وأضاف "أغلب القادة العسكريين في داعش يعلمون ما يقومون به، فهم عسكريون سابقون بنظام البعث. لا أتوقع أن الحكومة العراقية ستتمكن من استرجاع الرمادي بسرعة، والبديل هو إرسال قوات الحشد الشعبي والميليشيات الشيعية لاسترجاع المدينة، ولكن هذا بحد ذاته سيسبب حمّام دم لأن المواجهة ستكون عبارة عن سنة مقابل شيعة". وغير بعيد عن النبرة المتشائمة ذاتها كتبت فيكتوريا فونتن، أستاذة العلوم السياسية والسياسات العامة في الجامعة الأميركية بمدينة دهوك، بإقليم كردستان العراق مقالا نفت فيه أن تكون الحرب على تنظيم داعش في العراق قد حققت شيئا ذا أهمية. وقالت فونتن في مقالها "المشكلة أنّ إنجازات القوات الدولية والحكومة العراقية تتعارض وتنتهي بإلغاء بعضها بعضا، فكلما ساهمت الضربات الجوية الدولية في تحرير منطقة، تكفلت الحكومة العراقية بتخريب الإنجاز من خلال استفزاز السكان الذين يجب عليها استمالة قلوبهم نحوها للانتصار على داعش، ونعني بذلك أبناء الطائفة السنية". وشددت الخبيرة الأميركية على أنّ "الخسارة الكارثية في الرمادي تؤكد أن محافظة الأنبار هي ميزان حرارة العراق، ويجب تفهّم وضعها عوض تصنيفها على أنها مصدر المشاكل، وقـد احتاجت القوات الأميركية إلى سنوات قبل أن تفهم ذلك وتتعاون بنجاح مع العشائر المحلية ضد تنظيم القاعدة بمدينـة الرمادي نفسها عام 2006. ولكن الحكومة العراقية، حتى الآن، مازالت تعتمد السياسات الطائفية عينها، فعجـزت عـن فهم ما يتطلبه الأمر لإجراء تغيير سياسي قبل الوصول إلى نقطة اللاعـودة".
وبدأت القوات العراقية والحشد الشعبي المؤلف بمعظمه من فصائل شيعية، بحشد عناصرها في محافظة الأنبار لبدء عملية يؤمل أن تكون سريعة لاستعادة مدينة الرمادي التي سيطر عليها تنظيم داعش في ما اعتبرته واشنطن انتكاسة في مواجهة التنظيم. وتسعى الحكومة العراقية إلى الاستفادة من عامل الوقت لمحاولة استعادة المدينة التي تبعد 110 كلم إلى الغرب من بغداد، قبل أن يتمكن التنظيم من تعزيز دفاعاته في المدينة غالبا عبر تفخيخ الطرق والمنازل. ولجأ التنظيم إلى هذا الأسلوب بشكل مكثف في مناطق أخرى يسيطر عليها، ما كان يعيق تقدم القوات التي تحاول استعادتها ويكبدها خسائر كبيرة في الأرواح. وقال العميد الركن في الجيش العراقي علي الماجدي لوكالة فرانس برس "بدأ وصول الحشد الشعبي إلى مواقع شرق الرمادي للتهيؤ من أجل القيام بمرحلتين، الأولى قطع تقدم العدو والثانية التقدم باتجاه العدو". وتأتي الموافقة على دخول الحشد الشعبي محافظة الأنبار بعد أشهر من تحفظ سياسيين سنة ومسؤولين ورفض سكان محليين تخوفا من حصول انتهاكات أو تكرار عمليات النهب التي سبق أن ارتكتبها الفصائل الشيعية في معارك سابقة، لا سيما في مدينة تكريت السنية التي استعادتها القوات مطلع أبريل الماضي. ويتبرّأ سكان المحافظة من المناشدات التي تصدر على لسان قيادات سنيّة وشيوخ عشائر للحشد الشعبي بدخول محافظة الأنبار، قائلين إن هؤلاء المناشدين معروفون بولائهم للحكومة ولا يمثلون المحافظة.
وعلى الجانب المقابل انتقد مسؤولون في الفصائل الشيعية خلال اليومين الماضيين، العبادي والسياسيين الذين رفضوا مشاركتهم، محملين إياهم مسؤولية سقوط الرمادي. وبدأت فصائل من الحشد الشعبي منذ مساء الأحد بإرسال تعزيزات إلى الأنبار تمهيدا للمشاركة في عملية عسكرية لاستعادة الرمادي ومناطق أخرى في المحافظة التي يسيطر التنظيم على مساحات واسعة منها. وقال قائد شرطة المدينة اللواء الركن كاظم الفهداوي أمس إن عناصر من الشرطة والقوات الخاصة يتجمعون في منطقة حصيبة الشرقية، على مسافة نحو سبعة كلم شرق الرمادي. وأوضح "هذه المنطقة ستكون نقطة انطلاق لعمليات عسكرية لتحرير مدن الأنبار"، مؤكدا أن"العملية العسكرية لتحرير مدينة الرمادي والأنبار لن تبدأ إلا بعد تأمين متطلبات ومستلزمات المعركة بالكامل". واعتبر إياد علاوي نائب الرئيس العراقي أمس أن ما يحدث في محافظة الأنبار انعكاس للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد. وقال علاوي، في تصريح صحفي "لابد من التنبيه مجددا إلى أن التطورات الأمنية والعسكرية المؤسفة ومنها ما حصل في الرمادي خلال الأيام الأخيرة ماهي إلا تداعيات متوقعة للأزمة السياسية المزمنة والتي يعمل البعض على تعقيد حلولها أو تجميدها خلافا للمنطق العام ومصالح البلاد في تحقيق المصالحة الوطنية الناجزة وبناء دولة المواطنة والعدل والمساواة التي ندعو إليها كأرضية صلبة تقف عليها الانتصارات العسكرية الميدانية للعديد من المعارك مع التنظيمات الإرهابية". ومن جهته حمّل اتحاد القوى العراقية الحكومة الاتحادية مسؤولية انهيار الأنبار، مطالبا بإجراء تحقيق فوري مع القادة الأمنيين المسؤولين عن ذلك وإحالتهم إلى المحاكم العسكرية، فيما شدد على ضرورة تنفيذ وثيقة الاتفاق السياسي التي شكلت بموجبها حكومة حيدر العبادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق