فرانس برس: تراقب الحكومات والشعوب الأوروبية عن كثب ما ستؤول إليه الانتخابات البريطانية بعد أيام معدودة. أما الرسالة الموجهة إلى لندن فيمكن اختصارها في ترحيب العائلة الأوروبية بها، ولكن هذا الترحيب لن يكون بأي ثمن. ومن باريس إلى باليرمو وصولا إلى برلين وبروكسل، أثار رئيس الحكومة البريطاني ديفيد كاميرون الخشية حول مستقبل الاتحاد الأوروبي بتعهده إجراء استفتاء حول عضوية بلاده بالاتحاد حال إعادة انتخابه في 7 مايو. ولا يبدو أن الأوروبيين مستعدون للتوصل إلى تسوية حول كافة المطالب البريطانية بتعديل المعاهدات الأوروبية، خصوصا في ما يتعلق بحرية الحركة، وهي واحدة من أهم ركائز الاتحاد الأوروبي بالنسبة لدوله الـ28. وتراقب دول أوروبا الشرقية، من الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي، الانتخابات البريطانية عن كثب، خاصة أن مئات الآلاف من مواطنيها انتقلوا إلى بريطانيا بحثا عن فرص عمل، مستفيدين من تخفيف القيود على الهجرة منذ عقد من الزمن.
ويريد كاميرون تعديل القواعد المرتبطة بالهجرة، وبالمخصصات التي يفترض أن يحصل عليها المواطنون الأوروبيون في بريطانيا. ولكن تتزايد الشكوك حول تصويت البريطانيين فعليا لصالح خروجهم من الاتحاد الأوروبي في حال نظم كاميرون الاستفتاء الذي يعد به في 2017. وتمتد تلك الشكوك حول خروج بريطانيا إلى ألمانيا، القوة السياسية والاقتصادية في أوروبا. وربما تستفيد فرانكفورت وباريس كثيرا في حال فقدت لندن أهميتها كمركز مالي إثر خروجها المحتمل من الاتحاد الأوروبي. وفي بروكسل تزيد الخشية من احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خاصة أن لندن أثبتت نفسها كعضو فعال على اعتبار أنها ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، وواحدة من أهم القوى العسكرية، فضلا عن كونها عضوا في مجلس الأمن الدولي ودولة نووية عضو في حلف شمال الأطلسي.
وبدا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جونكر الأسبوع الماضي كأنه يلوح بالتسوية عبر حديثه عن احتمال إجراء تغييرات على معاهدات حول قضايا معينة، ولكن حرية الحركة ليست ضمنها. وليس سرا على أحد أن بعض المسؤولين في بروكسل يفضلون فوز رئيس حزب العمال البريطاني، اد ميليباند، لتفادي الاستفتاء الذي يخطط له كاميرون. وموقف كاميرون الصارم بضرورة إجراء الاستفتاء المذكور أبعد عنه حلفاء كان من الممكن أن يساعدوه على فرض بعض التعديلات التي يأمل بها، ومن بينهم المستشارة الألمانية انغيلا ميركل. وفي حال فوز كاميرون بالانتخابات، فإن قضية خروج بريطانيا ستكون على رأس برنامج القمة الأوروبية في يونيو، حيث من المتوقع أن يعرض كاميرون مطالبه بالكامل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق