة نفوذ داعش وجماعات إرهابية أخرى في ليبيا، إذ يشكل ذلك خطراً على أوروبا من شواطئ جنوب البحر المتوسط". وأشارت إلى أن التدخل قد يبدأ بإرسال دعم عسكري ومعدات إلى ليبيا. ومع عودة الحديث عن احتمالات التدخل العسكري في ليبيا، تتجه الأنظار إلى القاهرة، إذ يبدو هذا الخيار مفضّلاً أيضاً لدى النظام المصري، الذي كان قد تدخّل في فترات سابقة لدعم طرف ليبي على حساب آخر. وتذرع النظام المصري، مراراً، بتمدّد وتنامي دور "داعش" في ليبيا للمطالبة، أكثر من مرة خلال لقاءات مع مسؤولين غربيين لإفساح المجال أمام دول الجوار للتدخل عسكرياً في ليبيا. في موازاة ذلك، عمل الجيش المصري، أخيراً، على إحكام الحدود بين مصر وليبيا، لمنع تسلل عناصر مسلحة إلى الداخل لتنفيذ عمليات. وتقول مصادر عسكرية مصرية، إن القوات المسلحة تكثّف من تواجدها على الحدود الغربية خلال الأيام القليلة الماضية، منعاً لتسلل عناصر من ليبيا إلى مصر. وتضيف المصادر، لـ"العربي الجديد"، أن "عمليات مسح ومراقبة دقيقة تحدُث على الحدود، خصوصاً بعد الحوادث الإرهابية التي شهدتها المنطقة من قبل"، مشيرة إلى أن "قوات الجيش تُحكم قبضتها على منطقة الواحات في الصحراء الغربية، خصوصاً أنها شهدت مواجهات مع عناصر إرهابية خلال الفترة الماضية". وتؤكد المصادر أن منطقة الواحات تخضع لعملية تتبع شديدة، بعد رصْد تجمعات لعناصر مسلحة على الجهة المقابلة داخل الأراضي الليبية، موضحة أن مصادر وعناصر قبلية أمدّت الجيش بمعلومات عن تحركات على الحدود على الجانب الليبي. وتشير إلى أن عمليات مراقبة الحدود لم تتوقف منذ الهجمات الأخيرة على وحدة للجيش قبل بضعة أشهر، والاشتباكات التي دارت مع قوات حرس الحدود في منطقة الواحات. كما تلفت المصادر إلى أن سلاح الطيران يقوم بعمليات استطلاع مستمرة بشكل يومي وعلى فترات من اليوم أيضاً، وتحديداً في المساء، خصوصاً مع إمكانية التسلل في هذا الوقت. وتؤكد أن الطيران الحربي لديه أمر بإطلاق نار بشكل مباشر على أي هدف متحرك في المناطق المحظور التواجد فيها، كاشفة عن وصول معلومات عن إمكانية تنفيذ "داعش" لعمليات في مصر، بعد تسلل عناصر إرهابية من ليبيا خلال الفترة المقبلة. وتلفت إلى أن "مصادر أهلية، نقلت معلومات عن تسلل عناصر خلال أشهر ماضية، من دون معرفة ما إذا كانوا مهرّبين أو عناصر إرهابية"، مشيرة إلى أنه تم التنبيه على ضرورة إبلاغ الجهات الأمنية والجيش في حالة تواجد عناصر غريبة في تلك المناطق أو تجمعات للمسلحين على الحدود.
من جهته، يقول اللواء يسري قنديل، إن مسألة تأمين الحدود سواء الشرقية أو الغربية، عملية روتينية تحدث بشكل يومي. ويضيف قنديل، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه في حالة وجود اضطرابات في منطقة ما وتحديداً على الحدود، فإنه من الطبيعي تكثيف التواجد العسكري، وإحكام السيطرة الكاملة عليها. ويشير إلى أن حالة المنطقة الغربية مختلفة عن فكرة مواجهة مهرّبين، ولكن الأمر أخطر بعد تنامي دور "داعش" وغيره من الجماعات الإرهابية المسلحة في ليبيا. ويؤكد أن الجيش المصري لن يتهاون في مسألة وقف عمليات تسلل عناصر مسلحة بين الدولتين عبر الحدود، والأهم هو من يسعى للدخول إلى مصر، لما فيه من خطر شديد على الأمن القومي المصري. ويلفت قنديل إلى أن القوات المسلحة لديها مصادر معلومات وتعاون مع القبائل والعائلات على جانبي الحدود، لرصد أي تحركات غريبة أو تسلل عناصر أو تجمعات لجماعات إرهابية، حتى يتم التعامل معها بشكل فوري، لافتاً إلى أن "داعش" يحاول إيجاد تجمعات له على الحدود بين مصر وليبيا، وهو أمر مفهوم لدى قيادة الجيش، وبالتالي هذا سيجعل من الأمر أسهل للتعامل معه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق