وكالات: نفذت الشرطة التركية أمس الثلاثاء، حملة مداهمة كبرى وصفها متابعون بأنها غير مسبوقة لمجموعة تجارية وإعلامية تابعة لغريم الرئيس رجب طيب أردوغان المقيم في الولايات المتحدة، محمد فتح الله غولن. وذكرت وكالة الأناضول أن أجهزة الشرطة داهمت 23 شركة تخص مجموعة "كوزا أيبك" التي تربطها صلات وثيقة بزعيم حركة "الخدمة" غولن المطلوب لأنقرة بتهمة تكوين دولة داخل الدولة التركية. وكشفت مصادر تركية مطلعة مقربة من الملف أن المصالح التجارية التي تمت مداهمتها يشتبه في أنها تعمل على دعم منظمة إرهابية تصفها الحكومة بـ"منظمة فتح الله الإرهابية". وكانت مكاتب في العاصمة التركية أنقرة، من بين المكاتب التي تمت مداهمتها. وفي أول تعليق على العملية، قال رجل الأعمال التركي أكين إيبك مالك المجموعة إنه لا يعلم السبب من وراء الحملة، واصفا افتراءات الحكومة بأن تهم فساد تلاحقه بـ"الحقيرة". وفي وقت انتقد فيه مؤيدو غولن هذا التصرف، فضلت السلطات التكتم كعادتها حول ما إذا كانت هذه الحملة رافقها اعتقالات لمسؤولين يعملون في هذه المجموعة يشتبه في كونهم يديرون هذه المنظمة المزعومة.
ويتهم البعض أردوغان بمحاولة السيطرة على المجموعة مثلما حصل مع “بنك آسيا” في ماي الماضي، كنوع من العقاب لغولن. ويبقى السؤال الأبرز الذي يفرض نفسه على المشهد التركي هو مدى تأثير هذا الخلاف على الاستحقاق الانتخابي القادم، وقدرة الحزب الحاكم على انتزاع الفوز فيها وتشكيل حكومة بمفرده كما هو الحال في السابق. ويقول مراقبون إن هذه الحملة تندرج في إطار مساعي أردوغان لتخفيف الضغط على حزب العدالة والتنمية الذي يدعمه بقوة، حيث يأمل في عودة قوية له من خلال الانتخابات البرلمانية المرتقبة في نوفمبر المقبل. ورغم عدم وجود إحصاء دقيق لعدد أفراد الجماعة المنتشرة اجتماعيا والقوية ماليا، فإن بعض التقديرات تتوقع تأثيرها على ما نسبته 3 في المئة من أصوات الناخبين، مما قد يفقد العدالة والتنمية هذه الأصوات حال استمرار الانفصام بين الطرفين، الأمر الذي قد يؤثر في حظوظه بمواصلة الحكم منفردا. وستثير هذه الحملة الجديدة المعارضة التركية التي تقف حجر عثرة أمام طموحات أردوغان من أجل السيطرة على الحكم بقبضة من حديد بكل الطرق والوسائل، قبيل دخول حزبه السابق المنافسة الانتخابية المقررة في الأول من نوفمبر القادم.
العديد من المهتمين بالشأن التركي يرون أن نتيجة الانتخابات المبكرة ستكون مماثلة لتلك التي جرت في يونيو الماضي على الأرجح، وهذا الأمر سيشكل خبرا سيئا للرئيس التركي في كل الأحوال سواء قزّم معارضيه أم لا. وتشير كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات الدولية في إسطنبول نيجار غوكسيل إلى أنه في الأسابيع الماضية لم يكن هناك أي تغيير جوهري من شأنه أن يمكن العدالة والتنمية من الفوز ليشكل حكومة بمفرده. لكن آخرين يحذرون من أن الكثير من الأمور قد تتغير، مع زيادة الضغوط التي تمارسها السلطات التركية على حزب الشعب الديمقراطي واعتقال عدد من رؤساء البلديات بتهمة دعم "الحكم الذاتي" في جنوب شرق البلاد. وخاض أردوغان منذ الكشف عن فضيحة الفساد في أواخر 2013 معركة تكسير عظم الكيان الموازي، حيث شنت السلطات التركية حملات واسعة النطاق في كامل البلاد طالت بشكل خاص سلك الشرطة والقضاء واعتقل الآلاف من أنصار غولن. وللمرة الأولى، أصبح في تركيا قوتان تمارسان السلطة منتخبتان ديمقراطيا هما الرئيس والبرلمان، الأمر الذي يشكل صلب المواجهة التي تعيشها البلاد. وتجدر الإشارة إلى أن "كوزا أيبك" تدير أيضا صحيفتي "بوجون" و"سوزجو" المناهضتين للحكومة الإسلامية، إلا أن لديها أنشطة أيضا في قطاعات متعددة أخرى مثل سوق الطاقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق