هيومن رايتس ووتش: قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على مجلس النواب الليبي أن يعدّل على وجه السرعة أحكام قانون مكافحة الإرهاب التي يُمكن استخدامها للحدّ من حرية التعبير والحق في التجمع السلمي والتنقل. يتعارض القانون مع التزامات ليبيا تجاه القانون الدولي ومعاهدات حقوق الإنسان التي صادقت عليها. وكان مجلس النواب، وهو برلمان ليبيا المنتخب المعترف به دوليًا في مدينة طبرق شرق البلاد، قد تبنى قانون مكافحة الإرهاب [قانون رقم 3/2014] في 14 سبتمبر/أيلول 2014. من جنانبها قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "رغم أن للسلطات الليبية مخاوف مشروعة من التأثير المتنامي للمجموعات المتطرفة المسلحة ومن التهديد الذي تشكله على الليبيين والمهاجرين الأجانب على حدّ سواء، إلا أنه يتعين على المشرعين التأكد من أن لا يُستخدم قانون مكافحة الإرهاب في قمع الحقوق الأساسية". وفي 13 مايو/أيار 2015 الجاري، سوف تخضع ليبيا للاستعراض الدوري الشامل للمرة الثانية، وهو تقييم لسجلّ الحقوق للدول الأعضاء بعد كل أربع سنوات في مجلس حقوق الإنسان في جينيف. ويتعين على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة استخدام هذا الاستعراض للضغط على ليبيا من أجل الإسراع في تعديل قانون مكافحة الإرهاب وغيره من الأحكام القانونية التي تحدّ من الحريات الأساسية.
وتشهد ليبيا حالة من الفوضى والانفلات الأمني منذ اندلاع أعمال عدائية خطيرة منتصف سنة 2014. وتوجد حكومتان متنافستان على الشرعية: واحدة معترف بها دوليًا ومقرها الشرق، وأخرى أعلنت عن نفسها بمفردها ومقرها الغرب. وأصبحت بعض المجموعات المسلحة، ومنها من بايع تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف (المعروف أيضًا بـ داعش)، أقوى بسبب الفراغ الأمني فتسببت في انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان، منها عمليات إعدام جماعية لمواطنين أجانب، وتنفيذ عقوبات عامة شملت عمليات قتل خارج نطاق القضاء، والجلد، وبتر الأطراف. كما أعلنت مجموعات متطرفة مسلحة مسؤوليتها عن هجمات واسعة النطاق تسببت في قتل مدنيين، مثل الهجوم الذي استهدف فندق كورنثيا في طرابلس. وفي 23 مارس/آذار الماضي، بعثت هيومن رايتس ووتش برسالة إلى وزير العدل في الحكومة الليبية المعترف بها دوليًا تطرقت فيها إلى أوجه القصور في قانون مكافحة الإرهاب، وأوصت بإدخال تغييرات لإصلاحها وجعل القانون يتماشى مع التزامات ليبيا تجاه المعاهدات الدولية. وفي اجتماع بتاريخ 14 أبريل/نيسان، قالت نائبة وزير العدل لـ هيومن رايتس ووتش إنها قدمت الرسالة إلى مجلس النواب ليقوم بمراجعتها.
ومن بواعث القلق التي عبرت عنها هيومن رايتس ووتش:
- العقوبات القاسية التي تصل إلى السجن المؤبد بسبب أعمال غير معرّفة بشكل جيّد "تهدد الوحدة الوطنية"، دون الضلوع في أعمال عنف. قد يتم استخدام مثل هذه الأحكام لمحاكمة حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات على أنها "أعمال عدائية" بموجب القانون الجديد.
- التعريف الفضفاض لمفهوم "الأعمال الإرهابية"، وهو ما يثير مخاوف من أن يستخدم المدعون العامون القانون لتهديد الحق في التجمع وتكوين الجمعيات، بما في ذلك المشاركة في الاحتجاجات السلمية.
- فرض عقوبة السجن المؤبد على من يؤسس أو يقود "منظمة إرهابية"، والسجن لمدة عشر سنوات مع الأشغال الشاقة لمن ينتمي إلى "منظمة إرهابية"، دون التأكيد على وجود لأدلة على ارتكاب عنف.
- وجود أحكام تسمح بمحاكمة شخص ما بقانون الإرهاب بسبب ارتكاب أي عمل إجرامي عادي، مثل الجنح التي تعتبر جرائم صغيرة،
- السماح للمحكمة بتقييد حرية تنقل الأشخاص بموجب القانون لأنهم مارسوا حقهم في حرية التعبير أو أي حقوق أخرى.
وينصّ القانون الدولي على أن تكون القيود التي تُفرض على حقوق الإنسان خاضعة لمبادئ الشرعية والضرورة والتناسب. ويجب أن تكون هذه القيود مشروطة بما تقتضيه ضرورات الوضع، وأن لن يتم أي انتقاص من الحقوق إلا في حالات الطوارئ التي تهدد الأمة، وأن يكون ذلك بشكل استثنائي ومؤقت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق