السفير الليبي بالسودان: لن يذهب أي سوداني إلى ليبيا إلا إذا طلبه صاحب العمل
قابلته بالقاعدة الجوية العسكرية بالخرطوم، وبرفقته الملحق
العسكري الليبي العقيد "محمد إدريس"، وكانوا انتظاراً مع كبار ضباط القوات
المسلحة والشرطة. أخذت الإذن من مدير المراسم العسكرية اللواء "حسن"،
والناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد "الصوارمي"، للسماح لي
بالإنفراد بالسفير الليبي بالخرطوم "محمد صولا" قبل هبوط طائرة الدعم
القادمة من طرابلس، فسمحا لي ولكن لم نتمكن من إكمال الحوار، واستمر حتى
هبوط الطائرة، ووعدنا بتحديد موعد آخر لإكماله، ولكنه أدلى بالإفادات
أدناه:
بداية سعادة السفير دعنا نسأل عن مسار العلاقات السودانية الليبية بعد الثورة؟
نترحم على الشهداء، والعلاقات الليبية السودانية هي علاقات متينة،
ولا يمكن أن ينفصل البلدان عن بعضهما، فليبيا هي عمق للسودان والسودان عمق
لليبيا. وبعد الثورة تغيرت علاقاتنا مع كل دول العالم، وليس غريباً على
الجار والأخ ونحن لا ننكر موقف السودان في وحدتنا أيام الثورة، وما قدمه
لنا السودان حكومة وشعباً، فهذا قليل من كثير ما نقدمه للسودان. واليوم تصل
أول طائرة من الجسر الجوي للدعم الليبي للمتأثرين، ونعتبر أن هذا دعم
رمزي، ونسأل الله أن يخفف عنا هذه المحنة. وكان في النظام السابق عندما يصل
دعم يكون محل شك من قبل الدول، لأنه يقدم في الظاهر معونات وفي الباطن
أسلحة وكذا، ونحن نريد أن نغير فكرة العالم بأن ليبيا الآن أصبحت عربياً
وإقليمياً ودولياً، مع المجتمع الدولي في حب وسلام، وتسعى لتخفيف المعاناة
على الشعوب. وهذا واجب ونشكر الحكومة والشعب السوداني على رأسه الرئيس
السوداني "عمرالبشير"، وليس غريباً عليه ما قدمه لنا، ونعتبر ما قدمه لنا
كأخ لأخيه ولا توجد مشكلة في ذلك.
وما هي طبيعة المواد المقدمة من ليبيا لدعم المتأثرين بالسيول والأمطار في السودان؟
أغطية وبطاطين ومواد غذائية وكل ما يحتاجه المواطن.
العلاقات السودانية الليبية شهدت في
الفترة الماضية زيارات لمسئولين في مستويات مختلفة، سياسية وعسكرية
ودبلوماسية. كيف يمكن أن يتم التنسيق بين الدولتين، في القضايا المشتركة
على المستوى الإقليمي والدولي؟
يرتبط السودان وليبيا باتفاقية مشتركة، ولدينا لجنة مشتركة عقدت
سبعة اجتماعات في النظام السابق، والآن سيتم تفعيلها بناء على أطر وأسس
متينة وجديدة، وتقوم على الثقة والأخوة، والعلاقات بيننا في أن الرئيس
"مصطفى عبد الجليل"، أول من زاره كان السودان ومن بعد الصين، والقوات
العسكرية وكل المسئولين من وكيل وزارة الدفاع ووكيل وزارة الداخلية زاروا
السودان. والعلاقات تتطور في جميع المجالات العسكرية والأمنية بدرجة كبيرة،
والتعاون يشمل الصحة والتعليم، والآن نتعاقد مع عدد كبير من المدرسين.
والشعب الليبي يستلطف الشعب السوداني، لأنه يقوم على نفس السمات والعلاقات
وكل شيء.
ليبيا أغلقت حدودها قبل فترة مع دول الجوار، خوفاً من تهريب السلاح والبشر. ماذا بشأن الحدود السودانية الليبية؟
ليبيا في بداية الثورة ومازلنا مثل الطفل الذي يحبو، ولذلك لم نقم
بأي شيء، ولم نضع دستوراً ولا أي شيء آخر، وهذا الطاغية جردنا من كل شيء،
وفي البنية التحتية صفر، والآن القرار الذي اتخذه المجلس قرار يقضي بحفظ
الحدود بيننا وبين الجيران، لحفظ الحدود من الهجرة غير الشرعية، وعدم تدفق
السلاح، وأصبحوا يقولون لنا أجندات القاعدة وكذا، ولهذا صدر هذا القرار
لصالح أمن ليبيا ودول الجوار، ونحن لابد أن نحافظ على أمننا الذي هو من أمن
دول الجوار، ولابد أن نحافظ على ليبيا والسودان، وكل دول الجوار. وهذا
القرار عبارة عن تمتين العلاقات وبنائها على أسس صحيحة.
وأين هي القوات السودانية الليبية المشتركة لحماية الحدود بين البلدين والتي شكلت في وقت سابق، وما دورها في ذلك؟
موجودة وهناك اتفاقيات والآن هناك كتائب موجودة بين الليبيين
والسودانيين، في التعاون على الحدود ومنع تهريب البشر والأسلحة، وهي في
تعاون مستمر لحفظ الأمن على الحدود، وهو أمن امتدادي بين البلدين، والآن
(80%) موجود وهناك معسكرات بين السودان وليبيا وهناك خمسون من الكتائب من
السودان وخمسة وعشرون من الكتائب من ليبيا، لتأمين الحدود والمناطق
الحدودية وتوفر المياه، وأهم شيء نحن الآن ننظر للطريق الاستراتيجي البري،
وهذا من المشاريع الاستراتيجية. وهذا الطريق سيربط البلدين، مع وجود مراكز
في الحدود ومراكز تجارية وخاصة في الولاية الشمالية، والمناطق الأخرى.
مقاطعة: أين وصلت البروتوكولات التجارية بين البلدين وكيف يمكن تطويرها؟
البروتوكولات الآن مستمرة، نفس الاتفاقيات الأولى ومنذ ثورة
فبراير، التزمنا بالاتفاقيات التي وقعت في السابق، احتراماً للمواثيق
الدولية والآن مستمرة العلاقات التجارية وتصدير الحيوانات ومجالات الزراعة،
والآن يوجد تجديد لها بمنظور جديد، ونأمل زيادتها وهذا لا يتم إلا بمنظور
استراتيجي، بعد أن يتم الطريق الجديد، وهو الآن ضمن الخطة الاستراتيجية في
ليبيا، وموضوع ضمن الجدول الذي سيعرض لبداية تنفيذ المشاريع الاستراتيجية.
سمعنا عن قيام قنصليات جديدة بين البلدين. ما مدى صحة ذلك وأين ستكون؟
إن شاء الله ستكون في الفاشر من جانب في السودان، والآن قدمنا
طلباً لوزارة الخارجية السودانية أن تفتح تلك القنصلية، وإن شاء الله ستكون
لدينا الرغبة في أن نفتح قنصلية أخرى في الشمالية، لأنها ستقوم بأعمال
كبيرة، وستخفف الضغط علينا هنا في الخرطوم، والتعامل مع السودان مهم
بالنسبة لليبيا.
وما هي أولى أولويات سعادة سفير ليبيا لبناء وتطوير العلاقات مع السودان خلال الفترة القادمة؟
أولوياتي دعم العلاقات التجارية والثقافية والاقتصادية، والحمد
لله العسكرية والأمنية مطمئنين عليها، وهذا ما يعمق التعاون وعندما يكون
هناك تعاون ونية صادقة تسهل كل الصعوبات، ولن تكون هناك مشاكل أبداً بإذن
الله.
هناك مخاوف الآن يبديها البعض من
وجود مؤيدين للنظام السابق. كيف تنظرون إلى مسيرة الثورة خلال الفترة
الماضية، وما رؤيتكم لمستقبلها؟
الثورة قائمة وهؤلاء يغردون في الخارج كمن يحرث في البحر، والآن
بدأت ليبيا الأخذ بطريقها خطوة خطوة، ونحن بدأنا دون وجود بنية تحتية ولا
جيش، والآن نحن نبني رويداً رويداً حتى تقوم الدولة على رجليها، وما يتردد
عن ذلك هو في الإعلام، وحتى الإعلام الليبي أضر بكثير في النتائج، نتيجة
لعدم الوعي وقد تكون هناك أجندات، ولكن نطمئنكم بأن الشعب الليبي يختلف عن
أي شعب، ويعمل بالمثل القائل (أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على
العدو). ومهما حاولت الأجندات، فالشعب الليبي مهما كانت الخصومة يتحد في خط
معين، وهناك خط أحمر لا يمكن أن يتجاوزه أي أحد من الليبيين برغم وجود
الخلاف.
هناك من تحدث عن وجود تحديات في تحقيق الوحدة بين كتائب الثوار لبناء جيش قومي لليبيا، ماذا تقول؟
هم متحدون أساساً، وكل واحد في منطقة والثوار موجودون، والذين ثار
اللبس فيهم هم من الأخوة غير الثوار الذين دخلوا في مرحلة بعد الثورة،
وصارت هناك في المرحلة الأخيرة الصراعات القبلية في ليبيا، لكن الثوار
موجودون ومتحدون، وهناك من طالب بالفدرالية لكن كل الليبيين يرفضون هذا،
ونحن قدمنا آلاف الشهداء في سبيل وحدة ليبيا. والنظام السابق كان يريد أن
يقسم ليبيا، ولكن الآن أي مواطن يرفض تجزئة ليبيا، ونحن شعب واحد وبلد
واحد.
دعنا نسأل عن العمالة السودانية في ليبيا، وكانت هناك بعض المشاكل التي ظهرت هنا في قضية الهجرة إلى ليبيا؟
أحب أن أوضح أن على الإخوة والأشقاء في السودان الذين يهاجرون إلى
ليبيا، ونحن مع الجانب السوداني قمنا بترتيبات منظمة ونعاهدكم وأتحمل
المسئولية في أنه منذ الأول من يناير للعام 2013م، لن يذهب أي سوداني إلى
ليبيا دون أن يكون عمله موجوداً وصاحب العمل حقيقة طلبه. ونحن طلبنا من
الإخوان تنظيم التأشيرات، وأن يحضر الشهادة الصحية والفيش من وزارة العمل
في السودان عدم الممانعة وعقد العمل الأصلي من ليبيا والرقم الآلي من
الجوازات الليبية، ومن يأتي بهذه الأشياء الخمسة سيأتي معززاً مكرماً
شخصياً إلى الشباك، ونحن لا نتعامل مع مكاتب الاستخدام، وهذا قرار من دولة
ليبيا لأن بعضها يبتزون ويعملون مشاكل، وكل المشاكل الصائرة هم سببها، ونحن
نطلب من السودانيين أن يحضروا بأنفسهم أعزاء مكرمين، ومفروض يدفع مائتين
دينار، ولكن نتيجة لكرم السودانيين مع ثورة (17) فبراير أنا خفضتها وجعلتها
فقط (100) دينار كمساعدة للمواطن الليبي، وبالتالي السوداني يأتي إلى
الشباك اليوم وبعد ثلاثة أيام يأخذ تأشيرته ويستلم جوازه شخصياً، ونحن
جهزنا لهم صالة خاصة مجهزة ومكيفة وفيها مقاعد ونظمناهم مع الشرطة
السودانية بارك الله فيهم، ويدخلون لنا الذين لديهم أوراق صحيحة ويمنعون
دخول الأوراق المزورة. ونحن لا نريد أي مشاكل، وصحيح هناك تعاون عسكري على
الحدود بين السودان وليبيا وتشاد، ونحن نطالب السودانيين أن لا يتعاملوا مع
المكاتب، والذين يتاجرون بالبشر والهجرة غير الشرعية، ومن يفعل ذلك سيكون
خاسراً ولن يستطيع أن يمر إلى ليبيا، وعليه أن يأتي بطرق بسيطة إلى السفارة
معززا مكرما دون أي جهد. ولو وصل إلينا ألف أو ألف وخمسمائة، سنستلم منهم
الجوازات، ونطلب منهم العودة بعد ثلاثة أيام لاستلام التأشيرات.
بالنسبة للسودانيين الذين كانوا في
ليبيا قبل قيام الثورة، لديهم ممتلكات وحقوق هناك. وبعضهم حضر إلى السودان
وواجه مشكلات في العودة إلى ليبيا للحصول على حقوقهم. ماهي ترتيباتكم لهم؟
نحن نصحح هذا السؤال وأقول إن السودانيين بارك الله فيهم عندما
قامت الثورة، وقفوا معنا وأنا أؤكد لك أن الليبيين ليس من النوع الذي يشتغل
معه سوداني ويأكل حقه، والليبيون يحبون السودانيين جداً والليبيون
متواضعون ويختلفون عن أي شعب عربي آخر، ونعم يوجد شواذ عن القاعدة ولكن
أؤكد لك أن أي مواطن سوداني عمل مع مواطن ليبي، لن يأكل حقه ولو بعد حين.
هناك من السودانيين من خرجوا من ليبيا وتركوا منازلهم وممتلكاتهم دون أن يأخذوها. ماذا بشأن هؤلاء؟
المنزل إذا كان ملكاً له فهو مازال مصاناً، والنظام السابق لخبط
لنا الأمور وأخذ منازل البعض ومنحها لآخرين، ولكن الآن هناك لجنة خاصة
تتابع، ولكن لا يكون ذلك بالدماء. وهذه اللجنة إما أن تعوض أو تعيد
الممتلكات والمنازل لأصحابها. ونحن نطمئنكم انه لا يمكن أن يضيع أي حق من
الحقوق المشروعة وليس الهجرة غير الشرعية.
هل الآن يمكننا أن نقول لأصحاب هذه الادعاءات إن عليكم التوجه إلى سفارة ليبيا بالخرطوم وأثبتوا حقوقكم؟
الذي لديه حقوق عليه أن يقدم أوراقه الثبوتية الصحيحة، ومصدقة من
الدولة السودانية، ومن وزارة الخارجية السودانية، ونحن بعد ذلك مستعدون.
ونقول من لديه حق سيأخذه ودائماً الحقوق محفوظة.
هناك تجربة القوات السودانية
الليبية بشكل ثنائي، وكذلك السودانية التشادية. هناك حديث عن ترتيبات
لتشكيل قوات ثلاثية سودانية ليبية تشادية، لتأمين الحدود أين وصل ذلك
الطرح؟
هذه القوات موجودة وقائمة تشتغل، في الأول واجهتها بعض العقبات،
ولكنها الآن تشتغل وتعمل فيها الوحدات الجوية لمراقبة الحدود، والآن بما أن
السودان لديه علاقات متميزة مع تشاد بارك الله فيهم، سهلوا لنا الأمور،
وحتى الأمن مهم لكل دول الجوار.
وماذا عن مجالات التدريب والتعاون، ومن المعروف أن ليبيا بعد الثورة تحتاج للكثير من الكوادر في مختلف المجالات؟
هناك تعاون في مجالات التعليم العالي، والآن كل مناطق ليبيا
تعاقدت مع أساتذة سودانيين ومنهم ألف دكتور منهم ثمانمائة وصلوا بالفعل لكل
المناطق، والآن موجودون وبالنسبة لتعامل الجيش لدينا ضباط يدرسون في
الأكاديمية العليا، وفي الكلية الحربية هنا في السودان ويمنحون الشهادة في
لسانس القانون في عام ونصف، عكس مصر التي تمنحها في ثلاث سنوات، ورغم صعوبة
الجو ولكن التسهيلات أكبر والآن الشباب الليبيون موجودون هنا في السودان،
ومنتظمون ولا توجد أي مشاكل.
وما هي رسائلكم للشعبين في البلدين للمساعدة. ماذا تقول للجانب الشعبي لدعم العلاقات؟
بدون الدعم الشعبي لن تنجح الحكومة ولا الدولة، وهذا الدعم للوطن
ويكون بالإخلاص، وإن تقول للحكومة أنك أخطأت والآن عندنا في ليبيا
ديمقراطية برغم أننا نعاني من توفر السلاح، ورغم ذلك عندما تنظر إلى تدفق
السلاح وما يدور في ليبيا، نعتبر أن (80%) استقرار، ولو كان ذلك في دولة
أخرى بحسب اعتقادي، كانت ستقع كوارث. والآن تحدث بعض الأشياء كحوادث عارضة
وهي في نهايتها، وهناك (17) ألف مجرم من السجناء أطلقهم النظام السابق
المجرم، وأخذوا السلاح وهم يعلمون أن مصيرهم إلى السجن، وهم أخذوا السلاح،
ونحن الآن في طريقنا إلى احتواء ذلك، والآن يقوم الجانب المدني من
المواطنين في كل المناطق. ومعروف أن النظام القبلي موجود، ولولا حكماء
وكبار ليبيا لكانت ليبيا ليس في وضعها الحالي، ونحن الآن الحمد لله نعيش في
استقرار ونتمنى التقدم.
النظام السابق وصلت أياديه إلى
مناطق كثيرة في أفريقيا، ودارفور كانت الأكثر إضراراً منه، نتيجة تدفق
السلاح ودعمه للحركات. ما هي خطتكم للتعامل مع دارفور، وتجاوز العقبات
والمشكلات السابقة التي سببها النظام السابق؟
دارفور نحن ننظر لها من الناحية الإنسانية، ومن الثقافة والجوانب
الزراعية، ومنظورنا لها ليس كما كان في السابق، ونحن نبدأ الآن في هذا
الدعم ولو كان ذلك في عهد النظام السابق، لكان قدم وضع المواد الصحية في
الأعلى والأسلحة من تحت. ونحن نقول للعالم إن ليبيا تغيرت سياستها ولم تعد
ليبيا كما كانت في السابق، ونطلب من جميع شعوب وبلدان العالم، أن تغير
نظرتها إلى ليبيا التي هي دولة القانون والتعامل مع الأمم المتحدة، وتساهم
في الرقي الإنساني في العالم.