قالت مصادر في المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت)
في ليبيا، إن قيادات إسلامية (من الإخوان وتيارات سلفية وجهادية) تبحث
ترشيح كوادر منها لتقاسم رئاسة الحكومة والبرلمان، بالتزامن مع توجيه جماعة
الإخوان اتهامات أمس لحكومة الدكتور علي زيدان، بالتقصير وتحميلها مسؤولية
أحداث بنغازي التي أدت لمقتل نحو 31 وجرح العشرات.
وقالت مصادر في البرلمان الليبي لـ«الشرق الأوسط» عبر
الهاتف أمس، إن قيادات إسلامية تبحث بشكل جدي الإطاحة بزيدان الذي تولى
رئاسة الحكومة أواخر العام الماضي، وترشيح كوادر منها لرئاسة الحكومة
ورئاسة البرلمان، مشيرة إلى أن جماعة الإخوان تضغط من أجل الإطاحة بالدكتور
زيدان المحسوب على تحالف القوى الوطنية الذي كان يقوده الليبرالي محمود
جبريل، والذي جرى عزله سياسيا وفقا لقانون أقره البرلمان الشهر الماضي.
وأضافت هذه المصادر أن جماعة الإخوان، يعززها في ذلك تيارات إسلامية سلفية
وجهادية، تسعى لإقصاء زيدان، وتصعيد أحد الكوادر الإخوانية، مشيرة إلى أن
عوض البرعصي (47 عاما)، المحسوب على جماعة الإخوان، والذي يشغل موقع نائب
رئيس الوزراء، من المرشحين لخلافة زيدان. ويقول مؤيدو البرعصي، إن لديه
خبرة تؤهله لشغل الموقع، وإنه قريب من المناصب التنفيذية في مرحلة ما بعد
ثورة 17 فبراير 2011، في إشارة إلى عمله كوزير للكهرباء في حكومة عبد
الرحيم الكيب حتى خريف العام الماضي.
وأقصى قانون العزل السياسي أيضا رئيس البرلمان محمد
المقريف، الذي استقال أواخر الشهر الماضي. ويبحث أعضاء المؤتمر اختيار
خليفة للمقريف. وأوضحت المصادر أمس أن جماعة الإخوان كانت تريد تسمية أحد
كوادرها لرئاسة البرلمان أيضا، لكنها قالت إن بعض التيارات الإسلامية
الأخرى تسعى لترشيح أحد أنصارها لشغل الموقع، مقابل اكتفاء الإخوان بموقع
رئيس الحكومة، ومواقع وزارية أخرى.
ويأتي هذا بالتزامن مع اتهام جماعة الإخوان لحكومة
الدكتور زيدان بالتقصير في تأدية واجبها وحملتها مسؤولية الأحداث التي
شهدتها بنغازي في شرق ليبيا خلال مواجهات بين متظاهرين وميليشيا مسلحة
تنتمي بشكل غير مباشر إلى الجيش. وسقط العشرات بين قتيل وجريح في المدينة
التي كانت مهد الانتفاضة المسلحة ضد العقيد الراحل معمر القذافي، وذلك جراء
اشتباكات السبت الماضي بين عناصر من كتيبة «درع ليبيا 1» ومتظاهرين
احتشدوا أمام الكتيبة للمطالبة بحلها وإخلاء المقر وتسليم أسلحتها للدولة.
وقالت الجماعة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني أمس:
«ندين وبشدة تأخر حكومة على زيدان في معالجتها للفتنة ووقفها في مهدها».
وأضافت: «إن توالي تقصير الحكومة في تأدية واجبها يدعونا للمطالبة بسحب
الثقة منها». وحذرت الجماعة «وسائل الإعلام ورؤوس الفتنة» مما سمته
«استغلال جراح الوطن وتوجيهها لمآربهم الخاصة»، كما دعت المؤتمر الوطني
العام إلى ممارسة دوره القيادي بحكمة وحزم في هذه الفترة الحرجة.
ودعت الجماعة إلى «عقد ميثاق وطني يرفض التدخل القطري والإماراتي والغربي
في القرار الليبي»، وقالت إنها تدعو إلى «أن تؤسس العلاقات على المصالح
المشتركة المتكافئة»، مع تلك الدول.
وكان رئيس الأركان العامة بالجيش الليبي السابق اللواء
يوسف المنقوش قد أصدر يوم الأحد الماضي قرارا بتسلم مقار قوات درع ليبيا
التي تتألف من ثوار سابقين قاتلوا نظام القذافي، وقامت الحكومة لاحقا بدمج
أعداد منهم في مؤسستي الجيش والشرطة.
على صعيد متصل، عبرت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط عن
أسفها لتراجع الإنتاج إلى أقل من مليون برميل يوميا من النفط الخام نتيجة
إغلاق عدد من الحقول والموانئ النفطية. وقالت وكالة الأنباء الليبية إن
تراجع الإنتاج ينتج نقصا في الدخل يقدر بمئات الملايين من الدولارات، مشيرة
إلى وجود تراجع في إنتاج الغاز الطبيعي إلى أقل مستوياته «ما يكبد الخزانة
العامة مزيدا من المصاريف نتيجة استيراد الوقود البديل». وحذرت المؤسسة من
أن تدني الدخل لهذا العام بسبب انخفاض الإنتاج سينتج عنه عدم تمكين الدولة
بالإيفاء بالتزاماتها، وشددت على رفضها، في بيان لها أمس، إغلاق بعض
الحقول والموانئ النفطية في ميناءي طبرق والزويتينة في شرق البلاد، وكذلك
حظيرة الخزانات التابعة لشركة «أكاكوس» بالزاوية، غربا، بالإضافة إلى
التخفيض الهائل لحقول الفيل والشرارة والسرير ومسلة في عموم البلاد.
وحملت المؤسسة منظمي الاحتجاجات مسؤولية ما يؤول إليه من توقف الإنتاج
بالحقول والموانئ والعمليات النفطية والتي قالت إنها ستؤدي إلى عدم قدرة
المؤسسة الوطنية للنفط على تحقيق الإيرادات المستهدفة لتمويل الميزانية،
موضحة أن استعمال القوة وفرض الأمر الواقع تتعارض مع قانون تنظيم حق
التظاهر السلمي.
المصدر: الشرق الأوسط