ليبيا: غياب أعضاء مجلس النواب يؤجل حسم حوار المغرب
حكومة الثني ترغب في تعيين وزيرين.. والجيش يتصدى لتقدم الميلشيات المتطرفة ببنغازي
صحيفة الشرق الأوسط - القاهرة: بينما عجز مجلس النواب الليبي عن اتخاذ قرار بشأن مشاركته من عدمها في مفاوضات السلام التي ترعاها بعثة الأم المتحدة في المغرب، بدأ المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق، والمنتهية ولايته في مقره بالعاصمة الليبية، مناقشة مسودة الاتفاق الذي يهدف إلى إنهاء الانقسام في البلاد.
وقال أعضاء في مجلس النواب، الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا له، إن المجلس لم يتمكن من عقد جلسة رسمية كانت مقررة لدراسة مشروع الاتفاق الذي تطرحه بعثة الأمم المتحدة، وذلك بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني للأعضاء.
وأوضح هؤلاء أن غالبية الأعضاء تغيبوا عن المشاركة في الجلسة على مدى اليومين الماضيين على الرغم من أهميتها، بينما قال مسؤول في الحكومة الانتقالية، التي يترأسها عبد الله الثني لـ«الشرق الأوسط» إن جدول أعمال الجلسة، التي لم يتمكن مجلس النواب من عقدها، كانت تتضمن مناقشة رغبة الثني في تعيين وزيرين للدفاع والداخلية في حكومته. وفي المقابل، قال مسؤول المؤتمر الوطني، الذي لا يحظى باعتراف المجتمع الدولي، إنه عقد أمس جلسة لمناقشة التعديلات الأخيرة التي أدخلت على مسودة الاتفاق الأممي.
ومن جهتها، نقلت وكالة الأنباء، القريبة من الحكومة في طرابلس، عن مصادر في المؤتمر قولها إنه «من المتوقع أن يصدر عن الجلسة قرار للمؤتمر الوطني حول استمرار فريقه بالمشاركة في جولة الحوار». ومن المتوقع أن تترافق الجلسة مع مظاهرة خارج مقر المؤتمر بمشاركة شخصيات سياسية وأعضاء أحزاب وقياديين في تحالف «فجر ليبيا»، الذي سيطر على العاصمة منذ نحو عام، رفضا لهذه المسودة. وكان وفد البرلمان السابق قد تغيب عن حضور جلسات الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة في المغرب الأسبوع الماضي، احتجاجا على عدم تضمن مسودة الاتفاق «تعديلات جوهرية» طالب بها، بحسب ما أعلن في بيان.
وقال المسؤول الحكومي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المؤتمر يميل نحو الاتفاق على تعليق مشاركته في جلسات الحوار مؤقتا». لكن هذا لم يمنع نوري أبو سهمين، رئيس البرلمان السابق والقائد الأعلى للجيش الليبي المناهض للسلطات الشرعية، من التوقيع على قرار أول من أمس، يقضي بإعادة ترتيب وتنظيم الجيش الليبي عبر تشكيل 11 لواءً موزعًا على جميع المناطق العسكرية في ليبيا.
وجاء القرار وسط مؤشرات على انهيار مفاوضات السلام التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات المغربية، وذلك بهدف إقناع البرلمان السابق ومجلس النواب بالتوقيع على اتفاق مصالحة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية لإنهاء الصراع السياسي والعسكري الدائر يبن الطرفين منذ العام الماضي على السلطة.
وقال البرلمان السابق في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن أبو سهمين وقع على هذا القرار بمقر البرلمان في العاصمة الليبية طرابلس، بحضور كل من خليفة الغويل، رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني غير المعترف بها دوليا، ووزير الدفاع، ورؤساء أركان النوعية بالجيش الليبي.
ونقل البيان عن أبو سهمن قوله إن هذا القرار يهدف إلى تفعيل الجيش الليبي وتأسيسه على الأسس الصحيحة والجيدة، مشيرا إلى أنه سيتم توزيع أفراد الجيش على هذه الألوية من ضباط، وضباط صف، وجنود بشكل فعلي، وسيتم تدريبهم على مستوى عالي بمختلف التخصصات، وتقديم المزايا للأفراد الملتزمين والموجودين بمقراتهم العسكرية.
وعلى الفور شرعت وزارة الدفاع بحكومة الغويل في تنفيذ القرار، حيث ترأس الغويل، الذي يحتفظ أيضا بحقيبة الدفاع بالإضافة إلى رئاسة الحكومة، اجتماعا مع رؤساء الأركان النوعية بالجيش الليبي. وزعم الغويل، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الموالية لحكومته، أن مشروع إعادة ترتيب صفوف المؤسسة العسكرية الليبية جاء بعد دراسة استغرقت عدة أشهر قام بها رؤساء الأركان النوعية، ومستشارون عسكريون توصلوا من خلالها إلى تشكيل أحد عشر لواء، ويتكون من كل لواء ثماني كتائب، مشيرًا إلى أنه تم ضم الثوار المنتسبين إلى الجيش الليبي إلى هذه الكتائب، كاشفا النقاب على أن عدد الأفراد بهذه الألوية يقارب خمسة آلاف عسكري من ضباط وضباط صف وجنود.
وفي ليبيا الغارقة في الفوضى منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011، برلمان وحكومة في طرابلس، وبرلمان وحكومته موازيان يعملان في شرق البلاد، ويعترف بشرعيتهما المجتمع الدولي. ويتنازع الطرفان على السلطة منذ نحو عام، حيث تدور يوميا في كثير من المدن والبلدات مواجهات بين القوات الموالية للطرفين، خلفت مئات القتلى منذ يوليو (تموز) عام 2014.
عسكريا، أعلن الجيش الليبي تنفيذه لما وصفه بعمليات نوعية ضد الجماعات المتطرفة في منطقة بوعطني بمدينة بنغازي في شرق البلاد أمس، إذ قال الناطق الرسمي باسم الكتيبة الأولى إن هذه العمليات أسفرت عن سقوط عدد لم يحدده من القتلى والجرحى في صفوف الجماعات الإرهابية، وكبدتهم خسائر في العتاد، نافيا وجود أي خسائر لدى الجيش.
وطبقا لما أعلنه مصدر مسؤول بمركز بنغازي الطبي فقد لقي 8 مواطنين مصرعهم، سبعة منهم أصيبوا بشظايا قذيفة، بينما توفي الثامن بسبب رصاصة عشوائية. كما لقي جنديان في سرية السيطرة الشرطة العسكرية مصرعهما خلال اشتباكات ضارية خاضها الجيش الليبي والقوة المساندة له في مواجهة ميلشيات «مجلس شورى ثوار بنغازي» داخل بمنطقة بوهديمة.
وقال النقيب كمال العبيدي، آمر الشرطة العسكرية لوكالة الأنباء الرسمية، إن الجماعات المتطرفة حاولت التقدم باتجاه معسكر الشرطة العسكرية لكن محاولاتهم بآت بالفشل، بعد أن واجههم أبطال سرية السيطرة التابعة للشرطة العسكرية والقوة المساندة لهم من شباب منطقة بوهديمة، مما أجبرهم على التراجع وتكبد خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد. وأضاف: «إن الأمور أصبحت تحت السيطرة، والوضع الآن جيد جدًا، وأفراد الجيش الليبي والشباب المساند على استعداد كامل للتصدي لهم، ودك حصونهم التي يتحصنون بها بمزرعة بوبكر يونس جابر بمنطقة الهواري».
وتحاول ميلشيات مجلس شورى بنغازي منذ الأسبوع الماضي التقدم باتجاه معسكر الشرطة العسكرية ومنطقة بوهديمة، من أجل السيطرة عليها لكن دون جدوى، بينما تشهد منطقة بوهديمة سقوط قذائف بشكل عشوائي من قبل المجموعات المتشددة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق