الحياة: العلوانية نمط من الموسيقى العربية، تتميز بها محافظة خوزستان (منطقة الأهواز) في إيران. وراج هذا النمط في دول مجاورة كالعراق والكويت. تستمد هذه الموسيقى اسمها من مغنيها الأشهر والمتخصص في هذا الأسلوب، علوان الشُوَيّع، وسجلتها قبل فترة منظمة التراث الثقافي في إيران ضمن التراث الثقافي والروحي للبلاد، بعد متابعات كثيرة من نشطاء ثقافيين، وهواة هذه الموسيقى وعلى رأسهم الصحافي والناشط الثقافي الأهوازي قاسم منصور آل كثير، وكان المشرف على ملف هذه الموسيقى في مراحلها نحو التسجيل الوطني، إلى جانب الخبير في موسيقى القوميات والمناطق الإيرانية محمود مشهودي. واستغرقت محاولات هذين الناشطين ما يقارب سنتين، بين إقناع المسؤولين بأن هذه الموسيقى هي من ضمن التراث الأصيل في البلد كما هي الحال بالنسبة الى كثير من الأساليب الموسيقية لدى القوميات المختلفة في إيران، ومن أهم ركائز الثقافة الشعبية في المنطقة، وبين متابعات صحافية، وبحوث عن هذا الأسلوب الموسيقي ونشأته، وأهميته الثقافية والأنثروبولوجية.
الإيقاع في العلوانية بطيء وحزين، وعادة ما ترافق هذا الغناء آلة الربابة، وهي المتداولة في منطقة الأهواز وجنوب العراق. ومن أشهر مغني هذا الأسلوب الموسيقي، يمكن الإشارة إلى حسّان إكزار الجناني الشوشي، ثامر زركاني، علي إدريس، علي رشداوي، شيخ كريم باوي، وحسن المعشوري، الذين حافظوا على العلوانية ونقلوها إلى جيلنا الحالي. وانتقل هذا الأسلوب إلى دول الأخرى، وغنى في هذا النمط في العراق كلّ من المطربين داخل حسن وسلمان المنكوب، كما أن المطرب الكويتي عبدالله فضالة، غنى العلوانية وأثر في رواجها في الكويت والبحرين، غير أن هذه الموسيقى تعرف في كل هذه البلدان باسم علوان الأهوازي الذي كان يغنّي هذا النمط على أنغام الربابة، ويختار كلماته من نصوص باللغة المحكية لشعراء معاصرين أو قدامى، ويذكر اسم الشاعر خلال أدائه، ما راج بعده كعادة في غناء المطربين الذين واصلوا هذا الغناء.
وحسّان إكزار الجناني الذي توفي قبل سنوات، يعتبر من أشهر العازفين على آلة الربابة، وقد أثر بدوره في إبقاء هذا الأسلوب الموسيقي. وكان يعتقد أن هذا الأسلوب لم يخترعه علوان، بل كان يتعلق في ما سبق بعشيرة أهوازية هي العمورية، وعلوان هو الذي استعاد هذا الأسلوب ليس إلا. وُلد علوان في إحدى القرى العربية في منطقة الأهواز، وكانت تستهويه الألحان الحزينة منذ مراهقته. وصنع في البداية آلة الربابة باستخدام علبة زيت صفيحية، وأوتار من شعر الحصان، وأخذ يعزف عليها ويرافق موسيقاه بأشعار حزينة. ثم انتقل إلى إحدى القرى القريبة من مدينة الأهواز. وكانت نصوصه تتضمن المفاهيم الحماسية والمبادئ الأخلاقية، وفي تلك النصوص كان يحضّ المتلقي على الشجاعة والصبر والكرم وصلة الرحم ومساعدة المظلوم ومواجهة الظالم.
في عهد إمارة الشيخ خزعل في الأهواز (بدايات القرن العشرين)، راجت الموسيقى الأهوازية، فكان الشيخ خزعل يدعو مطربين من العراق ومصر ولبنان ليغنوا في قصوره إلى جانب المطربين الأهوازيين. ومن ثم واجهت الموسيقى الأهوازية ركوداً إبان الحكم البهلوي في إيران، إلى أن ظهر علوان في ستينات القرن الماضي، وكان ملمّاً بالشعر والمقامات الموسيقية الأهوازية. وهناك أسلوب موسيقي في شمال إيران (محافظة مازندران) يسمى «الأميري»، وهو شبيه في الإيقاع بموسيقى العلوانية. وتتكون العلوانية من مقامَي الحجاز والبيات. وبين مقامات الموسيقى الفارسية هي الأقرب إلى مقام «همايون».