انطلق المبعوث الأممي الجديد في العمل على تفعيل الاتفاق السياسي بين فرقاء ليبيا الذي أكد وزير الدفاع الفرنسي على أهميته في مكافحة الإرهاب وتحجيم تنظيم داعش.
العرب اللندنية: دعا وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، أمس الأحد، فرقاء ليبيا إلى تفعيل الاتفاق السياسي بهدف وقف توسع تنظيم الدولة الإسلامية الذي نجح في السيطرة على العديد من المناطق المحورية. وقال لودريان لإذاعة "أوروبا 1"، إن "عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بين الطرفين المتحاربين سيؤدي إلى انتصار داعش"، مضيفا "الوضع يتطلب تحركا عاجلا لأن داعش يسيطر على العديد من الأراضي انطلاقا من سرت ويعمل على النزول نحو حقول النفط". وتعدّ مدينة سرت الساحلية إحدى أبرز مناطق صراع النفوذ بين داعش وميليشيا فجر ليبيا باعتبار أن المدينة تقع ضمن ما يعرف بمنطقة “الهلال النفطي” التي تضم مخزونا هو الأكبر من نفط ليبيا.
وقد أعربت العديد من الدول في مناسبات عدّة عن قلقها من تعاظم نفوذ تنظيم داعش في ليبيا وتمكنه من السيطرة على مدينة سرت وبعض المناطق المحاذية لها ممّا يزيد من احتمال تحوّل ليبيا إلى منطقة تدريب للجماعات الجهادية بدل العراق وسوريا وهو ما يحصل بالفعل بالنظر إلى وجود العديد من معسكرات التدريب التي يشرف عليها قادة أنصار الشريعة ومقاتلون في صفوف داعش. وفتحت هذه المخاوف من تغلغل داعش في ليبيا وتمكنه من استقطاب الآلاف من المقاتلين من جنسيات مختلفة الباب أمام احتمال تنفيذ تدخل عسكري في ليبيا. وربط محللون سياسيون التدخل العسكري في ليبيا بفشل الوساطة الأممية في تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وبعجز قوات الجيش عن تطويق الجماعات المتطرفة ودحرها في ظل حظر السلاح المفروض عليها.
ويقاتل الجيش الليبي بمفرده الجماعات الإرهابية والتنظيمات الجهادية التي تمكنت من اختراق حدود ليبيا، وتطالب الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني الأمم المتحدة برفع حظر السلاح عن الجيش حتى يتمكن من دحر المتشددين والحد من الانفلات الأمني الذي ساهم بشكل مباشر في انهيار مؤسسات الدولة في ليبيا. هذا وأعلنت مواقع مقربة من تنظيم داعش عن إعلانه عن مكافآت مالية مقابل استهداف قادة الجيش الليبي. وحدد المنشور 20 مليون دينار ليبي لاغتيال القائد العام للجيش الفريق حفتر، و10 ملايين لاغتيال قائد سلاح الجو صقر الجروشي ومكافآت مالية أخرى متفاوتة لقاء اغتيال عدد آخر من ضباط الجيش يشغلون قيادة عدة مراكز عسكرية بشرق ليبيا.
وأمام ما يقوم به تنظيم داعش وغيره من الكتائب المسلحة من أعمال عنف ممنهج أكد مجلس الأمن الدولي الحاجة الملحة للتصدي للتهديدات الإرهابية المتصاعدة في ليبيا، مشددا على وجوب تفعيل مقترح حكومة الوفاق الوطني. وأضاف مجلس الأمن، في بيان صحفي سابق، أن أعضاء المجلس يرحبون بالدعم الذي أبداه فرقاء ليبيا من أجل تفعيل الاتفاق السياسي، مشيرا إلى أن أعضاء المجلس يحثون كافة الأطراف على اعتماد الاتفاق والتوقيع عليه في أقرب الآجال حتى تبدأ الحكومة الجديدة في عملها.
ومن جهته شدد المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، مارتن كوبلر، على ضرورة توقيع الاتفاق السياسي سريعا بين الأطراف الليبية، معتبرا أنه من غير المنطقي أن تتفاوض الأطراف لمدة عام لإبرام الاتفاق السياسي، الذي سيكون بمثابة مرحلة انتقالية جديدة تستمر لمدة عام فقط، إلى حين إجراء الاستفتاء على الدستور والانتخابات التشريعية الجديدة. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده أمس الأحد بمقر المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته في العاصمة الليبية طرابلس، عقب اجتماع مغلق ضم رئيس وأعضاء فريق الحوار السياسي التابع للمؤتمر.
وكان كوبلر قد وصل طرابلس، في أول زيارة له برفقة فريق مستشاري مكتب الشؤون السياسية بالبعثة الأممية، بعد زيارته أمس الأول مدينة طبرق، حيث التقى نائب رئيس مجلس النواب وفريق الأعضاء الرافضين للاتفاق السياسي. وأكد المبعوث الجديد على ضرورة بدء جولة سريعة بين الأطراف الليبية يطرحون خلالها ملاحظاتهم، "للمضي سريعا نحو توقيع الاتفاق السياسي، الذي سيخلق مؤسسات دولة قوية وشرعية". وأبدى كوبلر تخوفه من انتشار وتمدد تنظيم داعش وتزايد المشاكل الأمنية وتنامي الجريمة، واصفا المرحلة بالحرجة وأن "الحرب على الإرهاب لابد أن تكون ليبية، وتقودها مؤسسات موحدة وشرعية وبمساعدة المجتمع الدولي".
يشار إلى أن الاتفاق السياسي، الذي وقع بالأحرف الأولى بمدينة الصخيرات المغربية، يشمل ثلاث مؤسسات دولة رئيسية، هي مجلس النواب، الذي يعد بمثابة السلطة التشريعية، ومجلس الدولة وهو بمثابة غرفة برلمانية استشارية ومجلس لرئاسة الحكومة، ويتكون من خمس أعضاء ممثلين لكافة الأطراف السياسية، وصلاحية الاتفاق السياسي لمدة عام واحد قابلة للتمديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق