#ليبيا #فاضل_عبداللطيف : هل تشهد السياسة الخارجية الامريكية تبدلا في مواجهة التحديات الجديدة ؟

التغيير الذي أجراه الرئيس الأمريكي باراك اوباما على فريق الأمن القومي (وزير الخارجية ووزير الدفاع ومدير وكالة الاستخبارات المركزية ) يحمل في طياته الكثير من المؤشرات ، فهو قد يشكل ايذانا ببداية مرحلة جديدة تشهد فيها السياسة الخارجية الامريكية تبدلا وتحولا نحو دبلوماسية اكثر تشددا في التعاطي مع التحديات الخارجية التي قد تهدد ( الأمن القومي الامريكي) أو التي تواجه مصالح الولايات المتحدة الامريكية لاسيما في المناطق الساخنة وبؤر التوتر وفي مقدمها بلدان ( الربيع العربي) ومنطقة الساحل والصحراء ، كما انه قد يعد مؤشرا لتوجهات جديدة للرئيس اوباما في ادارته لفترتها الثانية ، وفي جميع الأحوال فانه يحمل في طياته اعتراف ضمني بإخفاقات شهدتها السياسة الخارجية والدبلوماسية الأمريكية تحت ادارة الرئيس اوباما خلال فترة رئاسته الاولى وعلى رأسها سياسته تجاه ليبيا حين وقفت الادارة الأمريكية عاجزة امام تفجير قنصليتها في بنغازي ومقتل سفيرها وتداعيات ذلك الحادث في الداخل والخارج ؟؟؟؟

من خلال استقراء السير الذاتية للقادمين الجدد الى البيت الأبيض اقول بأنها توضح بشكل لا يقبل الشك بأنهم ينتمون الى مدرسة الصقور وليسوا بأي حال من الأحوال من الحمائم ، ولكل منهم خبرته الطويلة في التعاطي مع قضايا الأمن القومي الأمريكي وعلى رأسها مكافحة الإرهاب ، ويتميز وزير الدفاع بخبرته العملية في حرب فيتنام ومدير وكالة الاستخبارات المركزية بخبراته الواسعة في العمل الاستخباراتي .. وأمام التجارب الماضية والتقاليد التي تحكم السياسة الأمريكية فان في هذا التغيير ما يدعو الى التشاؤم والحذر ولا يوحي بالتفاؤل ، خاصة بالنسبة لليبيا البلد الذي ترنو اليه أنظار جميع الدول الكبرى بحكم موقعها الجيواستراتيجي ومخزونها النفطي ومصالح الدول الغربية الاستراتيجية في المنطقة ( وفي مقدمها ضمان استمرار تدفق امدادات النفط والغاز و أمن واستقرار منطقة حوض البحر المتوسط الجنوبي من الارهاب والهجرة غير الشرعية …) وقد خرجت ليبيا لتوها من ثورة شعبية قادت الى تدخل خارجي ، وهي الان وبعد مضي عامان لاتزال تواجه تحديات خطيرة أقل ما توصف به أنها ستقود الى حالة الدولة الفاشلة اذا ما استمرت حالة الانفلات الأمني وانتشار السلاح والمليشيات المسلحة وعدم قدرة الدولة على فرض هيبتها وسلطتها المركزية ، وما يشكله ذلك من تهديد للسلم والأمن الوطني والإقليمي وللمصالح الإستراتيجية للدول الكبرى في المنطقة.

وفي ظل تدهور الأوضاع الأمنية وتداعياتها الخطيرة في منطقة الساحل والصحراء التي قادت الى التدخل العسكري الفرنسي المباشر في مالي ، وإذا ما استمرت الأوضاع الأمنية والسياسية على ما هي عليه فان ذلك قد يفتح الباب على مصراعيه من جديد للتدخل الخارجي في ليبيا ، وهناك سيناريوهات عديدة للتدخل الخارجي ، ليس التدخل المباشر هو الخيار الوحيد من بينها ، وان العمل الاستخباراتي يظل أحد البدائل السهلة الممكنة… واعتقد بان ما تعرضت له القنصلية الأمريكية في بنغازي قد ترك جرحا عميقا في الوجدان الأمريكي ، وقد دفعت كلا من سوزان رايس و هيلاري كلينتون ثمن ذلك الفشل ،، وأظن بان من سيصنع قرار الحرب والسلم ويرسم السيناريوهات ويضع الخيارات الاستراتيجية في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي هم القادمون الجدد .

بقلم / فاضل عبد اللطيف

المنارة