أ. ف. ب: من ضابط مؤيد للقذافي، إلى أسير حرب في تشاد، إلى عسكري مناهض للمتطرفين ومتهم بقيادة انقلاب، يبدو الجنرال المثير للجدل والشخصية النافذة في المشهد الليبي، خليفة حفتر اليوم بالنسبة الى البعض عقبة امام اعادة توحيد سلطات البلد الممزق. وتشهد ليبيا منذ اكثر من عام ونصف صراعا داميا على الحكم بين سلطتين، واحدة في الشرق تحظى باعتراف المجتمع الدولي ويقود حفتر قواتها، واخرى في طرابلس تدير العاصمة بمساندة جماعات مسلحة بعضها اسلامية.
وفيما تسعى الامم المتحدة الى توحيد هاتين السلطتين في اتفاق سلام ينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تقف مادة في الاتفاق حجر عثرة امام اعتماده بشكل نهائي، وهي تنص على شغور المناصب العسكرية العليا مع تسلم الحكومة مهامها. وتهدد هذه المادة دور حفتر. وقد صوت البرلمان المعترف به امس الاثنين على رفض هذه المادة، مؤجلا بذلك اقرار الاتفاق السياسي الذي وقعه برلمانيون وسياسيون وممثلون عن المجتمع المدني في المغرب في منتصف كانون الاول/ديسمبر الماضي، الى حين البت بهذه المادة. ونادرا ما يطل الفريق اول ركن خليفة حفتر على الاعلام من دون بزته العسكرية. وهو مرفوض بتاتا من سلطات طرابلس التي ترفض اي دور مستقبلي له.
ويقود حفتر، صاحب الشعر الرمادي والشارب الاسود، منذ ايار/مايو 2014، عملية عسكرية اطلق عليها اسم "الكرامة"، وتهدف الى القضاء على الجماعات الاسلامية المتشددة في مدينة بنغازي (الف كلم شرق طرابلس) ومناطق اخرى في الشرق الليبي. الا ان حملة حفتر هذه، التي اعتبرت في بدايتها انقلابا على السلطات الحاكمة قبل ان تتبناها الحكومة المعترف بها دوليا في شرق البلاد، فشلت في تحقيق اهدافها، خصوصا في بنغازي حيث قتل اكثر من 1960 شخصا في عامين من المعارك المتواصلة بحسب منظمة "ليبيا بادي كاونت" المستقلة.
ووصف رئيس الحكومة المعترف بها عبد الله الثني القوات التابعة لحفتر مع بداية العمليات العسكرية بانها "مجموعة خارجة عن القانون"، قبل ان تتحول بحكم الامر الواقع الى الذراع العسكري الرئيسي لهذه الحكومة التي تدير معظم مناطق الشرق الليبي. واكد حفتر حينها انه لا يرغب في الاستيلاء على السلطة، بل انه يستجيب ل"مطالبة الشعب بمحاربة الارهاب". على الاثر، انضمت الى قوته وحدات في الجيش والشرطة، وتحولت القوة التي يقودها الى "الجيش الوطني الليبي". ومؤخرًا، بدات قوات حفتر تطلق على نفسها اسم "القوات الليبية العربية المسلحة".
"منقذ" ام "مشروع ديكتاتور"
وينظر مؤيدو حفتر الى العسكري المتقاعد الذي رقي الى رتبة فريق اول في 2015 تحت قبة البرلمان المعترف به دوليا في طبرق في شرق ليبيا، على انه "منقذ" يحارب "الارهاب"، بينما يرى فيه منتقدوه "مشروع ديكتاتور". وفريق هو ارفع رتبة عسكرية في ليبيا. وحفتر الذي يتحدث بهدوء وبطء وقلما يبتسم للمصورين، من مواليد العام 1943. تخرج في الكلية العسكرية في بنغازي وشارك في الانقلاب الذي قاده معمر القذافي في 1969 قبل ان ينشق عنه في نهاية ثمانينات القرن الماضي ويغادر الى الولايات المتحدة ويقيم هناك وينضم الى قيادات معارضة.
وخلال خدمته في صفوف قوات القذافي، ترأس حفتر في خضم الحرب الليبية التشادية (1978-1987) وحدة خاصة، لكنه وقع في الاسر مع مئات العسكريين الاخرين، ليتبرا منه نظام القذافي في وقتها، قبل ان ينقل الى الولايات المتحدة في عملية غامضة. وقدمت له واشنطن اللجوء السياسي، فنشط مع المعارضة الليبية في الخارج. وبعد عشرين سنة من المنفى، عاد حفتر ليرأس القوات البرية للجيش ابان ثورة 17 شباط/فبراير 2011 التي سقط بفعلها نظام معمر القذافي.
وبعدها، احاله المؤتمر الوطني العام، وهو البرلمان الاول بعد الثورة، الى التقاعد مع عدد من الضباط الكبار، قبل ان يطلق مسيرته العسكرية من جديد بنفسه عبر عملية "الكرامة". واعاده برلمان طبرق الى الخدمة العسكرية مع 129 ضابطا متقاعدا آخرين مطلع شهر كانون الثاني/يناير 2015 بعد نحو ستة اشهر من العملية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق