DW عربية: يعرض الصينيون منتجات رخيصة في الأسواق، فيما يتميز الألمان بالتقنية الحديثة والجودة العالية. لكن الوضع تغير الآن. ويتنافس البلدان بقوة على حيازة الصفقات في الأسواق العالمية. فمن سيكسب السباق؟
الاقتصاد الصيني ليس في وضع جيد حاليا، غير أن الشركات الألمانية تهاب أكثر فأكثر التنين الصيني. فالصين تحولت في السنوات الأخيرة إلى منافس حقيقي في الأسواق العالمية. ويقول رئيس قسم التجارة الخارجية بغرفة التجارة والصناعة الألمانية فولكر ترايير إن "هذا يتوسع ليشمل أيضا الشركات متوسطة الحجم". لكنْ المتنافسان، ألمانيا والصين، هما أيضا شريكان، لأن بكين هي أهم شريك اقتصادي لألمانيا في آسيا. وفي المقابل تمثل ألمانيا أهم شريك تجاري للصين في أوروبا. وإذا دمجنا العملاقين الاقتصاديين، فإنهما يسيطران على خُمس مجموع الصادرات العالمية، فيما تتصدر الجمهورية الشعبية منذ مدة السباق. ففي الوقت الذي رفعت فيه الصين في الفترة بين 1990 و 2013 حصتها في صادرات السوق العالمية من 1.9 إلى 11.7 في المائة، انخفضت حصة ألمانيا من 12.4 إلى 7.7 في المائة. ويقول يورغن فريدريش مدير أعمال Germany Trade & Invest، وهي مؤسسة حكومية تنشط في مجال التسويق لألمانيا كموقع للاستثمار، "إن الصين بطلة العالم في الصادرات وستحافظ في المستقبل المنظور على هذه المكانة".
مصنع لشركة فولكسفاغن بالصين. الحصول على جزء من الكعكة لأولئك فقط الذين يستثمرون في الصين
"ألمانيا ستخسر في كافة المجالات"
ربع مجموع الشركات الألمانية العاملة في الخارج يعتبر الشركات الصينة من أبرز المنافسين في الدول الصناعية والصاعدة أو حتى النامية. وهذا ما كشف عنه استطلاع أجرته غرفة التجارة والصناعة الألمانية شمل 240 شركة في مواقع أجنبية بينها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبولندا وتركيا. ويعتبر ثلث الشركات، التي شملها الاستطلاع أن المنافسة الصينية سترتفع في السنوات الخمس المقبلة. وتظهر المكاسب الصينية في السوق العالمية في جميع القطاعات المحورية للصادرات الألمانية. ففي قطاع الالكترونيات صدرت الصين في عام 2013 تسعة أضعاف ما صدرته ألمانيا. وفي المقابل يُسَجل تقدمٌ لألمانيا، لاسيما في صناعة السيارات والكيمياء وصناعة الآلات. لكن يورغن فريدريش يشير إلى "وجود واضح لمكاسب لشركات صينية في السوق العالمية"، ويعتقد أن ألمانيا ستخسر من حصتها في كافة المجالات.
الشركات الألمانية تحقق الربح
ويحذر يورغن فريدريش من معاينة متحيزة للوضع، لأن نمو الصادرات الصينية تقوده في جزء كبير منه شركات في ملكية أجنبية جزئية أو كاملة، بما فيها شركات ألمانية. فنسبة 32.9 في المائة من الصادرات تديرها مؤسسات تابعة لشركات أجنبية، ونسبة 14.3 في المائة تأتي من مشاريع مشتركة. فشركة بوش مثلا تنتج في الصين آلات لصناعة آلات تشغيل ميكانيكية موجهة للسوق البرازيلية. وبالمقارنة مع الشركات الألمانية تتلقى الشركات الصينية لدى التزامها في الخارج دعما أكبر. فالصين من ناحية تنهج سياسة اقتصادية طويلة الأمد. وفي الدول الصاعدة يُفتح المجال أمام شركات حكومية صينية بإبرام اتفاقيات ثنائية تغطي الأسواق المحلية. وتُمنح قروض تجارية كبيرة بشرط شراء منتجات صينية. ومن ناحية أخرى تمنح الدولة للشركات التي تنشط بالخارج شبكة واسعة من الضمانات المالية. ويقول فولكر ترايير رئيس القسم الخارجي بغرفة التجارة والصناعة الألمانية "نحن أيضا لدينا شبكة من التأمينات على قروض الصادرات والضمانات على الاستثمارات، لكن ليس بالحجم الذي يحصل عليه المنافسون الصينيون".
الكعكة تُقسم في عين المكان
غالبية الشركات الألمانية ترفض الدخول في منافسة على الأسعار مع المنافس الصيني. وعوض ذلك فإنها تريد تقوية مكانتها في القطاعات المكلفة، وبالتالي فإنها تركز على البحوث والتطوير. ويبقى أكثر من 20 في المائة من مجموع الشركات التي شملتها استطلاعات غرفة التجارة والصناعة الألمانية منفتحا على الدخول في تعاون مع شركات صينية في دول ثالثة. فيما يكتسي الحضور أيضا في الصين أهمية كبيرة. ويقول فولكر ترايير "إن من يريد نيل قسطه من تدويل الاقتصاد الصيني، يجب عليه الحضور في عين المكان. هذا مهم عندما يتعلق الأمر بتقسيم الكعكة." فالصين تعتبر بالنسبة إلى الشركات الألمانية من الآن أهم موقع للاستثمار في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وأكثر من خمسة آلاف شركة ألمانية موجودة في الصين حيث تشغل أكثر من مليون شخص واستثمرت نحو 48 مليار يورو.