العرب اللندنية: يلتقي معارضون سوريون الأسبوع الحالي في موسكو، لإجراء محادثات تبدو فرص نجاحها ضئيلة وسط سعي روسيا إلى استطلاع إمكانية تشكيل ائتلاف جديد ضد الإرهاب يضم النظام السوري. وترى موسكو أنه لابد من تشريك النظام في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، فيما ترفض القوى الإقليمية الداعمة للمعارضة الأمر، معتبرة أن داعش صنيعته وهو من سخر له فرص التمدد داخل الأراضي السورية. كما تحاول روسيا فرض تسوية للأزمة السورية يتم بمقتضاها الإبقاء على بشار الأسد لإدارة المرحلة الانتقالية، وهو ما لا يلاقي قبولا لدى الأطراف المقابلة. وقد أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير خلال لقاء مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء بموسكو على رفض المملكة تشكيل ائتلاف جديد ضد تنظيم الدولة الإسلامية، متمسكا بمطلب رحيل الأسد حتى قبل الحديث عن أي مرحلة انتقالية في سوريا. وتعد المملكة العربية السعودية إلى جانب تركيا وقطر من أبرز داعمي فصائل المعارضة التي تخوض منذ منتصف مارس 2011 معارك ضد قوات النظام.
ويقول محللون إن موقف المعارضة وبخاصة الإئتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة لن يكون مختلفا عن داعميه الإقليميين. ومن المقرر أن يلبي رئيس الائتلاف خالد خوجة المقرب من تركيا دعوة لزيارة موسكو اليوم الخميس. ويقول سالم المسلط المتحدث الرسمي باسم الائتلاف المعارض في تصريحات لـ "العرب" إن وفد الائتلاف سيستمع إلى الموقف الروسي، فيما إذا كان هناك تغير في هذا الموقف، ولاسيما بعد لقاءات وزير الخارجية سيرغي لافروف بالمسؤولين السعوديين". ويلفت إلى أنهم لمسوا "تغيرا في الموقف الروسي في آخر اجتماع لهم في أنقرة من حيث استعدادهم لمناقشة مصير الأسد". ويوضح مسلط أن وفد الائتلاف سيؤكد للجانب الروسي أنه لا يمكن حل موضوع الإرهاب في سوريا بدون تأسيس هيئة حكم انتقالي وفق ما تضمنه بيان جنيف1، مشددا على رفضهم أن يكون لبشار الأسد أي دور في المرحلة الانتقالية وما بعدها. ومن المقرر كذلك أن يزور موسكو عدة شخصيات من تجمع مؤتمر القاهرة الذي يضم معارضين سوريين في الداخل والخارج.
ويعتبر المعارض السوري البارز هيثم مناع وهو أحد مؤسسي هذا التجمع أن "الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية يمر عبر تغيير سياسي في سوريا يوحد كل القوى السورية". ويضيف “نريد إقناع لافروف، الجمعة، بضرورة دعم المقاربة العملية التي اقترحها (المبعوث الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا، بمعنى التقدم بشكل متواز في معالجة مسائل عدة (أمنية وإنسانية) في إطار عملية يمكن أن تؤدي إلى مؤتمر سلام جديد يسمى جنيف 3". وفشلت جولتا مفاوضات سابقتان بين ممثلي النظام والمعارضة في جنيف بوساطة من الأمم المتحدة في 2012 و2014. واقترح دي ميستورا نهاية يوليو دعوة ممثلي النظام والمعارضة إلى محادثات تتطرق بشكل مواز إلى أربعة ملفات أساسية هي "الأمن للجميع (عبر وضع حد للحصارات وتقديم المساعدات الطبية والإفراج عن المعتقلين) والمسائل السياسية (بينها الانتخابات وحكومة انتقالية محتملة) والطابع العسكري (مكافحة الإرهاب واحتمال وقف إطلاق النار) وإعادة إعمار البلاد”.
وترى دمشق أنه لا بد من تشكيل حكومة انتقالية تضم النظام وقوى المعارضة تحت سلطة الأسد، وتنظيم انتخابات تشريعية في الخريف، ومن ثم تعديل الدستور لتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية. ويجد مراقبون أن المكاسب الميدانية للمعارضة السورية وآخرها فرض هدنة على إيران وحليفها حزب الله بخصوص فك الحصار عن مدينة الزبداني، كلها عوامل تدعم موقف المعارضة والداعمين الإقليميين. ومن المقرر أن يستقبل لافروف أيضا صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي، الحزب الكردي الأبرز في سوريا، والذي تتهمه تركيا بالسعي إلى قامة حكم ذاتي شمال سوريا. ويرى الخبير في الشأن السوري توما بييريه أن لا فرص نجاح للمبادرة الروسية، قائلا "ليس لدى المعارضة أي سبب يدفعها للانخراط في عملية إعادة تأهيل النظام هذه. لا تملك روسيا شيئا لتقدمه، فهي تتمسك بالموقف ذاته منذ 2011: بقاء الأسد في السلطة". لكن موسكو على الرغم من ذلك تبقى متفائلة مع اعترافها بتعقيدات هذه العملية. وتقول المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا "لا نرى أي خطة بديلة. تحديدا لدى الغربيين بإمكانها أن تنجح واقتراحاتنا حول نزع السلاح الكيميائي في سوريا نجحت، ولاقت موافقة النظام في دمشق وكذلك واشنطن (في 2013) وخففت من التوتر". وحول فرص نجاح المبادرة، تجيب "لسنا هنا في معرض تقديم توقعات، كل ما نفعله بناء على تواصل مع شركائنا في الخارج".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق