بحرُ الأطلال
إلى
أمريء القيس
لا أبكي
على الأطلال
وإنما
أبكي حياة
قبل
أن تزهر تذبلُ
أتعقَبُ
الماء والكلأ
وقبري
كلب يقتفي أثري
فإذا
ما سقطت في الطريق عضَني
في هذه
الفيافي الموحشة
ما من
أحبَة في انتظارك
يمضون
تطويهم دروب
وخلفهم
على الرمال أثر
أبكيه
قبل أن تأتي الرياح
فتُخمد
ما بقى من نبضه
"بكى
صاحبي لمَا رأى الدرب دونه
وأيقن
أنَا لاحقان بمن" طوى
فقلت
له: إنما الأطلال مرآة
نرى
فيها حتفنا آتياً
"فلو
أنها نفسُ تموت سويَة
ولكنها
نفسُ تُساقط أنفساً"
"فإذا
كنت لا تستطيع دفع منيتي
فدعني
أبادرها بما ملكت يداي"
"لكي
يعلم الناس أنني امرؤُ أتيت الفتوة من بابها"
أنا
سيَد الصحراء
ولكن
ليس لي وطن
الشتاء
ضيف في ثياب الصيف
والربيع
برقُ يوقظ من غفوته الكمأ
يبصره
مدبراً فيعود إلى نومه
نهاري
حمَى عمياء وفراشة تدنو من لهب
وليلي
عاشق متَيم تواسيه النجوم الباكيات
ويشكو
للقمر سجنه الفسيح
تحت
خيمة زرقاء تشدَها إلى الأرض حبال الأفق
هذه
ليست حياتي
وإنما
هي أيامُ مسرعات
أزرع
في رحمهنَ قولي وفعلي
فإذا
ما طواني الردى يُزهر في حقلهنَ ذكري
وتُورقُ
على الشفاه أيامي البائدات
خالداً
إذا ما أحاطت بقوميَ المُلمَات
وحيَاً
إذا ما جلسوا للسمر
وطني
بين ضلوعي وحيث تضطرم ناري
تُبدَد
وحشة القلب واللَيل
وتدعو
من أقصى القفار الجائع والمُتعب
أنحر
راحلتي لضيوفي يناموا متخمين
وبقربهم
أغفو جائعاً أتضوَر
فما
غدُ إلاَ يوماً آخر
شدَ
لجامه بذيل اليوم
وحيد
في الفيافي وعشيرتي ظلَي
أتقدمهم
لكل غبار وأصدَ دونهم الردى والذلَ
فإذا
ما طالت قلبي الرماحُ
"فلا
تقبروني إن قبري محرَمُ"
ولكن
في بطن النسور أثوى
لعَلي
أكون بعضاً منها
حين
تعلو على الكائنات تحلَق
أنا
سيد الصحراء وعبدُ لوصايا السَلف
"إن
غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد"
أخافُ
الذلَ والعار
ودون
عرضي أموتُ والقنا في يدي
لذلك
أدفن طفلتي الباسمة
وهي
تنفض التراب عن لحيتي
وطن
أم مفازة؟
غير
أن به "منأى للكريم عن الأذى"
وفيه
لمن طلب المروءة موطن
صحراء
يرتع فيها السرابُ
ويبكي
تحت سوطها الحجرُ
"فما
أطيب العيش لو أن الفتي حجر"
"أفرق
جسمي في جسوم كثيرة"
وينكرني
إناءي إن جئته وحدي
"
وتستحي يميني وبينها وبين فمي"
دجى
ظلام أعمى وأبكم
غير
أني أتصيدُ اللذَات إذا ما وردن منهلي
وأنفذ
إليهنَ متستراً بالليل مثل الحلم
أتزوَد
لأيامي الصائمات
من كل
ضامر البطن وافر الردف والصدر
أدس
همومي في الأسود الفاحم
ووجها
صبح يضيء ليل الكحل
على
نحرها يدركني سيل
فأغرق
وهي قراري
وتغرق
وأنا موجها المندفع
إذا
رنَت الخلاخلُ تحتي
تنتشي
أيامي وتخضَر
إليها
أمضي لا أهاب المنايا
منذ
أن رمت بعينيها سهماً
فأصاب
في فؤادي مقتلاً
أنشد
شعري للدهر
سيلتهمُ
الدهرُ أيامي
وينجو
شعري
صحراء
موحشة كل خلَ فيها عارض
سوى
ناقتي وفرسي وسيفي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق