تستعد دول شمال أفريقيا لضربة دولية محتملة ضد مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، ورغم أنه من المستبعد أن تقدم القاهرة كما دول الجوار على المشاركة ميدانيا في العملية العسكرية، إلا أنه سيكون لها دور لوجيستي.
العرب اللندنية: كشفت مصادر مطلعة لـ"العرب" عن أن زيارة الفريق خليفة حفتر قائد الجيش الليبي للقاهرة مؤخرا، كان من ضمن أهدافها التباحث في الموقف الذي يتجه نحو تسريع خطوات العمل العسكري في ليبيا، وفي مدينة سرت تحديدا. وقال مصدر أمني لـ"العرب" إن القاهرة تقوم بدور كبير في منع تمدد الإرهاب من ليبيا إلى دول أوروبا، وتتعاون مع جهات مختلفة. ودلل على كلامه بعدد من الصفقات عقدتها مصر مع دول أوروبية، مثل الميسترال والفريم والرافال، وكلها تصب في إجراءات تأمين البحر المتوسط للحيلولة دون تمدد الإرهاب بين القارات، ومنع وصول الدعم اللوجيستي من جهات آسيوية لمراكز تجمع الإرهابيين في ليبيا.
وقال اللواء محمد يوسف الخبير العسكري لـ"العرب" إن تولّي مصر قيادة القوة العسكرية الأفريقية المقترحة أمر منطقي، نظرا لما تتمتع به من خبرة عسكرية وكفاءة قتالية. وأوضح أن القاهرة نجحت في إحداث توازن عربي- أفريقي خلال الفترة الماضية، تبلور في الحد نسبيا من حركة الميليشيات المتطرفة بين الدول، بموجب المعلومات التي قدمتها مصر لعدد من جيرانها. مع ذلك أبدى يوسف تخوفه من انتقال أعداد من الإرهابيين عبر الصحراء المترامية بين الحدود المصرية والليبية، حال اشتعال فتيل الحرب.
وشدد على أن مصر تدعم الحل السياسي، وتمكين حكومة الوفاق الوطني، ومؤسسة الجيش الليبي من مواجهة تلك التنظيمات المتطرفة. وكان أبو بكر حفني سفير مصر لدى أثيوبيا أعلن عن تولي بلاده قيادة ملف تشكيل قوة عسكرية في شمال أفريقيا. وقال في تصريحات صحفية على هامش انطلاق أعمال قمة الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا "مصر تولت قيادة ملف القوة العسكرية في شمال أفريقيا".
وأضاف أن "هذه القيادة تأتي في إطار الجهود الرامية لإنشاء قوة عسكرية أفريقية مشتركة للحفاظ على السلم والأمن في أفريقيا". ونوه مصدر عسكري في تصريحات لـ"العرب" إلى أن القاهرة ترحّب بالمشاركة في أيّ قوة إقليمية لتدعيم أواصر التعاون في مواجهة الإرهاب الذي يتمدد في القارة السمراء. وأشار إلى أن اللواء محسن الشاذلي مساعد وزير الدفاع المصري، تولى هذا الملف الذي يمثل لبنة مهمة في تشكيل القوة العسكرية الأفريقية. ورفض المصدر الكشف عن المزيد من التفاصيل حول طبيعة القوة العسكرية المزمَع تكوينها، وعدد أفرادها ومقرها وقيادتها. وأوضح أن قرار التشكيل يختلف عن تنفيذ أيّ عمليات عسكرية على الأرض، حيث يستلزم ذلك وفقا للدستور المصري موافقة مجلس النواب ومجلس الأمن القومي.
وكشف اللواء أحمد عبدالحليم رئيس المركز المصري للشؤون الخارجية أن الإعلان عن تشكيل القوة العسكرية لشمال أفريقيا “لا يعني أن مصر ستشارك في توجيه ضربات في ليبيا". وأشار لـ"العرب" إلى أن الناتو طلب من القاهرة الاشتراك في توجيه تلك الضربات، لكنها رفضت. وأعلنت مصر الخميس الماضي، أنه تم اختيارها لعضوية مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي عن إقليم شمال أفريقيا، لمقعد الثلاث سنوات (2016 – 2019)، بعد تأييد 47 دولة لذلك خلال اجتماع المجلس التنفيذي للاتحاد.
وقال عبدالحليم إن مصر لن تتضرر، حال قيام الناتو بتوجيه ضربات لداعش في ليبيا. وأكد أن الحدود مؤمنة أكثر من ذي قبل، وتم تحديث وإعادة تسليح قوات المنطقة الغربية العسكرية وحرس الحدود، علاوة على تكثيف الأكمنة على الحدود. ووفقًا لعدد من المعطيات الدولية المتصاعدة فإن الحرب على تنظيم داعش في ليبيا باتت قريبة. وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية سيعقد اجتماعا الثلاثاء المقبل في روما، مؤكدة أن وزير الخارجية جون كيري سيحضره. ويتوقع أن يركز هذا الاجتماع على وضع اللمسات الأخيرة لضرب التنظيم في ليبيا.
وقالت الخارجية الأميركية إن أطراف التحالف التي ستشارك في الاجتماع هي أستراليا والبحرين وبلجيكا وبريطانيا وكندا والدنمارك ومصر والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا والعراق وإيطاليا والأردن والكويت ونيوزيلندا وهولندا والنروج وقطر والسعودية وأسبانيا والسويد وتركيا والإمارات العربية المتحدة. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد عقد مؤخرا اجتماعا لمجلس الأمن القومي خصص لبحث الوضع في ليبيا.
وقال البيت الأبيض في ختام الاجتماع إن "الرئيس أوباما شدد على أن الولايات المتحدة ستواصل مهاجمة متآمري تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابيين أينما وُجدوا". وأضاف أن "أوباما طلب من فريقه للأمن القومي مواصلة جهوده الرامية لتعزيز الحكم الرشيد في ليبيا ودعم جهود مكافحة الإرهاب في ليبيا". يأتي هذا في ظل إعلان مسؤولين أميركيين خلال الأسابيع الأخيرة عن تزايد القلق بسبب بعض التقديرات الاستخباراتية التي تشير إلى ارتفاع أعداد مسلحي داعش في ليبيا إلى الآلاف. ويسعى التنظيم الجهادي للتقدم من مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) التي يسيطر عليها بالكامل، شرقا باتجاه المناطق المحيطة بها. واستغل داعش الفوضى التي تعم البلاد جراء هذا النزاع ليتمركز في ليبيا. وقد تبنى اعتداءات دامية عدة خلال الأشهر الأخيرة في العاصمة طرابلس وبنغازي ودرنة.