صحيفة الشرق الأوسط: ضغطت منظمات تونسية ودولية من أجل إعادة فتح ملف الإعلاميين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري، المختطفين في ليبيا منذ سبتمبر (أيلول) 2014، وذلك بعد يوم واحد من نجاح السلطات التونسية في تحرير 23 تونسيا من موظفي القنصلية التونسية في طرابلس، ومقايضتهم بوليد القليب القيادي في تنظيم «فجر ليبيا». وسرّع وفد يمثل عددا من المنظمات غير الحكومية التونسية والدولية من وتيرة تحركاته، وضغوطاته على الحكومة التونسية بعد الإفراج عن القليب، وعودته إلى ليبيا، حيث التقى خلال اليومين الماضيين عددا من أعضاء الحكومة التونسية، من بينهم محمد الناصر رئيس البرلمان، ومحمد صالح بن عيسى وزير العدل، ومحمد ناجم الغرسلي وزير الداخلية، في انتظار التوجه بداية الأسبوع المقبل إلى مقر وزارة الخارجية لمقابلة الطيب البكوش، والاطلاع على آخر المستجدات في هذا الملف.
ووفق بلاغ لوزارة العدل التونسية، فقد قدم الوفد خلال لقائه أمس بوزير العدل التونسي بعض التصورات الإجرائية والعملية في متابعة ملف الإعلاميين الشورابي والقطاري. وذكرت مصادر دبلوماسية تونسية لـ«الشرق الأوسط» أن مبادرة تنظيم «فجر ليبيا» بتقديم شكر لتونس على تعاونها في إطلاق سراح وليد القليب، وعودته سالما إلى ليبيا، قد تمثل مؤشرا على استعداد هذا التنظيم المسلح إلى تقديم المساعدة للكشف عن الجهة التي خطفت الصحافيين، أو تقديم الدليل القاطع حول مصيرهما من أجل إقفال الملف بصفة قانونية ونهائية. وكان أحد قضاة التحقيق التونسيين قد زار ليبيا بعد إعلان معتقلين في السجون الليبية عن مقتل الصحافيين الشورابي والقطاري، وأجرى بتعاون مع سلطات حكومة طبرق بعض جلسات الاستماع حول هذه القضية، لكن الحكومة التونسية لم تقدم تفاصيل رسمية عما دار في جلسات الاستماع. وفي محاولة لطمأنة عائلات المختطفين، صرح محمد صالح بن عيسى، وزير العدل التونسي، عقب لقائه الوفد الممثل للمنظمات والجمعيات الحقوقية، أن ملف سفيان الشورابي ونذير القطاري «لم ولن يدخل طي النسيان حتى تتبين الحقيقة التي نتمنى أن تكون إيجابية في حق الصحافيين التونسيين».
من جهته، قال ناجي البغوري، نقيب الصحافيين التونسيين، إن اللقاءات التي أجراها مع أعضاء الحكومة التونسية كانت إيجابية ومشجعة على مواصلة العمل لإثارة ملف الصحافيين وتدقيق البحث فيه، وتنويع المسارات للوصول إلى أخبار ومعلومات مؤكدة بخصوص الصحافيين. من ناحية أخرى، اعتقلت قوات الأمن بمنطقة القصرين (وسط غرب) تونسيا في العقد الرابع من عمره، كان يستعد لرصد مقر أمني في منطقة فريانة، وكانت بحوزته مجموعة من السيناريوهات التي تستهدف عددا من رجال الأمن ومقرات الشرطة، مضيفة أن المتهم كان يحمل أيضا مبالغ مالية موجهة لاقتناء الأسلحة ومجموعة من الفيديوهات التي تحث على الجهاد وتدعو الشباب للالتحاق بالمجموعات المتطرفة. وعلى صعيد غير متصل، قال وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني أمس السبت إن التوترات الاجتماعية التي تشهدها البلاد تعيق جهود الأمن والجيش في مكافحة الإرهاب. وصرح الحرشاني، خلال تدشينه أمس معرضا وثائقيا للجيش بمناسبة احتفاله بالذكرى 59 لتأسيسه، بأن الاحتجاجات الاجتماعية من شأنها أن تؤدي إلى تنامي ظاهرة الإرهاب، وتساهم في تشتيت جهود المؤسستين الأمنية والعسكرية.
وغادر الجيش التونسي ثكناته منذ 2011 عقب الثورة التي أطاحت بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، مع تصاعد موجة الإرهاب، وخطر الجماعات المتشددة والمتحصنة في الجبال والمرتفعات. وقال الحرشاني في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء التونسية إن مقاومة الإرهاب لا تتطلب فقط وقفة حازمة من قبل المؤسستين العسكرية والأمنية، وإنما مقاربة اقتصادية واجتماعية تأخذ في الاعتبار الأسباب المغذية لهذه الظاهرة، وتقضي على التوترات الاجتماعية والفقر والتهميش في تونس. وتعاني تونس، التي أمنت انتقالا ديمقراطيا امتد لأربع سنوات منذ 2011، من وضع اجتماعي مضطرب، ونسبة بطالة تبلغ 15 في المائة وتعطل الإصلاحات الاقتصادية وبرامج التنمية في الجهات الفقيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق