ليبيا المستقبل _العربي الجديد: لا تشبه الأزمات الليبية إلا نفسها. قد تكون البلاد اليوم الوحيدة التي يوجد فيها ثلاثة رؤساء للحكومة يتنازعون الشرعية في ما بينهم، وأياً منهم لا يمتلك سلطة حقيقية في البلاد. إنها، إذاً، أزمة حادة في الشرعية، وفي هوية مصدر هذه الشرعية، وفي طريقة نيلها. لا تنقص الشواهد التي تؤكد تلك الأزمة. كل يوم جديد يمر وليبيا تشهد أزمة جديدة أعمق من التي سبقتها، آخرها انفجرت بعد صدور فتوى إدارة القانون والفتاوى في وزارة العدل الليبية، التي قضت بغياب الشرعية والقانونية عن قرار رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، نوري أبو سهمين، بتعيين عمر معيتيق رئيساً للحكومة الجديدة، وهو ما يلخّص مشهد الأزمة الليبية الحالية، ومأزق الشرعية في البلاد، وخصوصاً أن رئيس الوزراء المكلّف، عبد الله الثني، يستند في شرعية استمراره إلى تكليف صادر من النائب الاول لرئيس المؤتمر الوطني، عز الدين العوامي، بعد اعتذاره سابقاً عن تشكيل الحكومة الجديدة.
وزارة العدل
وقال وزير العدل الليبي، صلاح الميرغني، إن مجلس الوزراء أرسل بالفعل رسالة رسمية إلى إدارة القانون للبت في هذه الاشكالية. وأوضح، في مؤتمر صحافي، أن هناك جدلاً في "المؤتمر"، لا تعتبر الحكومة نفسها جزءاً منه، بما أن السلطة التنفيذية ستنفّذ قرارات البرلمان مهما كانت. واختتم بأن الحكومة ستحترم القانون، وتثق بقدرة رئاسة وأعضاء "المؤتمر" على التوصل إلى الحل الصحيح، وأن يبقى في الإطار السياسي وألا يتحول إلى صدام. في غضون ذلك، جدد النائب الأول لرئيس "المؤتمر"، عز الدين العوامي، رفضه القاطع لشرعية وقانونية تعيين أحمد عمر معيتيق رئيساً للوزراء. وقال في مؤتمر صحافي يوم الخميس، في مدينة المرج أثناء شرحه ملابسات جلسة التصويت لإعطاء الثقة لرئيس وزراء جديد، إن أحمد عمر معيتيق حصل على 113 صوتاً فقط. وأشار العوامي إلى أنه كان يجب على معيتيق الحصول على 120 صوتاً لكي يتم تكليفه بتشكيل الحكومة، لافتاً إلى أن جميع مراحل انتخاب رئيس الحكومة في المؤتمر مرّت عن طريق الاقتراع السري المباشر، إلا جولة الإعادة الأخيرة جرت بشكل علني.
حكومة الثني
تقف حكومة عبد الله الثني حائرة بين رأيين: ذلك الذي يكلّفها الاستمرار في عملها، وقرار رئيس المؤتمر العام (البرلمان)، نوري أبو سهمين، بتعيين أحمد معيتيق. وأشار العوامي، في مؤتمره الصحافي بمدينة المرج، شرق ليبيا، إلى أن قرار أبو سهمين بشأن تكليف معيتيق بتشكيل الحكومة تسبّب بإرباك وحرج لحكومة الثني التي وصلها خطاب منه يطلب منها الاستمرار بتسيير الأعمال إلى حين انتخاب رئيس الحكومة الجديد. ورأى العوامي أنه كان الأجدر برئيس المؤتمر الاجتماع بنوابه للوقوف على آخر المستجدات قبل أن يتخذ قراره.
علي زيدان
أما في ما يتعلق بعلي زيدان، رئيس الوزراء السابق الذي أقاله المؤتمر في 11 مارس/ آذار الماضي، فقد شكك في قانونية التصويت على إقالته، على قاعدة أنّ نصاب التصويت يومها لم يصل الى الحد المنصوص عليه، وهو 120 صوتاً. وأطلق زيدان تصريحات صحافية عدة تفيد بأن أمر إقالته حصل فيه "تلفيق"، بعدما صوّت 113 نائباً فقط على قرار إقالته، أي أقل من 120، النسبة المطلوبة لسحب الثقة من الحكومة. كلام خلص من ورائه زيدان إلى الجزم بأنه لا يزال يعتبر نفسه رئيساً شرعياً للوزراء في ليبيا التي تعهد بالعودة إليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق