وكالات: جددت الولايات المتحدة التأكيد، الخميس، على عزمها اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل إقفال سجن غوانتانامو العسكري بـ "شكل مسؤول"، وذلك ردا على تقرير من منظمة الدول الأميركية. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية فضل عدم الكشف عن هويته: "نتخذ جميع الإجراءات اللازمة من أجل تقليص عدد المعتقلين في غوانتانامو وإغلاق مركز الاعتقال بشكل مسؤول يتيح حماية أمننا القومي". وأكد أن ستة معتقلين نقلوا من سجن غوانتانامو منذ مارس، وأن ملفين آخرين هما قيد الدرس مع إمكانية إعادة تقييمهما. وأضاف: "كما أوضح الرئيس باراك أوباما مرات عدة، فإن هذه الإدارة عازمة على إغلاق مركز غوانتانامو". وكان قسم حقوق الإنسان في منظمة الدول الأميركية قد دعا، الأربعاء، الولايات المتحدة إلى إقفال السجن العسكري وإحالة المعتقلين أمام المحاكم الفدرالية.
وكالات: عندما وافقت تركيا أخيرا على الانضمام للمساعي التي تقودها الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، كان يفترض أن يجعل انضمامها المعركة ضد الجماعة المتطرفة أكثر حسما، لكن في غضون أيام لم يكن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يقصف قوات الدولة الإسلامية فحسب، لكن أيضا وبحماس أكبر المجموعة الوحيدة التي أظهرت قدرا من النجاح في احتوائها.. الأكراد. أخطأت الولايات المتحدة الحسابات، حين أشركت إردوغان. فزعيم تركيا المتقلب المحاط بالأعداء يبدي اهتماما بمحاربة داعش أقل بكثير من اهتمامه باستعادة سلطته في الداخل، لكن أجندة إردوغان الشخصية لا تسمح بتنفير شركاء الولايات المتحدة وإطالة أمد الصراع. والأولوية الأولى لواشنطن هنا، ينبغي أن تكون في الحفاظ على تحالفاتها البناءة مع الجماعات الكردية في المعركة ضد الدولة الإسلامية. ولابد لها أيضا أن تمنع تركيا من تقويض الهدف الاستراتيجي الرئيسي وهو هزيمة الجهاديين. ولذا ينبغي على المسؤولين الأمريكيين أن يتخذوا موقفا أقوى بكثير إزاء هجمات إردوغان على الأكراد. لكن أحد عوامل التعقيد يتمثل في أن كلا من أنقرة وواشنطن تصنف حزب العمال الكردستاني المستهدف من الهجمات التركية على أنه منظمة إرهابية.
منظمات لا يمكن تجاهلها
غير أن هناك منظمات كردية أخرى بوسع القادة الأمريكيين، بل وينبغي عليهم التواصل معها وطمأنتها علنا والعمل معها بشكل غير رسمي للحفاظ على تعاونها في مواجهة تنظيم داعش. أولى هذه المنظمات حزب الاتحاد الديمقراطي – وهو حركة سياسية كردية سورية- الذي يعتبر تنظيما مستقلا، رغم ارتباطه الأيديولوجي بحزب العمال الكردستاني، والذي لم يصنف كجماعة إرهابية بموجب القانون الأمريكي. وستوجه الدعوة قريبا لزعيمه صالح مسلم لزيارة واشنطن لإجراء مشاورات على مستوى رفيع مع مسؤولي الحكومة. وقد تظهر هذه الاجتماعات التزام واشنطن المستمر تجاه أكراد سوريا. ثانيها هو حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد في تركيا، والذي تزداد شعبيته لأنه يمثل تطلعات الغالبية العظمى من الأكراد في البلاد للتوصل لحل سلمي للصراع الأهلي الطويل، بالإضافة إلى الكثير من الاتراك الذين يريدون نظاما أكثر ديمقراطية وليبرالية في تركيا. وكان نجاح الحزب في الانتخابات العامة التي أجريت في يونيو حزيران هائلا، حين فاز بمقاعد في البرلمان للمرة الأولى. لكن الحكومة فتحت في الآونة الأخيرة تحقيقا في سجل زعيم الحزب صلاح الدين دمرداش في خطوة يقول منتقدون إن لها دوافع سياسية. وسيجتمع سفير واشنطن في تركيا مع دمرداش ليعبر عن دعم بلاده المستمر لإتمام عملية سلام.
إقليم كردستان
ثالثا.. تظل حكومة إقليم كردستان في شمال العراق الأهم من بين كل الفصائل الكردية. ومن غير المرجح أيضا أن تتخلى عن التحالف المناهض للدولة الإسلامية، نتيجة هجمات الأكراد وذلك نظرا لعلاقاتها الوثيقة بأنقرة والمعارضة الأيديولوجية لحزب العمال الكردستاني. لكن إذا تخلت حكومة الإقليم عن التحالف فقد تفقد القوات الأمريكية القدرة على الوصول لمنشآت حيوية تتعلق بالعمليات والتخطيط وجمع المعلومات. لذا ينبغي على المسؤولين الأمريكيين أن يؤكدوا لزعماء الأكراد التزام واشنطن بأمنهم. كما ينبغي أن يتفق الجانبان على نهج مشترك للضغط على إردوغان لإنهاء حملته على حزب العمال الكردستاني.
طموحات أردوغان
وينبغي أن تكون من أولويات المسؤولين الأمريكيين، إزالة ما يدفع إردوغان لمهاجمة حزب العمال الكردستاني.. ألا وهو البقاء السياسي. وفي يونيو حزيران، ألحق الناخبون الأتراك بإردوغان هزيمة ساحقة. فقد فشل حزبه العدالة والتنمية -بعد 12 عاما من الحكم منفردا- في تحقيق ولو أغلبية بسيطة حتى في البرلمان. ومنذ ذلك الحين يبحث إردوغان عن حجة تتيح له الدعوة لانتخابات مبكرة واستمالة الناخبين الذين تخلوا عنه. وقدمت الحرب الفرصة المثلى. قال إردوغان للأمة، إن تركيا تحت حصار وإن أعداءها مصطفون. واتخذ هيئة الزعيم الوحيد القادر على حماية شعبه. كما قدم نفسه باعتباره لاعبا مهما يحظى بالاحترام على الساحة العالمية بعد التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة والحصول على دعم حلف شمال الأطلسي لحربه. وبحرمان حملة إردوغان من أي شرعية دولية، يمكن للولايات المتحدة أن تبدأ في تقليص المنافع السياسية التي يسعى لتحقيقها. وقد يعني هذا أن يشكك المسؤولون الأمريكيون علنا في هجوم تركيا على حزب العمال الكردستاني ويسلطوا الضوء على كيف يعرض ذلك مهمة التصدي للدولة الإسلامية -ومن ثم حياة الأتراك- للخطر. وينبغي أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لأن تتخذ خطوة أخرى، وتتحدث صراحة عن الكثير من بواعث القلق التي شابت العلاقات التركية الأمريكية خلال فترة حكم إردوغان.
تعامي واشنطن
وتتجاهل واشنطن بشكل مستمر قائمة متنامية بأخطاء إردوغان السياسية والاستراتيجية -بما في ذلك سجن صحفيين في الداخل ودعم متطرفين في سوريا- على أمل أن يرقى إلى مستوى الحدث عندما تحتاجه بالفعل. ولم تكن هناك حاجة أكبر من الحرب على الدولة الإسلامية. لكن إردوغان بعد أن أبدى عزوفا عن الانضمام للقتال على مدى عشرة أشهر وضع طموحاته الشخصية قبل مصالح بلاده وحلفائه. وما من سبب وجيه يدفع المسؤولين الأمريكيين، لمواصلة الصمت تجاه ميول إردوغان الاستبدادية ورفضه للتوجه الغربي التقليدي في تركيا. ربما كان إشراك إردوغان خطأ في الحسابات، لكن إذا استطاعت الولايات المتحدة أن تقف إلى جانب شركائها الأكراد وتعاقب إردوغان على تهوره فقد يدرك أخيرا أنه الوحيد الذي استنفد فرصه في النجاح.