العرب اللندنية: تسود ليبيا حالة من الفوضى السياسية والامنية والاقتصادية بفعل النزاع المتواصل على السلطة فيها منذ نحو عام ونصف، وعجز السلطات الجديدة التي ورثت الحكم بعد الاطاحة بنظام معمر القذافي عن تاسيس دولة مؤسسات فعالة فيها. وفي الاتي بعض اوجه هذه الفوضى التي طالت قطاعات مختلفة، وافقدت ليبيا، اغنى دول افريقيا بالنفط، الرقابة الفعالة على حدودها البرية والبحرية، وسمحت لجماعات متطرفة بان تتمدد فيها، وعلى راسها تنظيم الدولة الاسلامية.
السياسة
1- تخوض سلطتان نزاعا مسلحا على الحكم في ليبيا منذ عام ونصف: سلطة يعترف بها المجتمع الدولي وتتألف من مجلس نواب منتخب انتهت ولايته في اكتوبر 2015 لكنه صوت على تمديدها الى اجل غير مسمى، الى جانب حكومة "مؤقتة"، وقوات مسلحة موالية لها. تعمل هذه السلطة من شرق البلاد، وتسيطر قواتها على معظم مناطق الشرق الليبي.
سلطة لا تحظى باعتراف المجتمع الدولي، تتالف من برلمان منتخب (المؤتمر الوطني العام) انتهت ولايته في فبراير 2014 لكنها عادت ومددت بقرار من المحكمة العليا في طرابلس في منتصف العام الماضي، الى جانب حكومة "انقاذ وطني"، وتحالف جماعات مسلحة تحت مسمى "فجر ليبيا". ويسيطر هذا التحالف على معظم مناطق غرب ليبيا، وبينها طرابلس.
2- انخرطت السلطتان في حوار ترعاه الامم المتحدة منذ بداية العام 2015، لكنها فشلتا في تبني اتفاق سلام نهائي، قبل ان يعلن اعضاء في الطرفين عن اتفاق بديل من دون وساطة خارجية. وهكذا، بات امام الليبيين اتفاقين سياسيين: اتفاق الامم المتحدة، وهو اتفاق ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية، ومجلس رئاسي، واجراء انتخابات تشريعية في غضون عامين. ومن المقرر ان يوقع اعضاء في البرلمانين على الاتفاق الخميس، رغم معارضته من قبل رئيسي هذين البرلمانين اللذين يقولان ان الموقعين "لا يمثلون سوى انفسهم".
الاتفاق الليبي - الليبي، وهو عبارة عن "اعلان مبادئ" توصل اليه ممثلون عن البرلمانين في ديسمبر الحالي في تونس، الا انه لم يطرح على التصويت بعد. وينص هذا الاعلان على تشكيل حكومة وحدة وطنية في غضون اسبوعين من تاريخ اعتماده، واجراء انتخابات تشريعية في غضون عامين.
3- في ليبيا اعلان دستوري مؤقت، صدر في اغسطس 2011، وكان من المفترض ان يستبدل بدستور نهائي كامل، الا ان الهيئة التي انتخبت في فبراير 2014 لوضع هذا الدستور فشلت حتى الان في التوصل الى صياغة نهائية تطرح على الاستفتاء بفعل الانقسامات الداخلية.
الامن
1- فشلت السلطات التي ورثت الحكم من نظام معمر القذافي في 2011 بعدما حكم البلاد لاكثر من اربعة عقود، في نزع السلاح من الجماعات التي قاتلت هذا النظام. وفي ظل هذا الفشل، تعاظمت قوة الجماعات المسلحة، حتى بدات تتقاتل في ما بينها لفرض سيطرتها على الارض. وفي ليبيا قوتان رئيسيتان، تحالف "فجر ليبيا" الذي يضم خليطا من الجماعات المسلحة بعضها اسلامية، وقوات الحكومة المعترف بها التي يقودها الفريق اول خليفة حفتر وتضم وحدات من الجيش الليبي الى جانب جماعات مسلحة موالية لحفتر، الشخصية العسكرية المثيرة للجدل.
2- تتقاتل القوتان في عدة مناطق من البلاد، الامر الذي سمح لجماعات متطرفة بان تعمل على التمدد في ليبيا، وعلى راسها تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر حاليا على مدينة سرت الواقعة على بعد 450 كلم شرق طرابلس، ويسعى للتمدد في المنطقة المحيطة بها، وهي منطقة غنية بآبار النفط وموانئ التصدير الرئيسية.
3- في ظل استمرار القتال اليومي بين قوات السلطتين، والذي تشمل مواجهات بالدبابات والاسلحة الثقيلة والغارات الجوية، فقدت ليبيا الرقابة الفعالة على حدودها البحرية والبرية، ما ساهم في زيادة الهجرة غير الشرعية نحو اوروبا عبر سواحلها.
الاقتصاد
1- تراجعت في ليبيا التي تملك اكبر احتياطات النفط في افريقيا والتي تقدر بنحو 48 مليار برميل، صادرات النفط بفعل النزاع فيها، لتبلغ نحو 400 الف برميل يوميا بعدما كانت تبلغ نحو 1,2 مليون برميل يوميا قبل 2011. ومع تراجع الصادرات، انخفضت ايرادات البلاد بشكل دراماتيكي، اذ ان عائدات النفط تشكل المصدر الوحيد للايرادات في فترة ما بعد القذافي. كما ان العجز عن تحصيل الضرائب في ظل الحرب القائمة، ساهم في هذا التراجع.
2- طال الانقسام الليبي قطاع النفط بعدما اعلنت الحكومة المعترف بها دوليا عن انشاء مؤسسة وطنية للنفط في الشرق تكون بديلة للمؤسسة الام في طرابلس، وسط محاولات مستمرة من قبل هذه الحكومة لاستدراج الزبائن من اجل نقل تعاملاتها من طرابلس الى المؤسسة الجديدة في الشرق، وهو لم تتمكن منه حتى الان.
3- يستعين المصرف المركزي الليبي بالاحتياطات النقدية لديه (90 مليار دولار في بداية 2015) لديه لسد العجز الكبير في ميزان العائدات والنفقات، اذ انه يقوم حاليا بمهمة دفع رواتب موظفي السلطتين المتنازعتين والتي تبلغ نحو مليار دولار شهريا في مقابل عائدات نفطية شهرية تبلغ نحو 600 مليون دولار.