تجمع فرنسا بين عوامل عدة تجعل حالها تبدو أسوأ حتى في أعين الجهاديين، لكن الهجمات التي تعرضت لها باريس قبل أسبوعين جعلتها تتخذ منعطفا جديدا في حربها على الإرهاب ولا يبدو أنها ستتراجع عن ذلك لا سيما وأنها بدأت تمسك بزمام الأمور لقيادة أوروبا نحو وضع حد لظاهرة التطرف عبر الحد من استضافة المزيد من اللاجئين.
العرب اللندنية: استبق رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس القمة الطارئة حول اللاجئين المقررة الأحد المقبل في بروكسل، بدعوة الاتحاد الأوروبي إلى الإعلان صراحة أنه لم يعد بإمكانه استقبال المزيد من اللاجئين. وشدد فالس خلال لقاء بالصحافة الأوروبية الذي جرى الأربعاء في قصر ماتينيون بباريس على أن مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد أمر مهم لمستقبل التكتل، محذرا من أن الشعوب ستقول "كفى أوروبا" إذا لم "نفعل ذلك".
كما طالب بضرورة وضع سجل في الدول الأوروبية للمسافرين جوا وأنه "يجب أن يبدأ العمل به سريعا". وقال إن "أوروبا بحاجة إلى إيجاد حلول للذين يغادرون من سوريا إلى الدول المجاورة وإلا فإنها لن تكون قادرة على المراقبة الفعالة لحدودها". جاء ذلك في حين دخلت النرويج على خط مواجهة الإرهاب كبقية الدول الأوروبية حينما أعلنت رئيسة الوزراء إرنا سولبرغ أن بلادها ستبدأ اعتبارا من اليوم الخميس تشديد إجراءات التفتيش على حدودها خصوصا مع السويد. وكانت الحكومة السويدية قررت في وقت سابق تشديد قواعد قبول طالبي اللجوء، مشيرة إلى أنها لم تعد قادرة على استيعابهم.
وفي حين استنكرت الأمم المتحدة الثلاثاء القيود الجديدة المفروضة على اللاجئين التي تسببت في وجود نحو ألف لاجئ عالقين عند المعبر الحدودي الرئيسي بين اليونان ومقدونيا، اقترح وزير الاقتصاد الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره الألماني زيجمار غابريال تأسيس صندوق من 10 مليارات يورو (10.7 مليار دولار) لتمويل الإجراءات الأمنية المشددة وضبط الحدود الخارجية والاهتمام باللاجئين. ويخشى المراقبون والخبراء من أن تعزز الهجمات التي شهدتها باريس قبل أسبوعين، التشدد في أوروبا تجاه اللاجئين في ظل انقسام شهدته القارة بشأن تدفقهم خصوصا مع تأكيد عدة تقارير مفادها أن الآلاف من الجهاديين دخلوا في شكل لاجئين إلى أوروبا.
وتجاهد أوروبا منذ أشهر لتتمكن من إيجاد حل لأسوأ أزمة مهاجرين تواجهها منذ الحرب العالمية الثانية، إلا أن المخاوف الأمنية تصاعدت بشكل ملحوظ بعد قتل جهاديي داعش 130 شخصا في باريس. ووافق الأوروبيون قبل أسبوع على الإسراع في إدخال تعديلات على نظام التنقل خلال منطقة شنغن التي يتنقل فيها مواطنو دول الاتحاد الأوروبي دون جواز سفر. ويرجح سياسيون أوروبيون أن يتبنى الاتحاد المقترح الفرنسي رغم أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لا تفضل الجنوح مع هذا الرأي وكثر يساندونها في ذلك بما فيهم رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود ينكر الذي طالب بعدم الخلط بين اللاجئين والإرهاب. وبينما تواصل فرنسا حربها على داعش داخل البلاد وفي معاقله في سوريا والعراق، قررت الحكومة نشر 8 آلاف عنصر إضافي من رجال الأمن والدرك على حدود البلاد لتأمين مؤتمر المناخ المنتظر إقامته الأحد في مدينة بورجيه القريبة من باريس.
وقال وزير الداخلية بارنرد كازنوف إنه "يجري تأمين حدود فرنسا من أي تسلل قد يحدث وحتى تتم السيطرة على كل الثغرات الممكنة". ويتوقع أن يحضر هذه القمة العالمية قرابة 147 من قادة وحكومات الدول لمناقشة هذه الظاهرة في الفترة الفاصلة بين 30 نوفمبر و11 ديسمبر المقبل. وتتجه الحكومة نحو تعاط جديد مع الأشخاص المدرجة أسماؤهم على قائمة "إس" التي تضم أشخاصا يمثلون خطرا محتملا على الأمن القومي لفرنسا، حسب الاستخبارات الفرنسية، غير أن هذه المقاربة أثير حولها الكثير من الجدل وخصوصا من قبل المعارضة.
ويحاول الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند زيادة الجهود المبذولة والضغط على حلفائه لتكوين تحالف دولي لمحاربة تنظيم داعش المتطرف الذي أعلن أن إقامة خلافة في سوريا والعراق قبل عام ونصف العام. أما في بلجيكا، فقد حاولت بروكسل أمس استعادة نمط الحياة المعتاد بالرغم من الإبقاء على الإنذار بهجوم إرهابي في أقصى مستوياته، فأعادت تشغيل خطوط المترو تدريجيا وفتح المدارس وسط رقابة أمنية مشددة. ولا تزال المطاردات جارية بصورة مضنية في كامل البلاد بحثا عن المشتبه به الرئيسي في اعتداءات باريس صلاح عبدالسلام حيث تتوالى عمليات الدهم منذ بضعة أيام.
كما أصدر القضاء البلجيكي مذكرة توقيف دولية بحق شخص يدعى محمد ابريني (30 عاما) كان برفقة صلاح قبل يومين على اعتداءات باريس ووجه التهمة إلى شخص خامس يشتبه في علاقته بـ"عمليات قتل إرهابية". إلى ذلك، أجرت لجنة التنسيق الكندية المعنية باستقبال اللاجئين تغييرات في خطتها الخاصة باستقبال اللاجئين السوريين على أراضيها. وصرحت وزيرة الصحة الكندية جين فيلبوت التي تتولى رئاسة اللجنة، الثلاثاء، بأنهم مددوا فترة استقبال 25 ألف لاجئ سوري، حتى بداية شهر مارس المقبل بدلا من نهاية العام الجاري، حسبما كان مخططا. وأضافت إن بلادها 15 ألف لاجئ هذا العام و10 آلاف آخرين، ابتداء من العام القادم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق