كريمة إدريسي- هنا أمستردام-: "درنة
حكاية طويلة، تحتاج سرداً لا ينتهي..عوقبت درنة مرتين، مرة في عهد القذافي
وأخرى الآن"، يقول ابن درنه، سالم دربي، القائد السابق لكتيبة شهداء أبو
سليم التي تم حلها بعد تحرير سرت. عوقبت لأنها "قندهار ليبيا". عاقبها
القذافي حين وقفت في وجهه، ولم يستطع الوصول لبعض أبنائها الذين تحدوه من
كهوفهم بالجبال، كهوف أقاموا بها أزمنة طويلة. والآن تعاقب من طرف حكومة
الثورة، لأنها "وكر للمتطرفين".
درنة المتطرفة
"حين يوجد الفراغ في مكان ما، فإن القاعدة تملأه"، يقول دربي. إلا
أنه ليس القاعدي سفيان بن قمو، الرابض بضواحي درنه، المعتقل السابق
باغوانتانامو، هو المسؤول الوحيد عن هذه السمعة لـ "قندهار ليبيا"، فقد
اشتهرت درنه على مر الزمان، بتطوع أبنائها في "الجهاد العالمي"، وهكذا
حاربوا في الشيشان وأفغانستان والجزائر والعراق ومالي وسوريا. "ولكن هذه
أقلية"، يقول دربي، "معظم شباب درنة شباب عادي ولا يتبنى أفكاراً إسلامية
متشددة، ومع هذا، يدفع ثمن هذه السمعة". وتقول مدونة درناوية ترفض الكشف عن
اسمها إنه تناهى إلى مسامعها أن غرباء لاذوا بالمدينة، وصلوا من مالي بعد
قصف فرنسا لها، ولكنها في رحلتها اليومية إلى الشغل ومنه، لا ترى أثراً
لغريب في المدينة.
درنة الغريبة
"درنة.. عايشة ببركة ربي"، تقول المدونة الدرناوية. "أهلمت
الدولة الجانب الإنساني في درنة"، هذه هي مأساة درنة الكبيرة حسب دربي.
تحولت مدينة درنة الليبية، المعروفة بطبيعتها الخلابة المتنوعة التي تغنى
بها الشعراء، إلى منطقة غريبة معزولة، لا توجد بها أي مؤسسة حكومية، ولا أي
أثر لرجل أمن. لم تهتم الدولة بالإنسان الدرناوي البسيط،ولم توفر له
احتياجاته الأساسية مثل الماء والكهرباء والتطبيب، "من يأتي إلى درنة،
سيكتشف أنها جسم منسلخ تماماً وكأنها ليست جزءً من ليبيا. همشوها وخربوها
وشوهوا جمالها"، يقول دربي، موضحاً أن درنة مع ذلك، دائماً كانت منطقة غنية
بثرواتها الطبيعية ومعالمها السياحية ومنتوجها الأدبي والفني. وتقول
المدونة الدرناوية إن أغلب الأعمال في درنة متوقفة. الأعمال فيها دائما
مؤجلة. محطة توليد الكهرباء بالرياح متوقفة، شركات الصيانة والبناء متوقفة.
"الميزانية لم تصل للآن للمجلس المحلي مما يترتب عنه تضييق على المواطن في
المعيشة داخل المدينة".
درنة المهمشة
شباب درنة غاضب، مهمش، يوصف بالإرهابي، لا فرصة له للعمل. "هذا
خطير.. خطورة لا تدرك الدولة أبعادها"، يقول دربي. إلا أن المدونة
الدرناوية تؤكد أن ما يقال عن درنه تهويل كبير لواقع الأمر، "فالحياة
اليومية في درنه طبيعية باستثناء أنه لا أثر لمؤسسات الدولة". يغزو المدينة
نفس الروتين الذي تعرفه باقي مناطق ليبيا، فبالرغم من التهميش والبطالة،
إلا أن الحركة في الشارع مستمرة، والناس يزاولون أشغالهم بشكل روتيني. يعكر
هدوء المدينة من حين لآخر اغتيال يستهدف قيادات في الأمن أو في القضاء،
ينفذها في الغالب، حسب أبناء المدينة، عناصر تربض على حدود درنة، بالجبال
والضواحي. تستقل المدونة الدرناوية وسائل نقل عمومية إلى عملها، ولا يريبها
شيء أو حركة. "كل شيء يبدو عادياً، ومحلات درنة تعرض الجديد قبل أن يصل
العاصمة".
أمن وأمان.. سلم وسلام
يشتهر أهل درنة بأنهم ناس بسطاء كرماء مسالمون، إلا أن المدينة
نالها قسط لا يستهان به من "التشويه" على مر العصور، بسبب أقلية تحيط
بأسوار المدينة. بل وتقول المدونة الدرناوية عن المرأة في درنة، إنها عرضة
صورة نمطية، تصورها على أنها خانعة خاضعة ولا تترك البيت، "في حين أن نساء
المدينة في عددهن أكثر من رجالها، وأغلبهن عاملات خارج البيت، كما يتميزن
بقيادتهن للسيارة، من مختلف الأجيال والأعمار"، ولكن "هناك تشويه مقصود
للمدينة وسكانها"، تقول المدونة.
أما دربي فيحمل المسؤولية للإعلام الليبي والعربي، الذي يطلق ما يشاء من الأوصاف بعيداً عن أخلاقيات المهنة، ويضر بمن شاء كما شاء. ويؤكد دربي أن مطالب أهل درنة، هي نفسها مطالب شعب ليبيا، مطالب تجعل الأمن والأمان والسلم والسلام يعم. "لا أشعر بعدم الأمان"، تقول المدونة الدرناوية. "ولكني أشعر بالخوف في غياب أجهزة الأمن".
أما دربي فيحمل المسؤولية للإعلام الليبي والعربي، الذي يطلق ما يشاء من الأوصاف بعيداً عن أخلاقيات المهنة، ويضر بمن شاء كما شاء. ويؤكد دربي أن مطالب أهل درنة، هي نفسها مطالب شعب ليبيا، مطالب تجعل الأمن والأمان والسلم والسلام يعم. "لا أشعر بعدم الأمان"، تقول المدونة الدرناوية. "ولكني أشعر بالخوف في غياب أجهزة الأمن".
المصدر: إذاعة هولاندة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق