قال أحمد قذاف الدم إن إخوان مصر حاولوا بيعه بمبلغ ملياري دولار عندما كانوا على سدة الحكم العام 2013، موضحًا أنّه جرت مناوشات حول شقته بحي الزمالك في القاهرة من أجل القبض عليه وتسليمه لجماعة الإخوان التي كانت تحكم ليبيا في تلك السنة 2013.
وأشار قذاف الدم في تصريحات إلى صحيفة «الشرق الأوسط» إلى أنّه جرى سحب الحراسة الرسمية من أمام العقار الذي يسكن فيه، قبل أن تتقدم عناصر مسلحة قيل إنَّها أمنية وتشتبك مع الحرس الخاص داخل الشقة نفسها طوال الليل، مما دفع شرطة المنطقة للتدخل في المعمعة، وتحوَّلت محاولة تسليم إخوان مصر هذا اللاجئ السياسي، إلى إخوان ليبيا، لفضيحة يُجرى التحقيق فيها حاليًّا، وترتب على تلك الواقعة دخول قذاف الدم سجن طرة (جنوب القاهرة)، على ذمة التحقيق، لمدة تزيد على ثمانية أشهر، ولمعرفة قانونية تسليمه للشرطة الدولية ومن ثم لليبيا، من عدمها.
وأضاف قذاف الدم أن حظ «الإخوان» كان ضعيفًا في ليبيا، منوهًا إلى أن القذافي حرَّم الحزبية وأعلن أنَّ «سلطة الشعب، لم تكن ضد الإخوان تحديدًا لكنها كانت ضد كلِّ مَن يريد أن يقيم حزبًا».
وأكد قذاف الدم أنه كان هناك أكثر من ثلاثة وزراء يحملون فكر جماعة الإخوان المسلمين عملوا مع القذافي، متابعًا أن معمر كان دائمًا يمزح بشأن الوزراء الإخوان، ويقول لهم: «ها أنتم في موقع المسؤولية فأرونا، يا إخوان، ماذا ستفعلون».
وقال قذاف الدم إن سيف الإسلام بدأ يلعب دورًا سياسيًّا في الدولة بعد انتهاء أزمة لوكيربي، واستعان بكل الأطراف من أجل «الإصلاح» وعمل مع جماعة الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة وغيرهما دون تحفظ، وعوَّضهم ماليًّا وأعاد مَن كان في الخارج إلى ليبيا وأعاد مَن كان في السجن إلى أهله، وأعطاهم حقوقهم كافة.
وتابع قذاف الدم أن سيف الإسلام بدأ مشروع «ليبيا الغد»، وأجرت جماعة الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة، مراجعات من خلال هذا المشروع، مراجعات «أقسموا فيها على القرآن، بألا يخونوه، وألا يغدروا به، وخرجوا من السجون، لكن بعد أحداث 17 فبراير 2011 فوجئنا بكل هؤلاء الناس الذين كان يرعاهم، يتنكرون لكل ما قدمه لهم.. وبينما أصبح سيف في السجن، ولا يحصل حتى على الحق الأساسي للمسجون، صعد كل أولئك الذين كانوا يتشدقون بالحرية وحقوق الإنسان وتحوَّلوا إلى ظَلَمة، بل مجرمين، يعيثون فسادًا في الأرض ولا يراعون أي مبادئ».
وسرد قذاف الدم خلال حواره مع «الشرق الأوسط» أن أعوان القذافي كانوا ينظرون بتشكك إلى تجربة سيف، خاصة انفتاحه مع الجماعات الإسلامية، مؤكدًا وجود مقاومة لخطواته الإصلاحية في ذلك الوقت، منكرًا طموح سعي سيف لتولي الحكم عن طريق توريثه.
وأوضح قذاف الدم متحدثًا عن مشروع سيف: «قال لنا القذافي إن هذا الأمر سيطرح على الليبيين في مرحلة لاحقة في عملية تشبه الاستفتاء.. ماذا يريد الشعب الليبي؟ ما النظام؟ إذا أرادوا أن يستمروا في سلطة الشعب التي لم تُبنَ كما ينبغي، أم نظام جمهوري، تقليدي كبقية الجمهوريات، أو أي شيء يرونه مناسبًا»، وبحسب قذاف الدم فقال إن القذافي كان لديه استعدادٌ لقبول ما يقبل به الليبيون في هذا الأمر.
وأردف قذاف الدم أنه حين حكم «الإخوان» مصر، «جرت بينهم وبين الحكومات المتعاقبة في ليبيا مفاوضات لتسليمي، وبدأوا بمليار دولار لمصر في أيام حكم مرسي، وانتهوا بمليارين»، مشيرًا إلى أن رئيس البنك المركزي الليبي اشترط توقيع رئيس المؤتمر الوطني آنذاك محمد المقريف، وتوقيع رئيس الوزراء حينذاك علي زيدان، حتى يؤمن نفسه من أي مساءلة مستقبلاً.
واعتبر قذاف الدم أن الجماعة الليبية المقاتلة وأنصار الشريعة أصبحتا الذارع العسكرية لجماعة الإخوان، لافتًا النظر إلى انضمام مجموعات أخرى غير ليبية يُقدَّر أفرادها بالآلاف.
وصرَّح قائلاً: «إذا كان العمل عملاً ليبيًّا، حسنًا، يكون مَن فيه ليبيون فقط، وأنا لا أتحفظ على أي من التنظيمات أيًّا كان توجهها.. نحن لسنا ضد أن تكون هناك دولة للخلافة، ولا ضد الشريعة، ولا ضد أن يأخذ مَن لديه هذه الأفكار فرصته في أن يمارس حقه في إدارة الأمة أو الدولة أو البلد، ولكن نحن نختلف على استخدام السلاح لفرض هذه الآراء أو الاستعانة بأطراف أجنبية للوصول لهذا الهدف».
وأضاف: «إن الذي يحدث الآن هو أنَّ هناك جنسيات كثيرة من دول العالم جاؤوا ليقاتلوا مع المتطرفين في ليبيا ويقتلوا الليبيين. ولو دخلنا في هذه الدوامة، فكل سيستنصر بمَن يريد، وندخل في حرب أهلية ندمر فيها أنفسنا نيابة عن قوى أخرى أجنبية، وهذا ضارٌ بنا وبهم، ولا يخدم لا توجهاتنا ولا توجهاتهم، ولذلك علينا أن نأتي لكلمة سواء نخرج بها من هذه المآزق التي نحن فيها. أما في الاجتهاد، فكل عليه أن يجتهد، هو حر، لأن هؤلاء الشباب الليبيين شباب عربي مسلم، ونتيجة للوضع البائس الذي فيه العرب، تداعوا واُستُقطِبوا من قبل مجموعات فكرية متطرفة، واُستُخدموا استخدامًا لن يأتي بنتيجة سوى بمزيد من الدمار لهذه الأمة».
وفي ما يتعلق بصفقة شرائه من مصر قال: «مسؤولون ليبيون صرَّحوا في اليوم التالي للهجوم على بيتي، العام الماضي، بأن أمر تسليمي أصبح حتميًّا، وأقروا بأن ليبيا أعطت مصر ملياري دولار، وعُدَّت أغلى صفقة في التاريخ بشأن تسليم لاجئ سياسي، وطبعًا دُفعت بعض الرشى هنا وهناك، وفي الوقت الحالي هناك تحقيقات كبيرة تُجرى في مصر، وأعتقد أنه أيضًا سيكون هناك تحقيقٌ حول هذا الموضوع في ليبيا».