إرم نيوز: على الرغم من التقدم الكبير الذي تحقق بفعل الحوار السياسي الليبي، الذي تقوم برعايته الأمم المتحدة وسفراء أوروبيون، إلا أن فشل هذه المباحثات، يفسح المجال أمام سيناريوهات أخرى لإنهاء الأزمة، على الرغم من تعقيدها وارتباك التحركات الدولية بشأنها. ومن بين أهم اثنين من هذه الخيارات، التمهيد لتدخل عسكري عربي ، لضرب الجماعات المتششدة على غرار تنظيمي داعش وأنصار الشريعة، بالإضافة إلى دعوات متصاعدة، تطالب بإعلان مجلس عسكري حاكم، يحل محل البرلمان الذي تنتهي ولايته في نهاية أكتوبر المقبل .
التحرك العربي "مرتبك"
أصدرت جامعة الدول العربية الأسبوع الماضي ، قراراً بعد اجتماعها الطارئ بشأن ليبيا، بياناً يدعو لمساعدة ليبيا عسكرياً ولو بصورة منفردة، وهو الأمر الذي يفسر حالة عدم التوافق داخل البيت العربي، بشأن الأزمة السياسية في ليبيا. وفي هذا السياق يقول عبد الله الرايس المحلل السياسي الليبي:"لم يحدث إجماع عربي بشأن تصاعد تحركات الإرهابيين في ليبيا، حيث تحفظت بعض الدول أهمها الجزائر الجارة المهمة لليبيا، على التسليح أو التحرك العسكري، قبل الانتهاء من عملية الحوار، التي يتوقع أن تفرز حكومة توافقية، تحظى بدعم إقليمي ودولي واسع". ويضيف في حديث مع شبكة إرم الإخبارية من العاصمة طرابلس: "الدعوة العربية بالمساعدة العسكرية لليبيا، ولو على ناطق منفرد من بعض الدول، كأنه ضوء أخضر يسمح لمصر المتحمسة لتدخل عسكري في ليبيا، بأن تقوم بخطوة مقبلة، على غرار تشكيل القوة العربية المشتركة، والتي يتردد أنه ربما تكون أولى مهامها، التحرك صوب ليبيا المنفلتة، لضرب الإرهاب في عموم مدنها". وأشار المحلل السياسي الليبي إلى أن بلاده تحتاج لتوافق عربي بالأساس، قبل القيام بأي تحرك عسكري نحوها، لأن المصالح والتوازنات السياسية العربية بشأن ليبيا، غير متجانسة، وبالتالي أي نتائج متوقعة لن تكون مرضية، مثلما يتوقع البعض، بل ربما تعقد الأزمة وتتجه بليبيا إلى صوملة جديدة، على حد تعبيره.
فجر ليبيا "تتوعد"
مليشيات "فجر ليبيا" قامت بإطلاق تهديدات ضد أي تدخل عسكري عربي مرتقب، مشيرة إلى مصر بالذات، حيث حذرت من مغبة القيام بتحرك مصري على الأراضي الليبية. ونشرت مليشيات "فجر ليبيا" تدوينات متواصلة خلال الأيام الماضية، عبر صفحتها على فيسبوك كتبت فيها:"بعدما يأتي 40 ألف مصري وإماراتي وأردني ومغربي، يحتلوا أرضك ويمسكوا السلاح والبوابات، ويسيطروا على جوك وأرضك وبلادك، تقول إنها القوة العربية لمحاربة الارهاب، لكن رجال ليبيا لن يتركوها". وتعليقاً على حماس مصر بشأن التدخل العسكري، علقت "في عقر دارك ستكون المعارك، مع أول غارة أو تقدم لجنودك على الأرض الليبية". كما توجهت مليشيات "فجر ليبيا" بالنفير العام لقواتها، ودعت كافة كتائبها المسلحة والسرايا وقوات الإسناد الأمني التابعة لها، إلى الاستعداد وجمع وتخزين الذخائر والأسلحة، "لمواجهة هذا الاحتلال الغاشم للبلاد"، على وصفها.
المجلس العسكري "خيار معقد"
إلى جانب دعوات التدخل العسكري في ليبيا، طفى إلى السطح خلال الأيام الماضية، مشروع إعلان مجلس عسكري لقيادة ليبيا، يترأسه القائد العام للجيش الفريق أول خليفة حفتر، وهي دعوات لمشروع غير واضح المعالم ومعقد التفاصيل، لكنه يبقى خياراً قائماً وبقوة، خاصة مع قرب انتهاء ولاية البرلمان المنتخب، بعد أقل من شهرين. "المجلس العسكري خيار غير مطروح، لأن البرلمان عاكف من خلال لجنة خارطة الطريق، على التوافق حول خطوة لتدراك الفراغ التشريعي في ليبيا، بعد انتهاء عمل البرلمان في الـ 20 من أكتوبر المقبل، وبالتالي توجد العديد من الخيارات المنطقية، التي يمكن للنواب التوافق بشأنها"، هكذا علق النائب الليبي محمد عبد الله على دعوات لمجلس عسكري يقود البلاد. وأردف في حديثه لـ إرم، "لجنة خارطة الطريق عاكفة على دراسة عدد من المقترحات، بشأن مصير المرحلة المقبلة لقيادة ليبيا، وهناك أفكار لانتخاب رئيس دولة، أو التمديد لعمل البرلمان، أو إنشاء مجلس رئاسي، وكلها أطروحات تستحق المناقشة المستفيضة، والأمر سيحل نهاية ً بالتوافق". وأوضح النائب البرلماني، أن “هذه الخطوة استباقية لنتائج الحوار السياسي، في حال فشله قبل نهاية عمل البرلمان، وفي النهاية كل الأمل يحذونا بأن تتوصل كافة الأطراف، لتوافق حقيقي يخرج ليبيا من أزمتها المعقدة”.
"جيشنا طوق النجاة"
وبالتزامن مع إطلاق دعوات من قبل بعض السياسيين في ليبيا، لتشكيل مجلس عسكري، ظهر حراك مدني أطلق عليه "جيشنا طوق النجاة"، يهدف إلى قيام مظاهرات سلمية خلال الأيام المقبلة، لإصدار قرار من البرلمان بتشكيل مجلس عسكري. ونقلت "بوابة الوسط" الإخبارية الليبية، عن جمال شلوف منسق حراك "جيشنا طوق النجاة"، أن "الحراك يطالب بتأسيس مجلس عسكري، نريده مستعدًّا في حال لم يتمكَّن مجلس النواب من إيجاد حلول للفراغ الدستوري بعد 20 أكتوبر المقبل، وأن تسلم السلطة بشكل طوعي من مجلس النواب بشكل مؤقت، إلى حين صدور الدستور". وأكد شلوف بأن أصحاب هذا الحراك شباب ليبي متحمس، داعم للجيش في حربه ضد الإرهاب، من خلال نشاط إعلامي أو إغاثي، وحتى حمل السلاح كمتطوعين مع الجيش. مضيفاً "هناك من لم يقبل حراكنا، بل وهاجمه بشتى الحجج، ونحن ندعوهم جميعًا إلى المناقشة والحوار، فنحن لا نفرض رأينا على أحد، وإنما هو بمثابة استفتاء للرأي العام، حول ما يجري بالوطن حاليًّا، وكيفية الحل للخروج بالوطن من أزماته، فمَن كان له رأي مخالف للحراك فله أن يعتقد بما يشاء، لكن من حقنا أيضًا أن نقول آراءنا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق