العرب اللندنية: صعّدت إيران أمس، بشكل لافت، من لهجتها تجاه المملكة العربية السعودية. وبدا من خلال تهديدات أطلقها مرشدها الأعلى أنها تتشبّث بحادثة تدافع الحجّاج الأسبوع الماضي في مشعر منى بالبقاع المقّدسة للدفع نحو افتعال أزمة دبلوماسية مع المملكة. ويرى مراقبون أنّ إيران كانت قبل الحادث في أمسّ الحاجة لأي سبب لشنّ حملة ضارية ضدّ منافستها اللدود التي وجّهت لنفوذها في المنطقة ضربة قاصمة بتصدّيها الحازم لوكلائها الحوثيين في اليمن من خلال تحالف عربي شكّلته وتتولّى قيادته، دون أن تتمكّن طهران من اتخاذ أي إجراء عسكري أو سياسي لإنقاذهم من الهزيمة التي تبدو وشيكة ومؤكّدة. وتكرّس أمس العجز الإيراني في اليمن بإحباط قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية محاولة إيران تهريب أسلحة إلى الحوثيين عبر البحر. وقال التحالف العربي أمس في بيان إن قوّاته التي تقاتل الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن احتجزت قاربا إيرانيا محمّلا بالسلاح في بحر العرب كان في طريقه إلى اليمن لتسليم شحنته لميليشيات الحوثي.
وشهدت معركة تحرير اليمن من الحوثيين تقدّما كبيرا، حيث اقتربت قوات التحالف العربي والمقاومة المساندة لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي من عاصمة البلاد بعد سيطرتها على مواقع استراتيجية بمحافظة مأرب المجاورة لصنعاء. وأطلق المرشد الإيراني علي خامنئي أمس تهديدا صريحا للسعودية متوعّدا إياها "برد قاس" على تأخرها في تسليم جثث الحجاج الإيرانيين القتلى في حادث التدافع. وجاء ذلك في كلمة له خلال حفل تخريج طلاب من الكلية الحربية البحرية بمدينة نوشهر، حيث اتهم السعودية بعدم القيام بواجباتها فيما يتعلق بحادثة تدافع "منى". وقال خامنئي، "إن السعودية لم تف بواجبها من أجل نقل الجثث، وإيران ضبطت نفسها حتى الآن من أجل الأخلاق الإسلامية، ولحماية الإخاء في العالم الإسلامي، ولكن فليعلموا أنهم سيواجهون ردا قاسيا وعنيفا من إيران، في حال تعرض عشرات آلاف من الحجاج الإيرانيين والجثث في مكة والمدينة المنورة، لأي إساءة صغيرة".
والتزمت السعودية إلى حدّ الآن الهدوء في الردّ على اتهامات طهران، مذكّرة في ردودها بأّنّ القضيّة موضع تحقيق لتحديد المسؤوليات ومعاقبة المقصّرين. غير أنّ هذا التهديد الحادّ من خامنئي قد يثير حفيظة الرياض التي قد تجد نفسها مضطرة لاستخدام حقها السيادي في الردّ عليه بالطرق الدبلوماسية. وبعد مضي حوالي أسبوع على الحادث الذي أودى بمئات الحجاج، تواصل إيران شنّ حملة ضارية على السعودية في مختلف المنابر والمناسبات. واتهمت إيران علنا الرياض بعدم الكفاءة في تنظيم الحج، بل ذهبت حدّ الدعوة إلى انتزاعه من يدها وإسناد الإشراف عليه إلى لجنة إسلامية مشتركة. بينما ردّ رجال دين سعوديون على ذلك بالدعوة إلى انتزاع الأماكن المقدّسة لدى الشيعة والتي يزورونها في إيران مثل قم من يد طهران. واستدعت الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال السعودي للمرة الرابعة منذ وقوع الحادث في 24 من الشهر الحالي محذرة من "التأخير واللامبالاة" في إرسال الجثامين والبحث عن المفقودين. وأبلغ مدير الشؤون القنصلية في الوزارة علي جيكني الدبلوماسي السعودي "عدم موافقة عائلات الضحايا على دفن جثث أقاربهم في السعودية، وأن الجميع يطالب بالإسراع في نقل الجثامين".
كما حذّر جين مما سمّاه "اللامبالاة في ما يتعلق بكشف مصير المفقودين، وتمهيد السبل للإسراع بالتعرف على هوية الضحايا ونقل جثامينهم إلى إيران". وأرجئت إعادة جثامين قسم من الحجاج الايرانيين إلى طهران بعد أن كانت مقررة لأوّل أمس الثلاثاء. وأعلن مسؤولون إيرانيون تأخير العودة لأسباب إدارية تتعلق بتصاريح هبوط الطائرات المخصصة لذلك في السعودية. وفي خطوة اعتبرها مراقبون محاولة إيرانية لتضخيم المشكلة وتسليط الأضواء الدولية عليها، اختصر الرئيس الإيراني حسن روحاني زيارته إلى نيويورك، حيث كان يحضر الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة وعاد إلى طهران الثلاثاء بحجّة "أنه يريد أن يكون موجودا في البلاد عند وصول الجثامين".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق