اهتمت الصحافة العربية الصادرة، اليوم الأربعاء، بتطورات الوضع العسكري ومساعي إطلاق الحوار المعلق حتى الآن «غدامس 2» بين أطراف الصراع المختلفة في ليبيا.
التدخل الغربي والوضع المقسم
نقلت جريدة «الجمهورية» المصرية عن السفير الليبي السابق لدى الجزائر، عمر خليفة الحامدي، قوله: «إنَّ المشهد الليبي يشهد حالة من الإرباك والضبابية وعدم وضوح الرؤية ودق طبول الحروب الأهلية بسبب تدخلات الدول الغربية التي ساهمت في إزاحة نظام القذافي لتنفيذ أهدافها الخبيثة في نهب ثروات البلاد وترك الليبيين يواجهون المصير المجهول».
واتهم الحامدي، حسب الجريدة، بعض الدول كقطر وتركيا بتمويل الجماعات الإرهابية وإمدادها بالسلاح والأموال والأفراد.
وحول الوضع السياسي، قال الحامدي إنه «بات مقسمًا إلى ثلاث فئات؛ قوى فبراير المدنية لها برلمان وحكومة في طبرق معترف بها في المنظَّمات الدولية، وقوى فبراير الإسلامية لها حكومة وبرلمان وتسيطر على العاصمة (طرابلس) ولديها قوات و(ميليشيات) مسلحة، والقوى الأخيرة أنصار الشرعية والرافضون لسلطة فبراير نظَّموا أنفسهم ضمن إطار مؤتمر القبائل والمدن الليبية ولهم قوات متوسطة تقاتل مع الزنتان والجيش الوطني».
وطرح السفير الحامدي ورقة عمل للخروج من المأزق الليبي عبر الأفق السلمي بالحوار بين مجلس النواب ومؤتمر القبائل للوصول إلى خارطة طريق يُستفتى عليها الشعب الليبي وضرورة عقد مؤتمر عام لجميع القبائل والمدن الليبية والفصائل السياسية دون تمييز أو تهميش لأحد لأنَّه إذا لم يتم ذلك فورًا فإنَّ الأوضاع المتردية وتضرر دول الجوار والعالم سيؤدي إلى تدخل دولي لتنفيذ البند السابع من ميثاق مجلس الأمن.
فرد أمن في معبر رأس إجدير الذي شهد معاركًا محتدمة بين الجيش وفجر ليبيا - 15 ديسمبر 2014 (مصدر: رويترز)
الطريق إلى «غدامس 2»وتابعت «الشرق الأوسط» اللندنية، آخر مستجدات حوار «غدامس 2» الذي ترعاه الأمم المتحدة، ونقلت عن الناطق الرسمي باسم المؤتمر العام (المنتهية ولايته) عمر حميدان، أنَّهم مستعدون لمواصلة المحادثات لإنهاء الصراع في البلاد، إذا تغير مكان عقد الجولات المقبلة إلى مدينة هون الصحراوية في جنوب البلاد، وإذا لبيت طلبات معينة.
وقال حميدان، في مؤتمر صحفي مقتضب عقده في طرابلس أمس: «إنَّ المحادثات يجب أنَّ تُجرى على أساس أنَّ المؤتمر الوطني هو الكيان الشرعي»، مشيرًا إلى أنَّ القوات التي شنَّت هجومًا في محاولة للسيطرة على موانئ نفطية شرقية كانت تتحرك باسم المؤتمر.
وأوضح حميدان، حسب الجريدة، أنَّ المؤتمر يشترط أنْ يتأسس الحوار على احترام الإعلان الدستوري، والقضاء باعتباره مؤسسة مستقلة لا يجوز الزج به في الأمور السياسية، واحترام السيادة الليبية، ومبادئ ثورة 17 فبراير. كما لفت إلى أنَّ المؤتمر أقر إنشاء جهاز لتنظيم العمل العسكري وجمع الثوار، وسيصدر قرارٌ يوضح تسمية هذا الجهاز واختصاصاته وهيكلته الإدارية بالتنسيق مع وزارة الدفاع ورئاسة الأركان.
من جانبها، تعهدت حكومة الثني، في بيان أصدرته أمس حسب «الشرق الأوسط»، بأنَّها لن تدخر جهدًا في تسخير كل الإمكانات لدعم الجيش الليبي في ظل هذه الظروف الصعبة، مشيرة إلى أنَّها قدَّمت وما زالت تُقدِّم دعمها المعنوي له في معركته ضد الانقلابيين والإرهابيين.
واعتبرت أنَّ «المعارك الأخيرة دلالة واضحة على يأس قوات فجر ليبيا وتخبطها، ومحاولة بحثها عن تحقيق انتصار عسكري وهمي بعد تقدُّم قوات الجيش إلى العاصمة طرابلس وسيطرتها على معبر رأس إجدير على الحدود المشتركة مع تونس».
جلسة مؤتمر حول ليبيا في مدريد - أرشيفية (مصدر: الإنترنت)
التريكي ودور الوسيطوفي حوار له مع «الشرق الأوسط»، كشف وزير الخارجية الأسبق في عهد القذافي علي التريكي، دوره في ترتيب لقاء بين مجموعات ليبية - لم يسمها - وممثل الجامعة لدى ليبيا ناصر القدوة، قال التريكي عنها، بحسب الجريدة: «بادرت الجامعة العربية بعد اتصالي بهم والتقى معهم ممثل الجامعة في الأردن، وأعتقد أنَّ هذا اللقاء حقق نتائج إلى حد ما جيدة في إطار محاولة بناء حوار بين الليبيين».
وأضاف التريكي: «طلبوا مني ترتيب لقاء مع ممثل الجامعة العربية، بعضهم جاء إلى مصر مثل طاهر الجهيمي وهو من السياسيين الأفاضل، وكان محافظًا للبنك المركزي، والتقى ممثل الجامعة ناصر القدوة، وبعضهم ذهب إلى الأردن والتقاه هناك، لم ألتق بهم، ولكن حسب ما علمت أنَّ الدكتور ناصر القدوة راضٍ عن نتائج اللقاء».
وأكد أنَّ «الحوار مستمرٌ، والمسألة ليست في مكان الانعقاد، المهم أنْ ينعقد مؤتمر المصالحة الوطنية في أية بقعة على التراب الليبي. لأنَّ الهدف هو إعلاء قيمة ومكانة الوطن والحفاظ على ثرواته، خاصة النفطية».
وزير الخارجية الأسبق في عهد القذافي علي التريكي - أرشيفية (مصدر: الإنترنت)
أما جريدة «الخبر» الجزائرية، فنقلت عن وزير الدفاع الفرنسي جون إيف لودريان، دعوته الجزائر ومصر وتونس، إلى العمل على مساعدة ليبيا لحل أزمتها السياسية، وقال بحسب الجريدة: «لأنَّ جنوب ليبيا تحوَّل إلى مصدر خطر ولا استقرار في منطقة الساحل».
وطلب لودريان من الدول الأفريقية تنسيق جهودها لمواجهة التحدي «الجهادي» في المنطقة، محذرًا، في مؤتمر دولي حول الأمن والسلم في أفريقيا، من خطر اللا استقرار في منطقة الساحل بسبب الوضع في جنوب ليبيا، داعيًا إلى جعل «التعاون قاعدة وليس استثناء، لأنَّ التسيير المحلي للتحديات الأمنية يعد سرابًا، لأنَّ التهديد الإرهابي يتغذى بغياب الحدود وعدم تأمينها».
واعترف وزير الدفاع الفرنسي ضمنيًّا، حسب الجريدة، بأنَّ الجماعات الإرهابية فرَّت من منطقة الساحل إلى جنوب ليبيا بعد العملية العسكرية الفرنسية «سرفال» في 2013.
وموازاة مع استبعاده في الوقت الحالي تدخلاً عسكريًّا في جنوب ليبيا، قال لودريان: «إنَّ الأزمة الليبية لابد أنْ تكون محل حل سياسي»، مشددًا بهذا الشأن: «يجب على مصر والنيجر وتشاد وتونس وأيضًا الجزائر أنْ تساهم في الجهود لكي يتمكن هذا البلد غدًا من سلطته السياسية التي تمكِّنه من معالجة مسألة الجنوب».