العرب اللندنية: قالت مصادر ليبية مطّلعة إن البرلمان الليبي قد يقرر الانسحاب نهائيا من المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة لتشكيل حكومة وفاق وطني، خاصة بعد أن وافق المبعوث الأممي برناردينو ليون على شروط المؤتمر الوطني المنتهية ولايته بما فيها إدماج الميليشيات المسلحة في الجيش الليبي بل وفي قيادته. وأضافت أن رئيس البرلمان صالح عقيلة قويدر أبلغ ليون أن البرلمان المعترف به دوليا لن يقبل أي تدخل خارجي في أمر الجيش وقيادته خاصة أن القيادة العسكرية تركز جهودها على مواجهة المجموعات الإرهابية في الشرق، وأن أي تعديلات عليها قد تؤثر على هذه المعركة خاصة أن قيادات من فجر ليبيا التي يريد ليون إدماجها في الجيش على صلة قوية بتنظيمات متشددة في الشرق. وحث يونس فنوش، عضو البرلمان، على المضي قدما في "تشكيل حكومة وفاق وطني، بمعزل عن بقايا المؤتمر الوطني المبتعث من الموت، وربما بمعزل حتى عن الأمم المتحدة، إذا لم يقبل ممثل أمينها العام هذا العرض".
وتطالب الحكومة المعترف بها دوليا بأن يفضي أي اتفاق مع المجموعة المسيطرة على العاصمة طرابلس إلى تسليم أسلحة الميليشيات، معتبرة أن عدم تسليم الأسلحة يعني ارتهان أي حكومة قادمة لهيمنة الميليشيات، وتكريسا لانقسام ليبيا إلى كيانين سياسيين. وبدأت دول الجوار تتعامل مع ليبيا ككيانات مستقلة حيث أن الدور الجزائري قد تنامى في تعامله مع ميليشيا فجر ليبيا المرتبطة بجماعة الإخوان، بالإضافة إلى العلاقة القوية التي تجمع مصر مع البرلمان. ويسود انطباع لدى أغلب المتابعين للشأن الليبي بأن المسار التفاوضي وصل إلى طريق مسدود بعد موقف البرلمان الليبي المعترف به دوليا من التعديلات التي أدخلت على مسودة اتفاقية الصخيرات الموقعة في يوليو الماضي. وقال المُحلل السياسي الليبي عبدالباسط بن هامل في تصريح لـ"العرب"، إن الغموض الذي يُحيط حاليا بالمشهد السياسي الليبي يدفع في اتجاه استنتاج أن مسار الحوار أصبح أمام طريق مسدود بسبب سياسة برناردينو ليون ومواقفه الموالية للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته التابع لجماعة الإخوان المسلمين.
واعتبر أن المؤتمر الوطني برئاسة النوري بوسهمين "نجح من خلال تواطؤ برناردينو ليون في تعديل مسودة اتفاقية الصخيرات، لصالحه، الأمر الذي مكنه من العودة إلى المشهد السياسي الليبي بقوة، ليُصبح رقما فاعلا ومؤثرا في إدارة شؤون البلاد في المستقبل، مقابل ارتباك الوضع في شرق ليبيا، حيث البرلمان الليبي المعترف به دوليا". وعزا في تصريحه لـ"العرب"هذا التحول الدراماتيكي إلى ما وصفه بتدخل أطراف إقليمية ودولية منها بريطانيا وتركيا اللتان ضغطتا في اتجاه الحفاظ على مصالح حلفائهما في ليبيا، أي تيار الإسلام السياسي وخاصة منه جماعة الإخوان، في حين بقي دعم الدول العربية والمجموعة الدولية للبرلمان المعترف به دوليا "خجولا، ولا يرتقي إلى مستوى التحديات الماثلة". وفيما أعرب عبدالباسط بن هامل عن خشيته من تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في بلاده على ضوء هذه التطورات، لم يستبعد المراقبون حصول مفاجآت في اللحظة الحاسمة تُبقي الاحتمالات مفتوحة على كل الاتجاهات. وتنظر الأوساط السياسية بكثير من الريبة إلى تلك التعديلات التي وُصفت بأنها تخدم مصالح وتطلعات المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، وينتقص من شرعية البرلمان المعترف به دوليا.
وكان ليون قد أشار خلال اجتماع جمعه أمس بعدد من البرلمانيين المستقلين وبعض ممثلي البلديات ومكونات المجتمع المدني إلى أن هناك مؤشرات تؤكد عدم الوصول إلى توقيع أو اتفاق بحلول 20 سبتمبر الجاري. وشدد ليون خلال الاجتماع على أنه في حال حدوث ذلك سيغادر منصبه كرئيس لبعثة الأمم المتحدة في نفس التاريخ ويترك مهامه. ووجه رئيس لجنة المصالحة الوطنية باتحاد مجالس الحكماء والشورى بليبيا العمدة حسين عبيدة الحبوني، رسالة إلى رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا اتهمه فيها بانتهاج "سياسة الكيل بمكيالين". وهناك شبه إجماع في ليبيا على أن برناردينو ليون أضحى جزءا من الأزمة بالنظر إلى دعمه الواضح لإخوان المؤتمر ورضوخه لهم، ما ساهم في تعميق الانقسام والصراع الدائر بين الفرقاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق