نص الكامل للمقابلة التي اجراها "مراسلون" مع الناطق الرسمي باسم المكتب السياسي "لإقليم برقة" أسامة العريبي:
يُقفل المكتب السياسي "لإقليم برقة" موانئ النفط في الهلال
النفطي (الزويتينة – البريقة – رأس لانوف – السدرة)، ويتهم رئيس الوزراء
بمحاولة رشوته عبر رئيس لجنة الطاقة بالمؤتمر الوطني العام، والذي اعترف
بتقديمه مبلغ مليونين ونصف المليون دينار ليبي (حوالي مليون و900 ألف
دولار أمريكي) وصكوك بقيمة ثلاثين مليون دينار ليبي (أكثر من 23 مليون
دولار أمريكي) لرئيس المكتب وشقيقه مقابل فتح الموانئ. حول
هذه القضية التقى "مراسلون" الناطق الرسمي باسم المكتب السياسي "لإقليم
برقة" أسامة العريبي، الذي تحدث عن قرب تشكيل مجلس تنفيذي لإقليم برقة
وغيرها من التصريحات ضمن نص الحوار التالي:
"مراسلون"- أغلقتم الموانئ النفطية ما هبط بإنتاج النفط في ليبيا إلى أدنى مستوياته، ما هي مطالبكم؟
العريبي: الإقفال كان بداية نتيجة اكتشاف عمليات بيع غير مشروعة للنفط من
بعض الأطراف، ولجأ فنيون ومختصون في تسويق النفط لجهاز حرس المنشآت
النفطية ليوقف الاستنزاف، وذلك بعد أن طرقوا أبواب الحكومة والمؤسسة
الوطنية للنفط، وقوبلت شكواهم بسد الأذان وإغلاق الأعين. حاول
رئيس جهاز حرس المنشآت السابق علي الأحرش أن يتدخل بشكل شخصي لدى الحكومة
والمؤسسة الوطنية للنفط، فتمت إقالته من منصبه، فتطور الوضع سريعاً، وقام
حرس المنشآت بإغلاق الموانئ في إجراء احترازي لإيقاف السرقات، وحاول
التواصل مع أجهزة الدولة، حتى ظهر ذلك الخطاب الشهير للسيد رئيس الوزراء
متوعداً الجهاز بالقصف براً وجواً وبحراً، ومن هناك تحركت القوى الوطنية في
إقليم برقة من المطالبين بالنظام الاتحادي (الفيدرالي) وغيرهم من
الوطنيين، بعد أن ثبت أن الحكومة والمؤتمر عاجزان عن أداء مهامهما، ومكبلان
بمليشيات وعصابات مسلحة تحاول تقويض عملها. وارتفع سقف
المطالب إلى مطالب سياسية باعتماد النظام الفيدرالي تخفيفاً لمركزية
السلطة في ليبيا، ومحاربة الأجهزة التي تحاول الهيمنة على الدولة. فكونَّا
مكتباً سياسياً انبثق عن إعلان رأس لانوف الذي تم في 18 آب/أغسطس، ومنذ
ذلك الوقت والمكتب يحاول تقريب وجهات النظر وإعلام الرأي العام بحجم
المؤامرة التي تواجهها ليبيا.
ألا يُعتبر تشكيل المكتب السياسي من جانب واحد ودون انتخابات أو استفتاء، مصادرة لحق الليبيين في تقرير مصيرهم؟
أحياناً الظروف تكون استثنائية، والاستفتاء عندما
يقام وسط ظروف قاهرة من استقطاب سياسي حاد وتيار سياسي بعينه يسيطر على
أجهزة الدولة، وليبيا دولة تعاني من المركزية وكل أجهزتها موضوعة في
العاصمة والسيطرة عليها سهل جداً. تغلغل هذا التيار وسيطر عليها، وبالتالي
لم يعد يتوفر مناخ لإقامة استفتاء حقيقي ومشروع يبشر بنتائج حقيقية. الاتحاديون
طالبوا أكثر من مرة بإجراء استفتاء داخل إقليم برقة التاريخي، لكن كانت
الردود بالتجاهل والتخوين، ما أدى لظهور هذا الكيان الذي يعترف به الجميع
من ناحية القبائل والمواطنين، ولا يجدون غضاضة في الاعتراف به، والشرعية
الحقيقية هي التي يمنحها لك أداؤك على أرض الواقع، وليست تلك التي تكتسبها
بخداع الناس ومحاولة الالتفاف على إرادتهم، بأن تختفي وراء أقنعة معينة
وما أن تصل للسلطة حتى تظهر حقيقتك.
أين
دور قوة دفاع برقة من تأمين مدينتي درنة وبنغازي اللتان تشهدان تفجيرات
واغتيالات، والواقعتين في حدود الإقليم الذي أعلنتم عنه ضمن إعلان رأس
لانوف؟
القوة ليست جيش برقة، لأن الجيش اختصاص أصيل للدولة
المركزية، وهذا ما نؤكده كاتحاديين، وجاءت تيمناً بعديد التجارب كتجربة
الولايات المتحدة الأمريكية، حيث لكل ولاية قوة عسكرية تسمى الحرس الوطني
لدعم ومساندة الأجهزة الشرطية في استتباب الأمن، بعيداً عن تدخل الجيش
العام للدولة، الذي سيتسنى له ممارسة مهامه في حماية وتثبيت سيادة الوطن
وحماية حدوده. الفكرة من قوة دفاع هي إنشاء قوة عسكرية
ذات تسليح أعلى من الأجهزة الشرطية، يسمى لها قائد عام من العسكريين
المشهود لهم بالنزاهة والخبرة والكفاءة، يعمل على توحيد القدر الأكبر
والمعقول من قوات الثوار والخبرات العسكرية في قوة عسكرية تعمل على دعم
ومساندة الأجهزة الشرطية في أداء عملها، وسيكون الواجب الأكبر المناط بهذه
القوة تأمين وحماية المؤسسات والمواطنين في مدينتي بنغازي ودرنة، لأنهما
حسب الوقائع لهما النصيب الأكبر في الاستهداف من ناحية الاغتيالات
والتفجيرات والاستهداف المباشر للمواطنين. أيضاً سيناط
بهذه القوة الإشراف على مداخل الإقليم الشرقية والغربية والجنوبية، وربما
إذا استدعيت هذه القوة من قبل الدولة الاتحادية للمساعدة في أي عمل عسكري
فستلبي النداء، لكن لن يكون اختصاصها الأصيل ممارسة العمل العسكري على
مستوى الدولة، وهي فقط قوة داعمة تستوقف القدر الأكبر من الأسلحة
المنتشرة، وتمارس أعمالها في ظل سيادة الإقليم لا أكثر ولا أقل.
متى ستكون هذه القوة موجودة على الأرض؟
حالياً العمل جارِ لإيجاد شخصية تسمى كقائد عام لقوة
دفاع برقة، ومن حيث التجهيزات والإمكانيات الأمر ليس صعباً، وهو مقرون
بتوفيرها، والمكتب السياسي يضع حساباً جيداً لذلك ضمن المخططات القريبة. العائق
الوحيد هو إصدار قانون أساسي ينظم عمل القوة، وينظم حمل المواطنين
للسلاح، فنحن نعاني من انتشار السلاح في الشوارع، لذلك أعتقد أن الأمر
الأساسي قبل أن تباشر هذه القوة عملها على أرض الواقع هو إصدار قانون
أساسي ينظم المرحلة القادمة، ويحدد صلاحيات القوة ويسمي الشخص الذي يتفق
عليه الجميع لقيادة القوة، وبمجرد انتهاء هذه الأمور ولا أعتقد أنها
ستتأخر كثيراً ربما أسابيع على أبعد تقدير، ستباشر القوة عملها على أرض
الواقع مباشرة.
هل هناك حكومة لإدارة الإقليم الذي أعلنتموه تلوح في الأفق؟
كلمة حكومة تعطي معنى أكبر من المعنى الحقيقي للجهاز
الذي سينشأ، وإلى هذه اللحظة لازالت المشاورات راسخة على أساس أن يكون
هناك مجلس تنفيذي، تقارباً مع المجلس التنفيذي الموجود في دولة الإمارات
العربية المتحدة، فكما نعلم أن دول الإمارات دول اتحادية تمتاز بطابع قبلي
قريب من الطابع الليبي، وفي كل إمارة في دولة الإمارات مجلس تنفيذي مكون
من رؤساء الإدارات المحلية في المناطق يجتمعون لتكوين مجلس تنفيذي، الكيان
الذي سيخرج في ليبيا لن يكون طبق الأصل من ذلك الكيان، ولكنه سيستفيد من
تجربة الإمارات. سيكون هناك كيان يسمى المجلس التنفيذي
لإقليم برقة، مكون من عدد من الشخصيات وليس شخصية واحدة، كما أنه ليس
حكومة بالمعنى الصحيح، وسيشرف فقط على استثمار أموال الإقليم وتوزيعها
بطريقة مناسبة وصحيحة، تضمن التنمية الحقيقية وتضمن الاستفادة القصوى من
هذه الأموال، فتسمية حكومة ليست هي التسمية المطروحة حتى هذه اللحظة بل
المجلس التنفيذي لإقليم برقة.
إلى أين وصلت قضية الصكوك التي أعلنتم عنها ؟
حتى هذه اللحظة لازالت القضية في طور الجمود، نحن
عرضنا الصكوك في مؤتمر صحفي، وأخطرنا النائب العام ببلاغ رسمي عن طريق
القنوات الإعلامية، وهناك فريق قانوني جاهز للتوجه إلى مكتب النائب العام
ما أن يبدأ التحقيق، وما وصلنا من أخبار لا نستطيع تأكيدها أو نفيها أنه
لم يتم فتح قضية لدى النائب العام، ولم يباشر التحقيق في القضية،
والمسرحية التي يحاول أن يروج لها المؤتمر الوطني العام والحكومة
المركزية، بأن الشخص المعني أقدم على دفع المبلغ من جيبه الخاص بدافع
الوطنية، مسرحية هزلية ننأى بأنفسنا عن المشاركة فيها، وإذا أصر التحقيق
على هذا المبدأ فنحن سنعتبره نوعاً من الهزل ومن الكذب والنفاق السياسي لن
نشارك فيه، ولن نقدم بالتالي أية مستندات للجنة التحقيق. يجب
أن يكون التحقيق شفافاً ومستقلاً، وأن تُقدم الحقائق أولاً بأول، وأن
يُعرف من هو مصدر هذه الأموال، ومن الذي وعد السيد ناجي مختار (رئيس لجنة
الطاقة بالمؤتمر الوطني العام) بأن يعطيه ثلاثين مليون دينار، ومن أين حصل
على هذه الأموال. هذه حقائق يجب أن تكون واضحة وصريحة،
هناك أرقام حسابات، هناك أشخاص أحياء موجودون، إنما اختصار القضية في
الوضع القائم حالياً لا يبشر بخير، ولا يدفع بالمكتب السياسي للتقدم
بخطوات جادة في هذا الموضوع، وسيكتفي المكتب بتقديم الحقيقة للرأي العام
ومن ثم ستكون له خطواته الخاصة على أرض الواقع.
في حال لم يتخذ النائب العام أي إجراء في القضية هل ستقومون بتدويل القضية؟
أعتقد أن تدويل القضية ليس في صالحها. نحن لا نسعى
لأن تكون القضية قضية دولية، ونحن نسعى لأن نكون إقليماً أو كياناً
مستقلاً داخل الدولة الليبية، ونسعى لوحدة ليبيا بكل تأكيد، ولا نسعى لفتح
أي أبواب تسبب في دخول أصحاب نوايا تقسيمية أو انفصالية للوطن، ونعلم
جيداً أن هناك مخططاً غربياً أمريكياً يسعى لتقسيم ليبيا إلى ثلاث دول،
حتى وإن كان ذلك ليس في مصلحة ليبيا، ولكنهم يسعون لهذا الخيار. نحن
نسير بخطوات جادة لقطع الطريق على هذا الخيار بإقامة نظام اتحادي، يشمل
ضمانة الحقوق ويقطع الطريق على كل من يحاول أن يروج لنظرية الانقسام في
ليبيا، وأعتقد أن الخبر الذي أوردته قناة (سي أن أن) عن وجود خريطة جديدة
لليبيا، مبنية على ثلاثة دول يؤكد توجهاتنا، ويؤكد أننا على الطريق
الصحيح، يجب أن نقطع هذا الطريق بإقامة دولة اتحادية.
إن صدرت مذكرة توقيف من النائب العام بحق رئيس المكتب السياسي إبراهيم الجضران فهل سيسلم نفسه؟
إلى هذه اللحظة لم تصل للمكتب السياسي أي طلبات
بالقبض على السيد إبراهيم الجضران، أو أي أحد من المكتب السياسي، وفي حال
صدر ذلك بحقه فإن الفريق القانوني سيطالب بمبررات قانونية للقبض عليه. السيد
إبراهيم مُقال حالياً من جهاز حرس المنشآت النفطية، ولا يمارس سلطاته
داخل نطاق الدولة الليبية التي لا تملك الحق في طلب القبض عليه دون وثائق
ودلائل، وهذا ما يؤكده الإعلان الدستوري. أيضاً عملية
القبض يجب أن تكون في إطار القانون ويجب أن يخطر أولاً وثانياً وثالثاً
بالحضور، وإذا تم ذلك بطريقة سليمة وطُلب حضوره لمقر النائب العام والذي
أعتقد أن لديه وكيلاً في مدينة بنغازي، ويحق له أن ينتدب من يشاء من القضاة
للتحقيق مع السيد إبراهيم، والفريق القانوني للمكتب سيتعامل مع ذلك في
الإطار القانوني. أما إذا تم ذلك حسب النسق الموجود
حالياً، من خلال الكيل بمكيالين ومحاولة الضغط، وأقرب دليل ما حصل للسادة
النواب هاجر القايد والتواتي العيضه وجمعة السايح الذين تعرضوا لإبتزاز
واضح، وضُغط عليهم من قبل النائب العام دون غيرهم [المحرر: تم سحب الحصانة
منهم منتصف أيلول/ سبتمبر استجابة لطلب من النائب العام بسبب دعوى تشهير
رفعها ضدهم عشرون من نواب حزب العدالة والبناء]، وترك غيرهم دون ضغط ودون
تحقيق، والعملية القانونية يشوبها الكثير من اللغط في ليبيا، فالقضاء معطل
ولا يوجد من تلتجئ له، والنائب العام سقط في نفس الدوامة التي سقطت فيها
الحكومة والمؤتمر، من اغتصاب للسلطة والضغط بها واستخدامها كورقة ضغط على
الخصوم السياسيين.
هل هناك حكومة ظل تدير الأمور في ليبيا؟
ليست حكومة ظل، بل هناك جماعة مشبوهة لها انتماءات
خارجية، جمعت حولها بعض الأطراف من التيارات المتطرفة والجماعات صاحبة
المصالح، هذه الجماعة معروفة للجميع، حاولت ممارسة هذا الأمر في مصر،
والآن تحاوله مرة أخرى في تونس وليبيا، وأقل ما يقال عنها أنها جماعة
تمارس الإرهاب السياسي. ونحن كفريق من الشعب الليبي
لدينا من الوثائق والبراهين والإثباتات أن هذه الجماعة تحاول اغتصاب
السلطة في ليبيا، وتحاول الهيمنة عليها من جديد، وتكرار سيناريو الـ42 سنة
الفائتة، لذلك سنسعى بكل ما أوتينا من قوة لإفتكاك الدولة مرة أخرى، كما
افتككناها في ثورة السابع عشر من فبراير.