وكالات: أعلن مسؤولون حكوميون في أفغانستان، الاثنين، أن قتالا عنيفا اندلع بين فصيلين تابعين لطالبان موالين لقادة متنافسين في إقليم هيرات بغرب أفغانستان، في حين لا يزال الغموض يكتنف مصير زعيمها الجديد. ويقول رئيس شرطة المنطقة مجيد روزي إن الاشتباكات أسفرت عن مقتل قرابة سبعة مقاتلين وإصابة ستة آخرين في منطقة شينداند التابعة للإقليم. ويتردد أن كل جانب احتجز أفرادا من الجانب الأخر، ما ينبئ بتوتر الوضع داخل طالبان. ويبدو أن المعركة ستطول داخل الحركة بعد أن أشار روزي إلى أن الجانبين طلبا تعزيزات والمزيد من الإمدادات، وهو ما يضع المراقبين أمام فرضية محتملة وقريبة إلى الواقع وهي أن الملا أختر مات.
وكانت الاستخبارات الباكستانية كشفت الأسبوع الماضي أن منصور أصيب بجروح وقد يكون قتل خلال تبادل لإطلاق النار أثناء اجتماع لقادة الحركة قرب بلدة كويتا الباكستانية في منزل المعتقل السابق في غوانتانامو عبدالله سرهدي القائد المقرب من زعيم طالبان. وجرت العادة أن تبادر معظم أو جميع الحركات الأصولية إلى الإعلان عن وفاة قادتها دون تردد، ولذلك لم يتحفظ تنظيم القاعدة في إعلان اغتيال زعيمه أسامة بن لادن في مايو 2011 في أبوت آباد أثناء هجوم لوحدة العجول الأميركية على بيته. غير أن طالبان لا تتوخى ذلك الأسلوب ظنا منها أنها ستحافظ على تماسكها رغم الانشقاقات التي ضربت صفوفها مؤخرا، وهو ما سيجعلها مرغمة، بحسب الخبراء، إلى الكشف عن مصير زعيمها للخروج من هذا المأزق الذي قد يستفحل وتستغله داعش.
ويقول مختصون في شؤون الحركات الجهادية إنه إذا تأكدت وفاة الملا منصور فإنها ستزيد من حالة الانقسام وربما تضرب الفوضى صفوفها ولا يمكن التكهن بمستقبلها الذي قد يكون مثل القاعدة التي فقدت زخمها المعهود منذ وفاة مؤسسها. ويطرح لغز اختفاء زعيم طالبان الجديد وامتناعه عن الظهور علانية لدحض نظرية مقتله الكثير من السيناريوهات حول مستقبل الحركة التي دبت فيها الخلافات بعد وفاة زعيمها الروحي ومن غير المرجح أن تنتهي قريبا.
محللون يرون أن السيناريو الأول يتمثل في إمكانية تشظي الحركة حيث تمتلك الشخصيات المعارضة لمنصور دعما ماليا وعلاقات خارجية، كما أن سحب صلاحيات اللجنة السياسية لصالح مكتب الحركة في الدوحة سيضاعف من الضغوط الباكستانية عليها لصالح المعارضين، وهو ما قد يدفع الباكستانيين إلى الانحياز للمعارضين. وقد يدعم ما حدث للقاعدة ولطالبان باكستان أصحاب هذا السيناريو، حيث تعرضت القاعدة للتشظِّي بعد رحيل مؤسسها أسامة بن لادن وبروز داعش وتراجع قوة وسطوة القاعدة على أَفْرعها، مثلما حصل مع تنظيم طالبان باكستان بعد رحيل بيت الله محسود ثم حكيم الله محسود، ومبايعة بعض أجنحة الحركة لتنظيم الدولة وتفتُّت التنظيم.
إلا أنه من الضروري، بحسب هؤلاء، الأخذ في الاعتبار أن لدى طالبان أفغانستان إرثا تنظيميا ممتدا إلى أبعد من تاريخها، وهو امتداد للحركة الجهادية الأفغانية، إضافة إلى خبرة حكم وحاضنة اجتماعية قوية.ومع ذلك، يبقى السيناريو الأسوأ يتعلق بإمكانية تنامي ظاهرة داعش في أفغانستان، لاسيما إذا تواصلت الخلافات داخل الحركة، مما سيفقدها شرعيتها، ويدفع مقاتليها إلى بيعة أبي بكر البغدادي أميرا شرعيا ما دام الأمير أختر منصور متواريا عن الأنظار.
الحركة أمام تحدٍّ جديد أيضا ممثلا باستمرار علاقتها مع القاعدة الذي كان السبب في خلعها من السلطة، لا سيما بعد إعلان زعيمها أيمن الظواهري البيعة لأمير طالبان الجديد وقبول الأخير ذلك، وهو ما سيضعها أمام استحقاقات خارجية صعبة، لكن طالبان الآن معنية على ما يبدو بتعزيز جبهتها الداخلية، وتجلى ذلك باستمرار علاقتها بالقاعدة للحفاظ على مقاتليها من التحوّل إلى تنظيم الدولة، وسحب شرعية "أمير المؤمنين" البغدادي. وتراقب الولايات المتحدة عن كثب حالة عدم الاستقرار في قيادة طالبان في أعقاب تقارير متضاربة عن مصير زعيمها. وقال المبعوث الأميركي الخاص للشؤون الأفغانية والباكستانية ريتشارد أولسون الأحد في كابول "رأينا تقارير متضاربة عما قد يكون حدث وسنواصل متابعة الوضع".
وأضاف "نشك فعلا إلى حد ما بأن يكون لدينا قدر كبير من الوضوح على المدى القريب، ولكن على أي حال نعتقد أن الاستقرار في أفغانستان والمنطقة يتطلب انتهاء العنف". جاء ذلك بعد رسالة صوتية بثتها طالبان لدحض تقارير انتشرت على نطاق واسع بأن منصور أصيب بجروح خطيرة في تبادل لإطلاق النار أو أنه قتل خلال تلك المناوشات المسلحة "النادرة". ولم يتسن التحقق ما إذا كان الصوت للملا منصور، وسط شكوك في كلام طالبان التي ظلت لأشهر تنفي تقارير وفاة مؤسسها قبل اعترافها في يوليو بوفاته في 2013.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق