وكالات: أرجأ مجلس النواب اللبناني للمرة السابعة والعشرين جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية كانت مقررة أمس الأربعاء نتيجة الانقسام السياسي الحاد في البلاد، على خلفية النزاع في سوريا المجاورة. واصدرت الامانة العامة لمجلس النواب بيانا جاء فيه "بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، أرجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة التي كانت مقررة اليوم (الأربعاء)"، محددا موعد الجلسة المقبلة في 2 سبتمبر. ويتطلب انتخاب رئيس حضور ثلثي اعضاء مجلس النواب (86 من اصل 128) في حين لم يحضر الا 34 نائبا الى المجلس اليوم. ولم يتمكن البرلمان منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 مايو 2014 من توفير النصاب القانوني لانتخاب رئيس. وينقسم النواب بين مجموعتين اساسيتين: قوى 14 آذار المناهضة لحزب الله ودمشق والمدعومة من الغرب والسعودية وابرز اركانها الزعيم السني سعد الحريري والزعيم المسيحي الماروني سمير جعجع المرشح لرئاسة الجمهورية، وقوى 8 آذار المدعومة من دمشق وطهران وابرز اركانها حزب الله الشيعي والزعيم المسيحي الماروني ميشال عون، مرشح هذه المجموعة الى الرئاسة.
ولا تملك اي من الكتلتين النيابيتين الغالبية المطلقة، وهناك كتلة ثالثة صغيرة في البرلمان من وسطيين ومستقلين، ابرز اركانها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. وتقاطع معظم مكونات قوى 8 آذار جلسات الانتخاب، مطالبة بتوافق مسبق على اسم الرئيس، في المقابل، تدعو قوى 14 آذار الى تأمين نصاب الجلسات وانتخاب المرشح الذي يحظى بالعدد الاكبر من الاصوات. ونفذ مناصرو التيار الوطني الحر بزعامة عون الاربعاء اعتصاما مركزيا في وسط بيروت مطالبين بـ"استعادة حقوق المسيحيين في السلطة" واحتجاجا على اداء الحكومة اللبنانية وتمديد ولاية مسؤولين امنيين بينهم قائد الجيش العماد جان قهوجي. وتعود رئاسة الجمهورية في لبنان الى الطائفة المارونية، ومنذ انتهاء ولاية سليمان، تتولى الحكومة المكونة من ممثلين لغالبية القوى السياسية والتي يرأسها تمام سلام مجتمعة، بموجب الدستور، صلاحيات الرئيس. الا ان جلسات مجلس الوزراء الاخيرة تشهد توترا بسبب خلاف حاد بين القوى السياسية على جملة ملفات سياسية وامنية.
وعلى الرغم من مرور عام على خروج الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان من قصر بعبدا نجحت التناقضات الدولية والإقليمية معطوفة على الصراع السياسي المحتدم داخليا في إبقاء كرسي الرئاسة الأولى شاغرا، وهو شغور مرشح لأن يمتد ليصبح أطول مدة فراغ في تاريخ الرئاسة اللبنانية منذ فراغ عام 1988. وخلال سنة الفراغ الماضية واجه لبنان عددا من الأزمات السياسية والاقتصادية وسلسلة من الفراغات على مستوى المؤسسات تعطلت فيها عجلة العمل الحكومي بفعل تحول مجلس الوزراء الى ما يشبه المجلس الرئاسي، حيث باتت كل القرارات تتطلب موافقة جميع الوزراء. كذلك فإن اعتبار بعض المكونات السياسية أن مجلس النواب تحول إلى مجرد هيئة انتخابية حتى يتم انتخاب رئيس الجمهورية أدى إلى تعطيل العمل التشريعي في البلاد. وأثرت تلك المعطيات سلبا على انتظام الحياة السياسية، وعطلت عددا كبيرا من المشاريع التي تهدد اقتصاد لبنان المتداعي بمزيد من التراجع. وينقسم لبنان بحدة على خلفية النزاع في سوريا المجاورة حيث يشارك حزب الله في القتال الى جانب قوات النظام، ما يثير انتقادات خصومه.