وكالات: أعلن الرئيس التركي إن بلاده تتقدم بسرعة باتجاه انتخابات مبكرة على إثر فشل المشاورات السياسية لتشكيل حكومة ائتلافية. وقال أردوغان في لقاء في قصره مع نواب محليين نقلها التلفزيون الرسمي الأربعاء "إننا نتقدم بسرعة نحو إجراء انتخابات". وأكد أن تركيا ستدعى للتعبير عن "إرادة الشعب" للخروج من المأزق السياسي. وسعى حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى تطليق الفراغ السياسي وتشكيل ائتلاف مع قوى معارضة بعدما فقد في يونيو الماضي الأغلبية البسيطة في البرلمان وفقد معها إمكانية تشكيل الحكومة بمفرده، كما كان الأمر منذ 2002. وكان زعيم الحزب أحمد داودأوغلو يأمل في تشكيل تحالف قصير الأمد بهدف الحفاظ على النفوذ حتى انتخابات أخرى جديدة تعقد في حال عدم قدرة الحزب الحاكم على تشكيل حكومة جديدة. وتباينت المواقف في البلاد بشأن الانعكاسات المحتملة لدعوة تنظيم الدولة الإسلامية أنصاره لغزو تركيا وسط شكوك من المعارضة حول توقيت هذا التهديد الذي تزامن مع استعدادات البلاد لخوض انتخابات مبكرة مع فشل مفاوضات الأحزاب لتشكيل حكومة جديدة.
يأتي ذلك بعد أن ضيقت تركيا الخناق على التنظيم بسبب الضغط المسلط عليها من حلفائها حيث قامت الشهر الماضي بشن عدد من غاراتها الجوية ضده وفتحت قاعدة أنجرليك الجوية الاستراتيجية للقوات الأميركية. وتسارعت الأحداث الأمنية منذ هجوم سروج لتعلن السلطات بالتزامن مع تصريحات أردوغان عن القبض على مسلحين هاجما قصر دولما في اسطنبول بعبوات ناسفه ولم تكشف عن انتمائهما واكتفت بالقول بأنهما يتبعان لجماعة إرهابية، وربما يكون داعش من يقف خلفها. وقبل ساعات من العملية أعلن الجيش التركي أمس عن مقتل 8 جنود في انفجار عبودة ناسفة في قافلة عسكرية في منطقة سيرت في جنوب شرق البلاد. وإلى وقت قريب استفاد داعش من رفض أنقرة استخدام القاعدة العسكرية في أي هجوم عليها إذا ما تقرر مثل هذا الهجوم، كما أن الأراضي التركية مثلت الحديقة الخلفية للمتطرفين للتزود بالأسلحة من أجل تحقيق المزيد من الانتشار في العراق وسوريا.
وبث داعش تسجيلا مصورا، هو الأول من نوعه، على مواقع الانترنت حث فيه مؤيديه الأتراك إلى الثورة على أردوغان، متهما إياه بأنه خائن اصطف مع الولايات المتحدة والمتمردين الأكراد الذين وصفهم بالملحدين. ويقول خبراء في شؤون الجماعات الإسلامية إنه بالتحقق في طبيعة التسجيل وانتقاء الكلمات الموجهة للرئيس التركي تتشكل فكرة مؤكدة بأنهما كانا على وفاق إذ لم يسبق للتنظيم أن وصف أعداءه بالخونة لكنه يصفهم بالكفار والملحدين والمرتدين. ويرى خصوم الحزب الحاكم أن هذا الشريط سيخدم أردوغان والعدالة والتنمية، ويتحدثون عن تعاون بين الجانبين لزيادة شعبية أردوغان، قبيل التوجه إلى الانتخابات المبكرة، وذلك بحسب ما كتب رئيس "المنتدى الطوراني" حسن كوجه بي في صفحته على فيسبوك. والعارفون بخفايا الشأن التركي وكواليسه، يقولون إن حالة التعبئة العالية التي وضع الحكم المواطنين الأتراك فيها، بدأت منذ خسارة داعش أمام الأكراد في تل أبيض واستمرت مع خسارة العدالة والتنمية الأغلبية في الانتخابات وتقدّم الأكراد في السباق الانتخابي. ويعتقد البعض أن الربط بين معارك تنظيم الدولة العسكرية في الشمال السوري على تخوم الحدود التركية ومعارك أردوغان السياسية في الداخل يصبح أمرا واقعا مع كل يوم تسجل فيه المزيد من التطورات الأمنية والتوترات السياسية.
في المقابل، يرى مراقبون أن تركيا ستتعرض لهجمات خطيرة خلال الفترة المقبلة سواء من الأكراد أو من داعش، حيث ستكون هناك جبهتان ستضربان البلاد وهذا سيضر أنقرة كثيرا وأن ما يحدث هو نتيجة طبيعية لمن يتستر على الإرهاب. والحديث عن تلاشي حلم أردوغان بتحويل النظام السياسي التركي إلى نظام رئاسي كامل الصلاحيات، دفعه إلى التفكير بخطوات تكميلية أهمها الانتخابات المبكرة في محاولة لإعادة ترميم صورة حزبه وتعويض الخسائر مستغلا في ذلك كل المتغيرات ودمجها في معادلاته السياسية تحقيقا لأهدافه. وكانت أنقرة قد أعلنت منذ أسبوعين، أن المعركة الفعلية ضد داعش ستنطلق قريبا. وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو حينها إن “مقاتلات وطائرات أميركية بدون طيار ستصل قريبا إلى قواعد جوية تركية، وأن معركة شاملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية ستنطلق قريبا”. وتبدلت العلاقة بين الجانبين حينما فجر انتحاري من التنظيم في العشرين من الشهر الماضي نفسه في حشد يضم أكرادا في مدينة سروج الحدودية مع سوريا وأسفر عن مقتل حوالي 32 شخصا وجرح العشرات. وتطرح العلاقة المشبوهة بين تركيا وداعش الكثير من التساؤلات فاللعبة السياسية حسب البعض لم تنته بعد بين الطرفين. وتعود تلك العلاقة إلى العام الماضي حينما سيطر المتشددون على مدينة الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية بعد العاصمة بغداد حيث تدخلت الحكومة التركية لإطلاق سراح 32 سائق شاحنة تركيا احتجزهم التنظيم في يوليو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق