دويتشه فيله: تحدثت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مؤخراً عن ضرورة إشراك الرئيس السوري بشار الأسد في أي مفاوضات بغية إنهاء النزاع المستمر منذ أكثر من أربع سنوات. فهل تعتبر هذه التصريحات تحولاً في مواقف برلين؟ دعت الحكومة الألمانية باستمرار وفي أكثر من مناسبة إلى تنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن منصبه. غير أن برلين بدأت وبشكل بطيء تتخلى عن هذا الموقف بسبب الحركة المستمرة لنزوح اللاجئين نحو أوروبا، وبشكل خاص نحو ألمانيا، إضافة إلى الهجمات الإرهابية التي تقوم بها الميليشيات الإرهابية لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ففي فصل الربيع الماضي، قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير في مقابلة صحفية إن "المحادثات مع القيادة السورية ليست مستبعدة".
"الحرب ليست ضمانة لتحقيق السلام"
لكن صورة موقف الحكومة الألمانية أصبحت مع الوقت تتضح أكثر. وفي هذا الصدد، قال توماس أوبرمان، زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الخميس (24 سبتمبر/ أيلول 2015) في مقر البرلمان الألماني (بوندستاغ): "رغم صعوبة الأمر، يجب التحدث مع جميع من من شأنه أن يساعد على ضمان إيجاد حل لهذا الصراع." وأضاف السياسي الألماني: "نحن نعلم أن الحرب لا يمكن أن تضمن التوصل إلى السلام". غير أن الأسد ـ حسب أوبرمان ـ "لن يستمر في لعب دور سياسي في سوريا مستقبلاً"، إلا أن إشراكه "ضروري لإيجاد حل للصراع". وفي الوقت ذاته، تعتبر الحكومة الألمانية أن من الأهمية إشراك القوى الإقليمية الأخرى في عملية الانتقال السياسي بسوريا، كروسيا وإيران والسعودية وتركيا.
"الهدف هو إطلاق حوار وطني بين أطراف الصراع"
من جانبها، تسعى الأمم المتحدة في الوقت الحالي إلى ايجاد قنوات لحوار داخلي في سوريا بين النظام والجماعات المعارضة للأسد. وبالنسبة للحكومة الألمانية، التي لا تزال تعول على إيجاد حل سياسي، فمسؤولية تنفيذ هذا الحوار يجب أن تشرف عليه أربع مجموعات عمل. وتبقى المهمة الأساسية لمجموعات العمل الأربع تلك، كما شرحت متحدثة باسم وزارة الخارجية للصحفيين الأربعاء في العاصمة برلين: "جمع مختلف الفصائل في سوريا على طاولة الحوار للدخول في حوار وطني وإيجاد آلية تسمح لمختلف الأطراف بتعريف العملية الانتقالية وتحضيرها". كما تنص هذه الخطة على "جلوس ممثلي النظام السوري على طاولة المفاوضات"، حسب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية. ولم تشر المتحدثة إلى أسماء الشخصيات التي يمكن أن تشارك في تلك المفاوضات. غير أنها لم تستبعد إجراء محادثات "مع ممثلي النظام السوري"، دون تحديد الأسماء التي يمكن أن تشارك في المفاوضات. فالحكومة الألمانية "لا تزال مقتنعة أن الأسد هو جزء من المشكلة، وأن النظام السوري مسؤول بشكل كبير عن نزوح السوريين إلى الخارج". لكن ممثلي النظام السوري يجلسون في الوقت الحالي إلى طاولة المفاوضات مع باقي الأطراف في المحافل الدولية. وحتى في ألمانيا، فلا يزال لنظام بشار الأسد ممثل دبلوماسي رغم طرد السفير من البلاد منذ مدة.
ميركل: "المحادثات يجب أن تشمل الأسد"
أما المستشارة أنغيلا ميركل، فقد قالت إثر قمة أوروبية طارئة في العاصمة البلجيكية بروكسل: "علينا أن نتحدث مع الفرقاء المختلفين، وهذا يشمل الأسد". وبسبب الانتقادات التي واجهتها تصريحات ميركل من المعارضة، حاولت أصوات من الحكومة التقليل من أهمية تصريحات ميركل بالقول إن "ضرورة الحديث مع مع الرئيس السوري بشار الأسد ليس خبراً جديداً". لكن المشكلة الرئيسية هي جمع كل القوى على طاولة واحدة لإجراء مفاوضات السلام". وفي هذا الصدد، تقول كيرستين هيلبرغ، الخبيرة الألمانية في شؤون الشرق الأوسط، إن "نظام الأسد كان منذ عام 2012 جزءاً من المفاوضات، وما قالته المستشارة ميركل ليس جديداً". وأضافت هيلبرغ أن ستيفان دي مستورا، المبعوث الخاص للامم المتحدة إلى سوريا، أجرى عدة مفاوضات مع بشار الأسد بالنيابة عن المجتمع الدولي. من جهتها، رحبت دمشق بهذا التطور، إذ أعلنت المستشارة السياسية لبشار الأسد، بثينة شعبان، أن "الوضع في سوريا يتجه نحو مزيد من الانفراج"، مشيرة إلى "تراجع في المواقف الغربية". وفي مطلع الأسبوع المقبل، سيحتضن مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك محادثات بشأن الأزمة السياسية والنزاع العسكري في سوريا. وستتميز المحادثات باللقاء الذي سيجمع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يقوم بتحركات واسعة بشأن الملف السوري، مع نظيره الأمريكي باراك أوباما، على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للامم المتحدة - في لقاء هو الأول منذ سنتين. وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن الرئيس أوباما سيطلب من نظيره الروسي توضيح دور الوجود العسكري لبلاده في سوريا ومدى مساهمته في هزيمة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق