تعقد بعد غد الثلاثاء بمدينة غدامس الليبية الجولة الثانية من الحوار الوطني الليبي بين الأطراف المتنازعة بالبلاد، والذي دعت إليه بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا برعاية مبعوثها الأممي برناردينو ليون.
وكانت الجولة الأولى عقدت في 25 سبتمبر الماضي بمدينة غدامس بين أعضاء من مجلس النواب الليبي وبرلمانيين يمتنعون عن حضور الجلسات، وتم خلالها الدعوة إلى وقف إطلاق النار والذي لم يتم حتى الآن.
وفي السياق ذاته وجه الاتحاد الأوروبي ما اعتبره «النداء الأخير» لفرقاء النزاع في ليبيا كافة للقبول بالحوار كحل للصراع الدائر.
وأشارت الناطقة باسم الممثلة العليا للسياسة والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين راي، في تصريحات لها قبيل انطلاق الجولة الثانية من الحوار بين الأطراف الليبية في غدامس برعاية برناردينو ليون إلى أن الاتحاد الأوروبي يحث مجددًا جميع الأطراف وبشكل عاجل للبدء في الحوار.
وأكدت كاثرين راي ضرورة تكاتف جميع الأطراف مع مهمة برناردينو ليون في تلك المرحلة الدقيقة، والامتناع عن أي شكل من أشكال العنف التي من شأنها نسف جهود التوصل إلى تسوية.
وكان مصدر في المجلس الأوروبي صرح لـ«بوابة الوسط» بأن جميع الاتصالات التي جرت في العاصمة البلجيكية طوال الأيام القليلة الماضية، بمشاركة برناردينو ليون أكدت أن جولة حوار غدامس 2 بمثابة الفرصة الأخيرة المتبقية أمام الأطراف الليبية لانتزاع تسوية برعاية دولية تكون صلبة وقابلة للعيش.
«النواب» يدعم الحوار
ومن جانبه جدد مجلس النواب الليبي دعمه وتأكيده على الحوار الهادف الذي يقوده في حل الأزمة الليبية الراهنة، والتي لم يكن طرفًا فيها.
وأكد بيان أصدره مجلس النواب عن جلسة حوار غدامس 2 والتي دعت إليها بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا على أن مجلس النواب هو السلطة الشرعية الوحيدة للشعب الليبي، وأضاف البيان أن المجلس يؤيد ويدعم جميع الجهود والمبادرات الرامية لإنهاء الأزمة الليبية وفق الثوابت التي أرساها ضمن قراراته الصادرة.
كما يؤكد المجلس حقه في معرفة أطراف الحوار سابقًا ويصر على علنية بنود الحوار وإطاره الزمني وحقه في اختيار من يمثله ويرفض أي شخصية كانت سببًا في نشوب الأزمة أو معرقلة للمسار الديمقراطي والعملية السياسية في ليبيا.
وأوضح البيان أن مجلس النواب يتمسك بقراره القاضي بحل جميع التشكيلات المسلحة غير الخاضعة للشرعية، وأنه لا يمكنه اعتبارها طرفًا في الحوار، وأن الجيش الوطني الليبي هو المؤسسة العسكرية الشرعية والوحيدة التي تعمل تحت مظلة رئاسة الأركان ومجلس النواب الليبي.
شروط «فجر ليبيا»
وبدورها، رحبت عملية (فجر ليبيا) بأي حوار تحت ثوابت «ثورة 17 فبراير» ومكتسباتها، بدءًا باحترام سيادة وحكم القضاء وانتهاء باحترام وتقدير تضحيات خيرة شباب ليبيا، لافتة إلى أن هناك خطوطًا حمراء لا يمكن بأي حال من الأحوال التفاوض أو الحوار أو مجرد النقاش فيها.
وذكر المكتب الإعلامي لعملية «فجر ليبيا»، في بيان تحصلت «بوابة الوسط»على نسخة منه أنّ «فجر ليبيا» ليست ضد الحوار، وأنهم أول من دعوا لهذا الحوار، مشيرين إلى أن هناك أربعة شروط لإجراء الحوار، في مقدمتها احترام حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، وعدم «الانقلاب» على حكومة الحاسي والمؤتمر الوطني المنتهية ولايته، وعدم تعديل أو إلغاء قانون العزل السياسي، وأنَ أفراد «فجر ليبيا» هم نواة الجيش الليبي حسب البيان.
وأضاف البيان أن عملية «فجر ليبيا» قادة وأفرادًا وثوارًا ليسوا ضد الحوار كما يتهمنا البعض ممن يصطاد في الماء العكر، ويرسل رسائل خاطئة عنا من شأنها تضليل الرأي العام العالمي والمحلي والإقليمي، مدعيًّا أننا دعاة حرب ودمار ولسنا دعاة سلم وسلام.
وأوضحت بعثة الأمم المتحدة، في بيان لها «أنها بصدد عقد جولة جديدة من الحوار الشامل بين الأطراف الليبية المتنازعة بغية التوصل إلى سبل إنهاء الأزمة السياسية والأمنية في البلاد وإعادة الاستقرار إليها».
وشدد البيان على أن «استمرار التوتر والتصعيد لا يساعدان على إيجاد البيئة المواتية لعقد الحوار السياسي، داعيًا جميع الأطراف المؤثرة لبذل ما في وسعها لضمان وقف هذا التصعيد بشكل فوري وإتاحة المجال أمام الحوار الذي سيشارك فيه جميع الأطراف الليبية».
وقالت البعثة «إننا نذّكر كل الجهات والأفراد الذين يهددون السلم أو الأمن أو الاستقرار في ليبيا بأنهم سيواجهون عقوبات محددة الأهداف».
«مؤامرة» ضد مجلس النواب
ومن جانبه أكد علي التكبالي عضو مجلس النواب أمس أن حوار «غدامس 2» الذي ستنظمه الأمم المتحدة سينص على تولي هيئة الدستور السلطة التشريعية.
وأوضح التكبالي في تدوينة له عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» أن أهم البنود التي سيوافق عليها في البيان الختامي لحوار «غدامس 2» المعد سلفًا، اعتبار مجلس النواب في إجازة، وأن تتولى هيئة الدستور السلطة التشريعية، كما أكد تكليف حكومة توافق برئاسة عبدالله الأوجلي.
وأشار التكبالي إلى أن هناك أنباء تتحدث عن مؤامرة تحاك لمجلس النواب المنتخب، تديرها «أطراف غير مخولة»، وشخصيات جدلية من جماعة «فجر ليبيا»، لحضور جلسة الحوار المزمع عقدها الثلاثاء المقبل، حسب تعبيره.
ومن جهته أكد جلال الشويهدي عضو مجلس النواب، في تصريح صحفي أن رئيس المجلس عقيلة صالح قويدر أبلغ رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برناردينو ليون بعدم موافقة البرلمان حضور أي شخص بصفة ممثل للمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، مشيرًا إلى أن النواب طلبوا الاطلاع على قائمة المدعوين للحوار قبل انطلاقه.
وأطلقت بعثة الأمم المتحدة للدعم جولتين للحوار الأولى في مدينة غدامس نهاية سبتمبر الماضي وتلتها جولة ثانية في أكتوبر في طرابلس، لكن حكم المحكمة العليا مطلع نوفمبر الماضي ببطلان انتخاب مجلس النواب الليبي أربك عملية الحوار وأدى إلى إيقافها، وهو ما رفضه المجلس واعتبره قرارًا سياسيًا اتخذ تحت تهديد السلاح.
وأعلنت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي عزمها تنظيم جولة جديدة للحوار تحت اسم (غدامس 2) في التاسع من ديسمبر الجاري، بعد موافقة أطراف الأزمة من حيث المبدأ على الجلوس إلى طاولة الحوار.