وكالات: يشي تولي الجنرال جوزيف دانفورد لمنصب قائد الجيش الأميركي بتغييرات في سياسة الولايات المتحدة الأميركية حيال العراق. وتتعرض الإدارة الأميركية لانتقادات حادة إزاء كيفية تعاطيها مع الملف العراقي حيث أن عديد المحللين وصفوا سياستها في هذا البلد بـ"الفاشلة" لجهة المردود الهزيل الذي حققه التحالف الدولي بقيادتها في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية أو في علاقة بفسحها المجال أمام تعاظم النفوذ الإيراني. وأصبح دانفورد قائد سلاح المشاة في البحرية الأميركية قائدا للجيش الأميركي الجمعة، فيما تعزز الولايات المتحدة الأميركية من حضورها العسكري في العراق. ويحل جوزيف دانفورد البالغ 59 عاما محل الجنرال مارتن ديمبسي على رأس مجلس قادة الأركان، ورغم أنه لا يملك بمنصبه أيّ سلطة عملانية مباشرة، إلا أنه سيكون كبير المستشارين العسكريين للرئيس الأميركي ووزير الدفاع، وله تأثير كبير على قرارات السلم والحرب. ويرى محللون أن بصمات دانفورد ستظهر خاصة في ملف العراق الذي بقي فيه فترة من الزمن.
ومعروف عن القائد الجديد حصوله على ترقيات في الجيش الأميركي في ظرف قياسي حيث انتقل من عميد إلى جنرال في ظرف ثلاث سنوات فقط. وقد اختير في العام 2013 قائدا للقوات الأميركية في أفغانستان للفترة من فبراير إلى أغسطس 2014، مشرفاً بذلك على مشروع أوباما في إنهاء المهمة القتالية للجيش الأميركي وانسحابه من أفغانستان. وجدير بالذكر أن دانفورد كان من أقنع أوباما بترك قوات خاصة في أفغانستان. وعين قائدا لقوات مشاة البحرية أواخر عام 2014، ثم رشحه أوباما لقيادة هيئة أركان الجيوش الأميركية المشتركة، خلفا للجنرال مارتن ديمبسي الذي شغل هذا المنصب على مدار أربع سنوات منذ تعيينه عام 2011. وبذلك أصبح دانفورد ثاني ضابط لمشاة البحرية الأميركية يشغل منصب رئيس هيئة الأركان في تاريخ الجيش الأميركي بحسب وزارة الدفاع، حيث كان الأول هو الجنرال بيتر بيس الذي خدم على مدى عامين من 2005-2007. وللقائد الجديد للجيش الأميركي تجربة طويلة في العراق، حيث شارك في احتلال هذا البلد العربي في 2003، وبقي هناك لفترة عامين.
ودانفورد الذي لقب بـ"المقاتل" منذ أن كان ضابطا في سلاح المشاة خلال اجتياح العراق، كان من أبرز المعارضين لانسحاب القوات الأميركية من هناك في أكتوبر 2011. وقد صرح قبل فترة، في جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي أنه يختلف مع أولئك الذين يقولون إن الولايات المتحدة لم تكن تملك سوى خيار الانسحاب من العراق، مضيفا أن تمدد تنظيم الدولة الإسلامية المعروف بداعش ما كان ليتم لو بقيت القوات الأميركية. وتواجه الإدارة الأميركية تحديات كبيرة في العراق في ظل فشل الحرب على داعش، نتيجة لعوامل عديدة في مقدمتها غياب عقيدة قتالية لدى الجنود العراقيين في مواجهة تنظيم مسلح ومدرب جيدا، فضلا عن تردد الولايات المتحدة الأميركية في كيفية التعامل مع التنظيم المتطرف. ويؤمن دانفورد بأن الحل لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية وفقا لتصريحات أدلى بها هو وجود قوات برية فاعلة مسنودة بغطاء جوي. ويعتقد محللون أن اختيار دانفورد نابع من رؤية أميركية جديدة للتدخل بأكثر فاعلية في الحرب على داعش في العراق كما في سوريا.
وأشاد أوباما خلال إعلانه ترشيح دانفورد بخبرته قائلا "دانفورد أحد المفكرين الاستراتيجيين الأكثر احتراما في مؤسستنا العسكرية ويحظى بالاحترام من قبل حلفائنا وأعضاء الكونغرس من الحزبين وأعضاء الحكومة". واستعرض الرئيس أوباما التحديات التي تنتظر دانفورد، مشددا على ضرورة مواصلة العمل بلا كلل ضد تنظيم القاعدة والوقوف في وجه داعش . ويقول مراقبون إن أوباما اختار دانفورد جزئيا لقدرته على إسداء المشورة بتجرد وصراحة. وأوضح كبير محللي شركة راند كوربوريشن أن دانفورد "لا يفبرك، ولا يحاول إرضاء جمهوره، كما أنه لا يغضب. إنه متزن وهادئ وصريح"، يعرف كيف يقول لك إن طفلك قبيح من دون إغضابك". ويحظى دانفورد بثقة الجمهوريين، على خلاف القائد السابق الجنرال ديمبسي، وهو ما سيعزز من فرص نجاحه في مهمته سواء في العراق أو غيرها. وقد أعرب رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ جون ماكين عن ترحيبه بالقائد الجديد قائلا إن خبرة دانفورد في العراق وأفغانستان تجعله اختيارا قويا، في ما تستعد الولايات المتحدة لمواجهة التهديدات في كلا البلدين وفي منطقة الشرق الأوسط.
ويأتي القائد الجديد في وقت تكثف فيها الإدارة الأميركية من حضورها في العراق في خطوة قرأها المحللون على أنها سعي أميركي لمشاركة بأكثر فاعلية في الحرب على داعش. وأفادت مصادر عسكرية عراقية، السبت أن قوات أميركية قتالية وصلت إلى قاعدة الحبانية العسكرية العراقية شرقي الرمادي في إطار الاستعداد لخوض المعارك لطرد تنظيم الدولة الاسلامية من محافظة الأنبار(118 كم غربي بغداد). وقال مصدر في قيادة عمليات الأنبار العسكرية “إن قوة أميركية تضم جنودا أميركيين وصلت الى قاعدة الحبانية العسكرية الواقعة شرقي الرمادي بواسطة طائرات عسكرية خاصة بكامل تجهيزاتها وأسلحتها وتمركزت مع القوات الأميركية المتواجدة في القاعدة وهي قوات قتالية وليست استشارية". من جهتها أعلنت وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي، السبت، أن الولايات المتحدة طلبت من بلادها إرسال عسكريين، لتدريب قوات من الجيش العراقي. ونقلت التلفزة الحكومية عن بينوتي القول في تصريحات صحفية "لقد قدمت إلينا قيادة التحالف الدولي لمحاربة داعش طلباً، لاستخدام عناصر من سلاح الدرك الإيطالي، للقيام بمهمة تدريب وتأهيل قوات محلية، تعمل على بسط الاستقرار وحفظ النظام" في العراق.
وتابعت الوزيرة "أرسلنا إلى العراق بالفعل مجموعة تابعة لسلاح الدرك، وهي تقوم حالياً بدراسة الوضع الميداني، علماً أننا أبدينا استعداداً لإرسال مئة عنصر قبل ذلك.. بطبيعة الحال سنعرض كل شيء على البرلمان الذي يتوجب أن يمنحنا مرسوم التكليف لهذه المهمة". ويرى محلّلون أن تغيير قائد الجيش وتكثيف الوجود العسكري الأميركي في العراق، وإن كان مؤشرا على تغيير في الاستراتيجية الأميركية حيال العراق إلا أنه لا يمكن قراءته بعيدا أيضا عن تعزيز روسيا لحضورها العسكري في سوريا. وتخشى الولايات المتحدة الأميركية من إقدام موسكو بالتعاون مع طهران على تعزيز نفوذها كذلك في العراق تحت حجة الحرب على داعش، ما سيعدّ ضربة قاسمة للنفوذ الأميركي في الشرق الأوسط.