وكالات: بدأت فرنسا أولى ضرباتها الجوية ضد تنظيم داعش في سوريا، أمس الأحد، مع تأكيد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن "مستقبل سوريا لا يمكن أن يمر عبر بشار الأسد". وأعلن هولاند، أمس، من نيويورك أن"فرنسا قامت بأول ضربة جوية في سوريا ضد معسكر لتدريب جماعة داعش الإرهابية التي تهدد أمن بلادنا"، قرب دير الزور بشرق البلاد، مضيفا أن تحركات أخرى ستتبع في الأسابيع المقبلة. وأكد الرئيس الفرنسي في تصريح أدلى به على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، "أن ست طائرات، بينها خمس طائرات رافال، استخدمت" في تنفيذ هذه الضربة. في موازاة ذلك أعلن أن باريس التي تريد السعي لإعادة إطلاق العملية السياسية في سوريا، "تتحادث مع الجميع ولا تستبعد أحدا"، لكنه كرر العبارة نفسها بأن مسؤولي البيت الأبيض والكرملين اختلفوا بشأن القضايا التي سيبحثها الرئيسان ولم يتفقوا على ما إذا كان الاجتماع سيعقد بمبادرة من بوتين أم أوباما. وقال هولاند "إن هذا الحل السياسي يفترض مشاركة كل الأطراف المعنية، وفرنسا تتحادث مع الجميع ولا تستبعد أحدا"، ملمحا ضمنا إلى أن رحيل الرئيس الأسد على الفور كما طالبت باريس لفترة طويلة لم يعد مطروحا.
وتشارك باريس في ضربات التحالف المعادي لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق، لكنها امتنعت حتى الآن عن التدخل في سوريا خشية أن يؤدي ذلك إلى دعم موقف الرئيس الأسد، لكنها غيرت استراتيجيتها باسم "الدفاع المشروع عن النفس" في مواجهة الخطر الإرهابي. وقد أجرت القوات الفرنسية طلعات جوية استطلاعية منذ الثامن من سبتمبر فوق سوريا استعدادا لضربات محتملة. لكن خبراء اعتبروا أن الضربات الجوية مثل تلك التي شنها الطيران الفرنسي في سوريا لا يمكن أن تمنع حصول مؤامرات إرهابية في فرنسا لكنها تسمح لباريس باتخاذ موقف وتوجيه رسالة. ورأى هؤلاء الخبراء أن بإرسال طائراتها الحربية، بشكل مستقل عن الولايات المتحدة، لضرب مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية، تهدف فرنسا بشكل خاص إلى البقاء داخل اللعبة والسعي إلى أن يكون لها دور في أي حل سياسي للأزمة السورية.
وقال المدير السابق لجهاز الاستخبارات الفرنسي طالبا عدم ذكر اسمه "إن القول أننا سنمنع بطائرات مؤامرات إرهابية في فرنسا حجة رديئة، مثلما حصل عندما قالت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إن صدام حسين يتعاون مع تنظيم القاعدة لتبرير اجتياح العراق". وأضاف "إن ما نريده هو إظهار أننا موجودون في سوريا، وأنه سيتعين التعامل معنا من أجل الحل السياسي الذي بدأ يرتسم" في الأفق، "بالطريقة نفسها التي يبديها الروس من خلال تعزيز قواتهم على ساحل البحر المتوسط". وبرأي اريك دينيسيه مدير المركز الفرنسي للأبحاث حول الاستخبارات، فإن استخدام القوة الجوية في استراتيجية مكافحة الإرهاب لا معنى له البتة. وتابع "أن الحل الوحيد هو قوات برية. عندئذ يمكن القول أننا نحارب بجدية داعش". ويأتي إعلان الرئيس الفرنسي عشية الافتتاح الرسمي للجمعية العامة للأمم المتحدة حيث ستكون أزمة سوريا موضوعا رئيسيا. وقال هولاند "هناك ما نفعله على الصعيد العسكري وما نفعله على الصعيد السياسي والدبلوماسي".
أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقد جدد معارضته للموقف الأميركي ووصف، أمس الأحد، الدعم الأميركي لجماعات المعارضة في سوريا، بأنه غير مشروع وليس له تأثير. وأضاف أن مقاتلي المعارضة الذين دربتهم الولايات المتحدة ينضمون لتنظيم الدولة الإسلامية بالأسلحة التي أمدتهم بها واشنطن. واعتبر أن الرئيس السوري بشار الأسد يستحق الدعم الدولي لأنه يحارب تنظيمات إرهابية، على حد تعبيره. جاء ذلك في مقابلة بوتين مع عدد من الشبكات الأميركية سجلت قبل اجتماعه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، ومن المقرر أن يجري أوباما وبوتين محادثات، اليوم الإثنين، بعد أن يلقي الرئيس الروسي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ويقول بوتين إنه يجب ضم دمشق إلى الجهود الدولية لمحاربة الدولة الإسلامية، وهو مطلب ترفضه الولايات المتحدة، وانتقد الخطط الأميركية لتدريب 5400 من مقاتلي المعارضة السورية لقتال الدولة الإسلامية. ودعا منتقدون أوباما إلى تبني سياسة أكثر حزما إزاء الشرق الأوسط وسوريا، ويقولون إن غياب سياسة أميركية واضحة أتاح لتنظيم الدولة الإسلامية الفرصة للتوسع.
وعلى الصعيد الميداني قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اتفاقا لوقف إطلاق النار في شمال غرب سوريا أبرم منذ أسبوع يبدو صامدا بعد انتهاكه لأول مرة ليلة أمس. وقال بيان بث على الإنترنت ونسب إلى تحالف جيش الفتح إن مقاتلي المعارضة قصفوا بلدة الفوعة الشيعية ردا على هجمات القوات الحكومية على مناطق قريبة وعلى مدينة حمص إلى الجنوب. وألقى المقاتلون باللوم على قوات الحكومة في انتهاك وقف إطلاق النار. ووفقا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تدعمه إيران وتركيا، وافق الجانبان على وقف الاعتداءات في بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين بمحافظة إدلب في شمال غرب البلاد ومدينة الزبداني قرب الحدود اللبنانية لمدة تصل إلى ستة شهور. وخلال هذه الفترة ينسحب مقاتلو المعارضة من مدينة الزبداني، حيث تحاصرهم قوات موالية للحكومة. وفي المقابل سيجري إجلاء المدنيين من بلدتي الفوعة وكفريا الواقعتين تحت حصار مقاتلي المعارضة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق