يختلط الشعور لدى زائر هوليوود للمرة الأولى. فهو يشعر من ناحية أنه في مكان مألوف بينما كل ما حوله يغمره بسطوة الإبهار الذي توحي به هذه المدينة، عاصمة الإنتاج السينمائي الامريكي. هوليوود لا تخذل أبدا الباحث عن رموز الشهرة والنجومية لا سيّما في محيط بولفار هوليوود، هذا الشارع الطويل الذي يضم على جانبيه مسارح ومعارض بلافتات عريضة مضيئة، ويتربع وسطها مسرح كوداك بحلته الأنيقة. فهو يبرز هذه الايام بأجمل تألقاته إستعدادا لاستضافة الحدث السينمائي الأكبر في هوليوود والعالم، حفل جوائز الاوسكار الذي ينعقد في السابع من الشهر الحالي.
رصيف الشهرة
وبالطبع لا يكتمل بريق هوليوود إلا بالرصيف الاشهر، ولعلّه الاغلى، في العالم، رصيف الشهرة أو the walk of fame الذي يمتد على جانبي البولفار مرصّعا بنجوم تحمل أسماء مشاهير وختم الإعتراف بإنجازاتهم. الرصيف يحتفل هذا العام بعيده الخمسين وقد وصل عدد نجومه الشهيرة إلى ألفين وأربعمائة ونجمين آخرها، كانت لمغني الأوبرا الإيطالي آندريا بوتشيللي في الثاني من الشهر الحالي. كما هي العادة والشرط، حضر صاحب النجمة حفل تكريمه الذي خلّد اسمه على رصيف هوليوود. على الموعد أيضا كان حشد كبير شكل دليلا على أن مرور السنين لم يقلل أبدا من وهج هذا المكان وهذا الحفل وهذه المدينة. أما لافتة هوليوود الشهيرة بأحرفها التسعة، فتتربع على تلال لوس أنجلس وتسيطر على المشهد من أينما إتجاه.
هجرة استديوهات
إلا أن الباحث عن معالم سينمائية أخرى لطالما ارتبط اسمها باسم هوليوود -أو لعلّها هي التي ساهمت في جعل هوليوود ما هي عليه- قد يشعر ببعض الخيبة. فالاستديوهات العملاقة التي لطالما كانت أسماؤها مرادفة لاسم هوليوود منذ أن بدأت المدينة تشهد طفرة سينمائية ثم تلفزيونية بدأت في عشرينيات القرن الماضي، هجرت بمعظمها المدينة. وحدها استديوهات Paramount Pictures لا تزال فعليا قائمة في المدينة، بمعنى أنها الاستديوهات الوحيدة من بين الأسماء الكبيرة التي لا تزال تُجرى فيها أعمال تصوير. ولكن شركات الإنتاج الضخمة الأخرى تركت هوليوود متجهة غربا أو إلى خارج المدينة تماما. هذا لا يعني أن الإنتاج السينمائي والتلفزيوني برمته ترك هوليوود. فكثير من الشركات ممّا يُعرف باسم شركات الإنتاج المستقلة لا تزال تأخذ من هوليوود مركزا لها. وكذلك الأمر بالنسبة لوظائف فنية وتقنية أخرى مكمّلة للأعمال السينمائية والتلفزيونية كالتوليف، فتلك لا تزال قائمة وبقوة في المدينة.
نهضة متجددة
إلا ان انتقال أسماء كبيرة إلى خارج هوليوود طرح أسئلة كبيرة ومخاوف جدية عند مراقبين كثر. فتجرأ البعض على طرح إمكانية أن يكون زمن هوليوود باعتبارها مهد الإنتاج السينمائي، قد ولّى. إلا أن القائمين على هوليوود والذين لا ينكرون أن المدينة مرّت بالفعل بمرحلة دقيقة وخطيرة، يؤكدون أنها تعيش اليوم نهضة. لوران جوجلر رئيس ومدير غرفة التجارة في هوليوود وهي الهيئة المشرفة على المدينة، يؤكد أن هوليوود في مرحلة العودة إلى عصر النجاح. حيث قال أن "الوضع كان عصيبا جدا في السنوات الماضية وكان هناك خشية حقيقة ولكن الواقع هو أن الجميع بات منبهرا بالوضع اليوم. عدد كبير من شركات صناعة الأفلام تريد العودة إلى هوليوود".
تجسيد الأحلام
مهما تكن التغييرات التي تشهدها هوليوود، فالرمز الذي تجسّده ثابت. يكفي النظر إلى عدد السيّاح المتلهفين وراء صورة مع نجوم تحمل أسماء ممثليهم أو مغنيهم أو أي من الشخصيات العامة والمفصّلة، لديهم للتأكد من أن الرمز راسخ. أما من لم يحالفه الحظ بسطوع نجمه فهو يتعزى بتقليد شخصيات محبّبة لديه. عدد مقلّدي النجوم على رصيف هوليوود يُبقي الحلم بالشهرة قائما والتطلّع إلى النجومية طموحا مشروعا، عل الأمل أن يتحوّل في هوليوود إلى مشروع طموح.
كارين طربيه - بي بي سي- هوليوود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق