الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

#ليبيا وليد اللافي : للعزل وجوه أخرى … وليبيا أكبر من الجميع

لأن كان رافضي قانون العزل السياسي من الحقوقيين يعتبرونه منافيا لحقوق الإنسان بمخالفته لما نصت عليه الوثيقة الشهيرة الصادرة عن الأمم المتحدة والمعروفة بالعهد الدولي للحقوق السياسية، والتي ترفض أي تمييز بين المواطنين لأسباب سياسية.
ونتيجة لحالة الإرباك التي عشناها لما اضفت إليه تجربة هيئة النزاهة والوطنية، بخلطها لما هو موضوعي في معايير العزل، وما هو ذاتي في شروط الاستثناء، حتى باتت في كل مرة تحاول التبرير بأن الإشكال يكمن في القانون، وكأن الوطنية يمكن قياسها بقائمة شروط ذاتية وبقدر متساوي على الجميع، خاصةً مع عدم وجود قانون للفساد السياسي يمكن أن نتحاكم إليه في قضاء مستقل.
ولأن جمع من أنصار زعيم سياسي بعينه يعتبرون قانون العزل هو بقصد حرمان صاحبهم عن ممارسة الحياة السياسية، بل أن بعضهم قد قال بأنه موجه لتيارهم السياسي، وكأن لسان حالهم بقر بأننا لا شيء بلا الزعيم والعكس غير صحيح، في محاولة لاستنساخ عبارة “كلنا معمر القذافي”.
فأسحموا لي هنا أن اتجاوز الحديث عن العزل السياسي إلى ما هو أبعد من ذلك وأعم، وربما ستتسع فيه دائرة الاتفاق بيننا.
ذلك أنني سأختصر على أولئك جميعا وأحصر كل الممارسة السياسية في النظام السابق في شخص العقيد وبعض أبنائه، مستثنيا من ذلك طابور الوزراء وكبار المسؤولين، معتراً اياهم يؤدون عملًا تنفيذيا إداريًا بامتياز، ولم يكونوا في أي حال من الأحوال في مستوى صناعة القرار السياسي في ليبيا.
أقول هذا تعميما وجزافا فقط من أجل أن يسمح لي أولئك المعترضين أن أطالب اليوم بالعزل ليس السياسي بل الإداري، والذي أراه هينًا من أجل أن نضمن قدر الامكان حدوث التغيير المنشود ما بعد الثورة.
فالعزل الإداري ليس عقوبة سياسية، ولكنه تنظيمًا إداري يشكل جانب من القطيعة المفترض أن تكون شكلاً ومضمونا مع تلك الحقبة.
فإن كان بوسعنا أن نحسب سياسيا على النظام من ارتبط بفكره وعمل في مؤسساته السياسية، فإنه بوسعنا بالمقابل أن نعتبر من عمل في إطار الصف الأول من مسؤولي الدولة كالوزراء والسفراء انتموا إداريا لتلك الحقبة، وهو أعم وأشمل وأكثر موضوعية.
فمثلما نسمع بإقالة فريق حكومي كامل لأسباب الفشل، أو تغيير مجلس إدارة في شركة ما بسبب الخسارة، فإنه من الطبيعي أن نطالب بأن يحدث ذلك ما بين طاقم النظام السابق وبين طاقم النظام الجديد، فقط لأنه انتموا إداريًا لفترة عم فيها الفساد أغلب أرجاء مؤسسة الدولة، فضلاً عن حالة الفشل والعجز.
فالعزل هنا ليس عقوبة حتى يسعى البعض للتملص منها بدفع المبررات والحجج، ولكنه إجراء تنظيمي بحث، لا يتصل بالولاء السياسي، وغيرها من العبارات “كالذي تلطخت يده بدم الليبيين”، فذلك شأن المحاكم المختصة.
وحتى نضمن أن لا يستخدم القانون كعقوبة سياسية فيجب أن لا يتضمن أي استثنائيات تقديرية تتعلق بالموقف السياسي كالأنشقاقات وغيرها، بل نتوقف عند توصيف موضوعي مرتبطًا بمستوى معين من وظائف الصف الأول في رؤية إدارية بحثة.
أعلم أننا بهذا ربما نخسر نفرًا من أبناء ليبيا الذين يعتبرهم البعض جذرين بتصدر المرحلة، إلا أنهم بإمكانهم أن يؤدوا أدوارهم الوطنية المزعومة خارج الصف الأول، فضلا على أن ليبيا أكبر من الجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق