رؤية
طرابلس - قال رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية، محمود جبريل الخميس، إن انعدام المؤسسات في ليبيا وانتشار السلاح في أيدي الليبيين ليس مدعاة للفوضى؛ لأن الشارع الليبي متوافق وطنياً أكثر من نخبه السياسية، معرباً عن انزعاجه من النظر إلى بلاده وكأنها مجرّد قطرة نفط.
ونقلت وكالة أنباء (نوفوستي) عن جبريل، خلال مؤتمر صحافي بموسكو، استبعاده أن تكون قضية انتشار السلاح ووجود جماعات مسلحة سبباً لأن تتجه ليبيا نحو التفكك والتقسيم، مشيراً إلى أن "مثل هذه المخاوف ليست موجودة إلا في مخيلة الدوائر الخارجية التي تنظر للوضع في ليبيا كمراقب من الخارج" – وهو كما جاء على « الوطن الليبية».
وعلّل جبريل رأيه بوجود حجتين أو مؤشرين "الأول هو خروج الليبيين المتكرر إلى الشارع احتجاجاً، عندما تفلت الأمور عن الزمام، وقد حدث ذلك 4 مرات على مدى السنتين الماضيتين، وثانياً وجود السلاح، رغم أنني أعارض انتشاره، قد يكون عامل ردع متبادل تماماً كما الردع النووي بين الولايات المتحدة وروسيا".
ولفت إلى أن "الضامن الحقيقي لعدم حدوث تفكك هو التوافق الوطني في ليبيا، وهو متوافر في الشارع الليبي، لكنه على مستوى النخب ليس متوفراً بالشكل المطلوب".
وذكر أن ليبيا كانت على مدى 42 عاماً تمر بفترة "تصحّر سياسي"، وأن إقامة المؤسسات الدستورية الديمقراطية هي "عمل استراتيجي يتطلب تغيير الأنظمة التعليمية والتربوية والإعلامية وطريقة فهمنا للدين الفهم الصحيح القائم على تمكين الإنسان على الأرض وجعله إنساناً فاعلاً".
ولفت جبريل إلى أنه رغم غياب المؤسسات والجيش والشرطة وانتشار السلاح في أيدي الليبيين، لا يزال معدّل الجريمة في ليبيا أقل من مصر وتونس.
أما بخصوص وجود عناصر ليبية تقاتل في سوريا، فأكد جبريل أن مشاركة بعض الليبيين بالقتال مع المعارضة السورية هي قرارات وحالات فردية، وليست قراراً من الحكومة الليبية، وأن "هؤلاء الليبيين أحرار في قراراتهم رغم أن الحكومة الليبية كانت وما تزال صريحة في تأييدها للثورة السورية، وأنا أتبنى الموقف نفسه في تأييد هذه الثورة، لأن أي حاكم في الدنيا يقتل أبناء شعبه يفقد شرعيته بشكل قطعي لا خلاف فيه".
وعن انسحاب قوى التحالف الوطنية من جلسات المؤتمر الوطني العام في السابع من الشهر الماضي، قال جبريل "أردنا من هذا الانسحاب إرسال إشارة إلى أعضائه بأننا متأخرون جداً في إنجاز أهم الاستحقاقات وهو صياغة الدستور الجديد لليبيا"، مشيراً إلى أن الإعلان الدستوري ينص على أن تبدأ إجراءات صياغة الدستور بعد شهر من تشكيل الحكومة المؤقتة، وقد مضى إلى الآن أكثر من 6 أشهر من دون أن ينفذ هذا الاستحقاق، و"هذا أمر خطير في دولة خالية من المؤسسات والجيش والشرطة".
ورحّب رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية بإمكانية الاستفادة من التجربة الدستورية المغربية في صياغة الدستور الليبي "لأن فترة الانتقال هي استحقاق وطني وليس سياسياً، لذا من المفترض أن يلتف الجميع حول أهداف تخدم الوطن وعندما يُصاغ الدستور وتكون هناك قواعد الحراك السياسي واضحة يبدأ حينها التنافس السياسي"، معبّراً عن أمله بأن يرسّخ الدستور الجديد "التنمية المكانية كحق دستوري يمنع إقصاء الأقاليم وتهميشها".
وحول إمكانية عودة الاستثمارات والشركات الروسية إلى ليبيا، أكّد جبريل أنه بحث هذا الموضوع أمس خلال لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مشيراً إلى ضرورة "إعادة الدفء إلى العلاقات الليبية الروسية التاريخية".
كذلك لفت جبريل إلى أنه بحث مع لافروف قضية المواطنين الروسيين المسجونين في ليبيا، لافتاً إلى أن الجانبين "توصّلا إلى تفاهم ودي بضرورة معالجة هذا الأمر بالطرق القانونية التي تكفل سيادة الدولة الليبية من ناحية وتراعي العلاقات الروسية الليبية في المستقبل من ناحية أخرى".
أما بخصوص الشركات الأجنبية الأخرى التي غادرت ليبيا، فكشف جبريل أنه اقترح على الحكومة الليبية الحالية وسابقتها تحديد فترة زمنية لعودة هذه الشركات وفسخ عقدها في حال لم تعد في الفترة المحدّدة، مع إعطاء الأولوية للقطاع الخاص الليبي ليقود مرحلة التنمية.
وأعرب جبريل عن أسفه من صدور تصريحات عن بعض المسؤولين الليبيين تدعو ليبيا إلى تقديم تعويضات للشركات الأجنبية عن الأضرار التي لحقت بها جرّاء الثورة، مشيراً إلى أن هذه الشركات هي التي يجب أن تدفع تعويضات لليبيا وليس العكس، كونها خالفت العقود المبرمة.
وعبّر رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية عن انزعاجه من الزاوية الضيقة التي ينظر منها العالم إلى ليبيا، وقال إنه "في كل المحافل الدولية عندما نتحدث عن ليبيا نتحدث عن البترول، وكأن ليبيا هي مجرّد قطرة نفط.. ليبيا هي تاريخ وتراث وحضارة، خاصة وأننا نتجه نحو توسيع مصادر الدخل وإقامة اقتصاد خدمي".