العرب اللندنية: أكدت مصادر إعلامية أن الفرع الليبي لتنظيم الدولة الإسلامية بدأ يجهز لعملية كبرى للهجوم على منطقة الهلال النفطي خلال هذا الشهر بغية السيطرة عليها. وسبق أن حذّر خبراء أمنيون من سعي داعش للسيطرة على الموارد النفطية في ليبيا، معتبرين أن الهجمات التي استهدف بها التنظيم عدة منشآت نفطية في بداية العام الجاري، دليل على رغبته في الهيمنة على الثروات الطبيعية في ليبيا. ولم يستغرب محللون سياسيون التحضيرات التي يقوم بها داعش للهجوم على منطقة الهلال النفطي باعتبار أن الاستحواذ على المنشآت النفطية يعدّ أحد أهم مصادر تمويله في سوريا والعراق، موضحين أن الفرع الليبي يحاول استنساخ هذه التجربة لهذا فهو يسعى إلى السيطرة على حقول النفط في شمال شرق ليبيا. واعتبر ريتشارد هاينبرغ، باحث في الشؤون الليبية في معهد "بوست كاربون" في كاليفورنيا (مركز أبحاث حول الطاقة)، في تصريحات إعلامية سابقة، أن ليبيا لا تقل أهمية استراتيجية عن سوريا والعراق، بالنسبة إلى التنظيم الساعي وراء مكاسب المنتجات النفطية، "وعليه سيعمل بنفس المنطق الذي يسعى فيه للسيطرة على المنشآت النفطية في إقليم شمال العراق ومدينة كركوك".
يشار إلى أن أولى هجمات داعش في ليبيا كانت على ميناء "مرسى الحريقة" البحري النفطي، وكان الهجوم الثاني على حقل "المبروك"، الواقع على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب مدينة سرت، شمال وسط البلاد، والذي تشغله شركة "توتال" الفرنسية، وآخر الهجمات التي نفذها التنظيم استهدف موقعا في مدينة سرت التي تمكن من ضمها إلى قائمة المدن الخاضعة لسيطرته. وتتوسط منطقة الهلال النفطي المسافة بين بنغازي وطرابلس، وتحوي المخزون الأكبر من النفط، وتضم عدة مدن مثل بنغازي وسرت، إضافة إلى مرافئ السدرة ورأس لانوف وهما أكبر ميناءين لتصدير النفط في البلاد. ويوجد بميناء السدرة أربعة مراس مجهزة لسفن الشحن، وبسعة تخزينية تقدر بـ6.2 ملايين برميل من النفط الخام، ويعتبر من أكبر الموانئ النفطية في ليبيا، ويغذي أربعة حقول نفطية، وهي الواحة، والسماح، وجالو، والظهرة. أما ميناء رأس لانوف فيوجد به 13 خزانا، ويتم تزويده بنحو 140 ألف برميل يوميا، من العديد من الحقول، فيما تصل السعة التصديرية اليومية له إلى 200 ألف برميل يوميا من النفط الخام.
والواضح أن هذا التنظيم المتشدد يعوّل على الكسب المادي وليس الدعوي لاستقطاب الشباب العاطل عن العمل، وكشفت في هذا السياق مصادر متطابقة لصحيفة “الشروق” الجزائرية أن تنظيم داعش في ليبيا يستثمر الأموال التي يحصل عليها من تهريب المخدرات وتجارة الأسلحة ونهب الثروات النفطية لتجنيد مقاتلين في صفوفه من جنسيات مختلفة وإغرائهم بالمال مستغلا ظروفهم الاجتماعية المتردية. وكانت الحكومة الليبية برئاسة عبدالله الثني قد حذرت، في وقت سابق، من أن المؤسسات والمنشآت النفطية القريبة من سرت باتت تواجه خطر التعرض لهجمات بمعية داعش. وقالت الحكومة في بيان لها منذ أشهر إن سيطرة التنظيم على مطار سرت (450 كلم شرق طرابلس) "يعد مؤشرا خطيرا يوضح سعيه للاستيلاء على المؤسسات والمنشآت النفطية القريبة". كما تعهدت بالعمل "بكل ما تملك من قوة لاستعادة مدينة سرت ومطارها من قبضة الإرهاب"، داعية المجتمع الدولي إلى تسليح قواتها لمواجهة مخطط المتطرفين الهادف إلى "السيطرة على المنشآت النفطية للحصول على تمويل لعملياته". وانتقدت الحكومة المؤقتة في مناسبات عديدة حظر السلاح المفروض على الجيش الليبي وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين، وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2214 لعام 2015.
ويدين القرار الصادر تحت رقم 2214 جميع الأعمال الإرهابية التي ترتكبها الميليشيات والكتائب المسلحة والتنظيمات الجهادية المتطرفة وعلى رأسها تنظيم الدولة الإسلامية. وتكمن أهمية هذا القرار في أنه يتعرض بشكل مباشر وواضح لتنظيم داعش باعتباره أحد التنظيمات الإرهابية الخطيرة والأبرز على الساحة الجهادية، إلى جانب أنه دعا لجنة العقوبات إلى النظر في مطلب تسليح الجيش الليبي المقدم من قبل حكومة عبدالله الثني المؤقتة. ويستدعي الوضع في ليبيا تضافر جهود المجتمع الدولي، وخاصة رفع حظر السلاح عن قوات الجيش الوطني حتى تتمكن من دحر الميليشيات الإسلامية وتفكيك الكتائب الإرهابية في مختلف مناطق البلاد.