ويجد أردوغان، الذي يعيش أسوأ مراحله في السلطة منذ الوصول إليها لأول مرة عام 2002 على رأس حزب العدالة والتنمية، نفسه مكبل اليدين، إذ انتقل القرار المصيري في البلاد لأول مرة إلى أيدي معارضيه. وأفضت الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من يونيو إلى خسارة حزب العدالة والتنمية للغالبية المطلقة التي حافظ عليها طوال 13 عاما. وتراجعه من نسبة 49.9 بالمئة في العام 2011 إلى 40.8 بالمئة. ورغم فوز الحزب في الانتخابات إلا أنه كانت بطعم الخسارة بالنسبة إلى أردوغان الذي كان يأمل الحصول على غالبية كافية تمكنه من إجراء تعديلات دستورية تجعل النظام رئاسيا. ويقول محللون إنه يمكن للعدالة والتنمية التحالف مع حزب الحركة القومية الذي حل ثالثا، أو تشكيل ائتلاف كبير محتمل مع حزب الشعب الجمهوري. في رد على دعوة أردوغان لرؤساء الأحزاب الأربعة كلا على حدة قبل تكليف حزب بتشكيل الحكومة الجديدة، أعلن دولت بهشلي رئيس حزب الحركة القومية ثاني أكبر أحزاب المعارضة في تركيا أنه لن يلتقي أردوغان لأنه ليس من مهامه تشكيل الحكومة. وقال بهشلي "إن مهمة تشكيل الحكومة تقع على عاتق زعيم حزب سياسي، ومن ثم نلتقي ونتباحث مع الشخص المنوط به هذه المهمة". وأضاف "تنحصر مهمة الرئيس أردوغان فقط في الموافقة على الحكومة في حال تشكيلها. ولهذا فنحن لن نلتقي أردوغان، ولن أخطو خطوة أمام القصر الرئاسي في أنقرة، وبالمثل فلا يمكن له أيضًا أن يخطو أمام بابنا، أي لا لقاءات ولا مباحثات تدور بيننا وبينه.
وربما تكون هذه التصريحات صادمة للرئيس الذي قالت مصادر إنه كان يمني نفسه بالتحالف مع حزب الحركة القومية، أقرب الأحزاب إلى أيديولوجيا الرئيس القومية إلى جانب طبيعة حزبه الإسلامي. وأضافت المصادر لصحيفة "زمان" التركية المعارضة أن أردوغان وضع حينما التقى أوغلو في القصر الأبيض خطة تقوم على ثلاث مراحل قبل الدخول في انتخابات مبكرة. وبموجب الخطة سيتم أولا “خفض حالة الضغط المسيطرة على البلاد، عن طريق استخدام لهجة تصالحية ومعتدلة تُقدّم أجواء استقرار تركيا على أيّ شيء آخر. كما ستُعطى صورة مفادها أن العدالة والتنمية استوعب الدرس اللازم من الانتخابات وأجرى نقدًا ذاتيًّا مع نفسه . وفي المرحلة الثانية، سيتم تشكيل صورة ذهنية خادعة لدى الرأي العام تفيد بأنه تمت تجربة جميع الطرق لكي لا تبقى تركيا دون حكومة، وأنه تم اللجوء إلى كل السبل مع جميع الأحزاب للاتفاق حول تشكيل حكومة ائتلافيّة إلا أنه لم يتم الاقتراب للائتلاف بأي شكل من الأشكال. والمرحلة الثالثة والأخيرة، في هذه الخارطة هي استعادة أصوات الأكراد المحافظين التي ذهبت لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي بزعامة صلاح الدين دمرداش، والتي جعلته يجتاز الحد الأدنى للعتبة الانتخابيّة (10 بالمئة من الأصوات) ويضمن 80 مقعدا في البرلمان بعدما كان يمثل الحزب بنواب مستقلين فقط.
وبالنسبة للرئيس التركي، فإن إجراء انتخابات مبكرة أفضل بكثير من التوافق مع أحزاب معارضة تحمل أيديولوجيا معادية لحزب العدالة والتنمية، إذ أن الاقتراع الجديد سيمنحه فرصة أخرى قد تمكنه هذه المرة من تحقيق الأغلبية التي كان يرجوها في السابق. وقال مسؤول كبير بحزب العدالة والتنمية للصحيفة التركية المعارضة "مَن يعرف السيد أردوغان يعلم جيدًا أنه لن يستطيع العيش تحت وصاية أبدًا". وأضاف المسؤول، الذي لم تشر الصحيفة إلى هويته أن "النتيجة الحاصلة بعد انتخابات السابع من يونيو تعني وصاية على كل من أردوغان وحزب العدالة والتنمية. بمعنى أنه ما دامت التحركات والخيوط في يد المعارضة وأغلبية البرلمان ليست معهم فهذا يعني أن أردوغان تحت وصاية. وأردوغان لا يمكن أن يعيش أبدًا تحت ظل شخص آخر، وسيرغب في تعويض ذلك على الفور".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق