إرم نيوز: فاجأ قائد أركان الجيش الجزائري، الذي يشغل منصب نائب وزير الدفاع الوطني، الطبقة السياسية بتهنئة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم عمار سعداني، الفائز بولاية أخرى على رأس الحزب العتيد، رغم المعارضة الداخلية التي واجهها من طرف مساندي الوزير المستشار السابق عبد العزيز بلخادم. ويرى مراقبون أن مكمن المفاجأة هو أن رسالة قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح، تعد سابقة إذ لم يعرف عنه تحزباً ولا تهنئة لأي مسؤول حزبي، دون إغفال لقائه برئيسة حزب العمال الاشتراكي لويزة حنون عشية انتخابات الرئاسة التي شهدتها البلاد شهر (نيسان-أبريل) 2014. وبدت "تهنئة" قائد الجيش لزعيم الحزب العتيد، كأنها "تزكية" من قائد عسكري لمسؤول سياسي علاوة على "تأشير" نائب وزير الدفاع الوطني على أن حزب جبهة التحرير الوطني هو القوة السياسية الأولى في البلاد.
وورد في الرسالة "المثيرة" أنه "ليست هناك حاجة لإثبات أن حزب جبهة التحرير الوطني برأس ماله الثوري والتاريخي،وقاعدته الشعبية الواسعة التي تضم كافة طبقات المجتمع وجميع الفئات العمرية، هو القوة السياسية الأولى في البلاد ولا جدال في ذلك". أظهرت الخطوة ارتباكا في صفوف المعارضة التي لم تجد ما تردده سوى معزوفة قديمة هي "أن النظام أوشك على نهايته". فرئيس حركة مجتمع السلم كبرى الأحزاب الإسلامية المعارضة في البلاد، قال إن “هذا الموقف الذي أخْرج للعلن ما كان يُحاك في السر لترتيب المشهد السياسي بواسطة الدعم غير العلني للحزبي السلطة ، يعد جرأة كبيرة وتحديا واضحا لضمائر الجزائريين ومشاعرهم وهو تصرف يظهر بأن أوضاعنا تسوء أكثر فأكثر وهو أمر مخيف جدا بخصوص مستقبل الديموقراطية بل ومستقبل الجزائر كلها". ويعتقد عبد الرزاق مقري الذي يقود أيضا تكتل "الحريات والانتقال الديمقراطي" المعارض، أن "الترتيبات الأخيرة التي خضعت لها جبهة التحرير كجهاز يراد التحكم فيه تحكما مطلقا من طرف جناح من أجنحة السلطة وكان آخرها هذا الموقف المساند لقائد الأركان تدخل ضمن مخطط يعد لمرحلة مقبلة يراد فيها الإجهاز على الشيء القليل الذي بقي من مكتسبات الديموقراطية".
من جهته، حذر الناشط المعارض جيلالي سفيان رئيس حزب "جيل جديد"، من أن يكون "الموقف الذي عبر عنه قائد أركان الجيش، استمرارا لمسلسل الانقلاب على مؤسسات الدولة مثلما جرى عليه الأمر في انتخابات الرئاسة التي أبقت بوتفليقة رئيسا للبلاد رغم أنف الشعب والمعارضة". ولم يتردد عثمان معزوز القادي في حزب التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية العلماني، في التعبير عن "رفض إقحام المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي، فذلك الأمر يهين الأمة الجزائرية الموحدة و يشوه سمعة الجيش الوطني". ويتابع معزوز أن "مؤسسات الدولة تجردت من المبادئ والأسس المرسومة في بيان أول نوفمبر التاريخي". ويجزم المتحدث أن "الرسالة هي من بين الإشارات التي تظهر أن المستقبل مظلم في تاريخ البلد وسبق لنا أن حذرنا من خطورة الاستمرار في هذا التوجه غير الديمقراطي". وبقطع النظر عما يحدث داخل أسوار الحزب الحاكم الذي يتجه لبسط هيمنته على الحياة السياسية في البلاد من خلال تحييد معارضي الأمين العام الحالي عمار سعداني و"خنق" أصواتهم داخل اللجنة المركزية الموالية، يبدو جليا تغلب فريق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الصراع الدائر مع المخابرات التي سبق وأن تعرضت لحملة شرسة من قبل عمار سعداني عشية ترشح بوتفليقة لولاية رابعة. ومن الطبيعي أن يتوافق الفريق أحمد قايد صالح مع زعيم الحزب العتيد لأنهما محسوبان على جناح بوتفليقة، وبالمحصّلة يكون الرئيس المتربع على العرش منذ 16 عاما قد كرّس لتوجه حكم الفردانية بينما يغرق معارضوه في الشكليات والخلافات البينية. وضع يطيل حتما عمر النظام القائم حتى وإن ملّ الشارع من "معزوفة" الخصوم التي يرددون فيها أن "النظام الحالي يوشك على نهايته".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق